خان العسل
عبد الله زنجير /سوريا
حياتنا كالدفاتر البيضاء ، تلونها أصبغة .. الزمن
خان العسل ، البلدة الوثيقة الوديعة المنتمية لجبل سمعان جنوب غرب حلب ( صارت أحدث ضواحيها ) ! عرفناها ترقب طريق الشام و إذ بها ترقب طريق الحرية ، قامت تقول للنخاس ( لا ) ودعته بتلويحة قدميها . لكنه فخخ أنهار العسل و اللبن بالبكاء و الدم الأحمر ، شجار علا على أشجار السرو و الصنوبر ، حتى غابة الصداقة السورية الصينية ( 12 دونم افتتحت في 2 / 2 / 2012 م ) تجدها تحدق في أثوابها الممزقة
مطلع سنة 1973 م أخذونا إلى هناك ، ننتظر أبي و أمي العائدين من رحلة الحج - كعادة الحلبيين - أقاموا لأمي في بيتنا ( قرنة ) كالعرش المتوشح بالأضواء ، أجلستني يمينها و على شمالها أجلست أختي آخر العنقود . فرحنا بالهدايا الحلوة ، و منها دمية تلفاز نشاهد منها صور الحرمين الحبيبين .. آآآآه كيف تصبح الذكريات مجرد صدى داخل دهاليز تنهار ، قبل أيام فقط أحرقوا منزلنا في سيف الدولة ، شعرت أن أحلامي برؤيته تذبح ذبحا
انتشرت المزارع العائلية و المساكن الراقية في هشيم خان العسل أواسط الثمانينيات ، تماما كانتشار مظاهراتها السلمية و الحضارية و الشريفة ( انظروا على اليوتيوب مظاهرات جامع يوسف و جمعة كذا و جمعة كذا ) .. اختزن النخاس حقده الدفين و أرسل ما نراه ، طيران الميغ يقصف بالجملة كل شيء ، وكذلك المدفعية الثقيلة ، قصفوا حتى مدرسة الشرطة
في غارة 20 / 7 / 2012 م استشهد جمال كسحة و جمعة قرنفل و حسين حايك و عبد الناصر بركات و مضر عكوش
في قصف 4 / 8 / 2012 م قتلوا الشهيدة أمينة صنديل ، و زياد صنديل - 13 سنة - و مصطفى العمر و طفل بعمر السنة الواحدة ، لم أعثر على اسمه
في غارة 31 / 8 / 2012 م استشهد الطفل محمد رياض ناصر - 8 سنوات - كان يحتفل قبلها بعيد ميلاده ، آخر احتفال
في قصف 9 / 9 / 2012 م استشهد صلاح البني ، و البطل المجند المنشق من درعا ( حسين مبارك ) تعظيم سلام لحوران الغالية و تضحياتها الخالدة
في غارة 25 / 9 / 2012 م قتلوا الطفلة ليالي زعرور - 4 سنوات - و قتلوا محمود البدوي و قتلوا و قتلوا
في قصف 16 / 10 / 2012 م استشهد الطفل عبدو وراق - 12 سنة - و استشهد و استشهد
قريبا جدا ، يعود العسل إلى خانه .. قريبا جدا ، يطلق سراحك سورية