نفاق وطني ..وقومي ..وديني
علاء الدين العرابي
عضو رابطة الإسلام العالمية
قد يقول قائل نفهم النفاق الديني .. وهو أن يظهر أحد الإيمان ويبطن الكفر ، فماذا يعني النفاق الوطني ، والنفاق القومي ؟ ..
النفاق الوطني هو أن يدعي أحد الوطنية وهو يهدم الوطن .. والنفاق القومي أن يدعي أحد الانتماء لقومه وهو يتبرأ منهم ، أو يستعدي عليهم غيرهم
من النفاق الوطني أن يغلب البعض مصلحته الشخصية على مصلحة الوطن ، أو أن يتجسس على وطنه لصالح أعداءه ، أو يبيع أخيه في الوطن إلى عدو يتجهمه لأنه يكرهه ، أو يثأر من أخيه ويستعدي عليه عدوه على جرم قد لا يكون قد ارتكبه
النفاق بصفة عامة أن تعتقد شيئا وتفعل ما يناقضه ، ومن مظاهره الكذب والخلف في الوعد والخيانة كم جاء في الحديث الشريف " آية المنافق ثلاثة ، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان "
أسوق هنا بعض نماذج من المشهد السياسي اعتبرها نفاقا واترك للقارئ الكريم تصنيفها حسب أنواع النفاق التي يحملها العنوان ..
· دعوات الدكتور البرادعي لأمريكا والغرب بالتدخل في الشأن الداخلي المصري واستعداء الغرب على بني وطنه
· إستقواء المستشار الزند بالرئيس الأمريكي في نداء صريح بقوله : إن كنت لا تعلم بما يجري في مصر فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم
· دعا الكاتب اليساري على سالم في مقال له نشر بجريدة الشرق الأوسط اللندنية بعنوان " من مواطن مصري إلى جلالة ملكة إنجلترا " قال نصا : " أرجوك يا مولاتي.. أرسلي قواتك لتحتل مصر وتحكمها، فأنا على يقين أن قوات الاحتلال سترغم كل المسئولين في مصر على احترام حياة البشر. لقد فشلنا في إدارة الحياة في بلدنا يا مولاتي " تفكري جلالتكم ومؤسساتكم السياسية في طلبي هذا بوصفه صرخة استغاثة من غريق تحتم الإنسانية أن تخفوا لإنقاذه، بحق العيش والملح القديم. "
· جلس أحد أعضاء حزب أحمد شفيق وهو مسلم يدعى محمد أبو حامد في جلسة إعلامية مع مسيحيين وحتى يجاملهم لنيل رضاهم من أجل أصواتهم الانتخابية قال ما يلي نصا : " الألفاظ الموجودة في القرآن الكريم نزلت منذ 14.. سنة، وكانت تخاطب عقول وثقافات قادرة على التعامل مع تلك الألفاظ، وفي حالة التلفظ بأحد تلك الألفاظ، واكتشفنا أنها تؤدي لأذى الغير فعلينا التخلي عنها، ولابد من استخدام الألفاظ التي تنادي بالبر في القرآن الكريم وليس من البر أن تخاطب من تختلف معه بألفاظ تؤذيه "
وأرجو أن يحال هذا الكلام إلى علماء الأزهر كي يصدروا حكمهم على قائله ، ونحن هنا نسأل : هل يمكننا أن نلغي الآية " لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" [المائدة 17وهي تثبت حقيقة يقررها الله مجاملة لإخواننا النصارى ؟ .. هل يجوز لنا ونحن نتعبد لله بقراءة القرآن أن نتخطى الآيات التي تخص النصارى ؟ .. وهل نوجه حفظة القرآن أن يتخطوا آية ما ، أو نقول لأئمة المساجد لا تصلوا بهذه الآية حرصا على مشاعر النصارى ؟.. ننوه هنا إلى أن هذا الشخص لا يترك احتفالية للنصارى إلا ويكون في مقدمتها بل وينحني ويقبل الأيادي ، ونخشي أن يقبل الأحذية بعد ذلك
· جاء في حوار الكاتب محمد حسنين هيكل يوم الخميس 1./1 /2.13 مع الإعلامية لميس الحديدي وهو يتناول الآية " كنتم خير أمة أخرجت للناس " قال : وماذا عن اليابان والصين ؟.. وكأنه يريد أن يقول أن المسلمين ليسوا خير أمة بل هناك من هم خير منهم ، ونسى هيكل هنا أن الخيرية هنا لا تعني التقدم المادي ، ولا أدري ما حكم ذلك ؟ فهو يكاد يرد حكم قرره الله سبحانه وتعالى مفاده أن أمة الإسلام هم خير الأمم
هذه بعض النماذج التي اعتبرتها نفاقا من نوع ما والتي كشفتها الثورة المصرية ، وهذه إحدى انجازاتها العظيمة ، ففي كل يوم تكشف الثورة الأقنعة عن نماذج من المنافقين الذين كانوا ضمن منظومة النظام السابق يحاربون بسيفه ويتنعمون بذهبه المسروق ، ثم نكتشف فجأة أنهم من مفجري الثورة
ودائما يبني المنافقون لهم وكرا يتجمعون فيه كي يطلقون منه مؤامراتهم على الدين أو الوطن أو الأمة ، كما فعل المنافقون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، عندما بنو في المدينة مسجد الضرار وكان هدفهم أن يكون قلعة لمحاربة الله ورسوله ، وتفريق المؤمنين ، فأخبر الله رسوله فبعث من يهدمه
" وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَذِبُونَ " التوبة: 1.7
والآن يتخذ المنافقون في مصر من أوكار الإعلام الضال منابر لتنفيذ مؤامراتهم على الثورة المصرية ، وعلى الشعب المصري ، والعجيب في الأمر أن هؤلاء يدعون أنهم هم المصلحون ، وأنهم لا يريدون إلا الحسنى ، وهذا هو حال المنافقين دائما " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12 ) البقرة