مدينة الرملة في القلب ..!
كي نتذكر ولا ننسى ...
شاكر فريد حسن
مضى65 عاماً على نكبة شعبنا الفلسطيني ، ولا تزال بكل تجلياتها وصورها ماثلة أمام كل المشردين والمهجرين الفلسطينيين، والباقين في ارضهم ووطنهم ، ولم يحدث أي تغيير أو تقدم نحو عودتهم الى ديارهم وقراهم ومدنهم ، التي هجروا منها ، بل تتوالى النكبات ويتشرد اللاجئون الفلسطينيون من جديد من خيامهم السود ، خيام القهر والعذاب والشقاء والألم .
وفي ذكرى النكبة ، التي يحييها شعبنا في كل عام ، حري بالمثقفين والمؤرخين والباحثين الفلسطينيين تدوين وتسجيل وتوثيق تاريخ ومعالم وآثار مدننا وقرانا الفلسطينية المهجرة ونقلها للأجيال الجديدة، والتعريف بها ، حفاظاً وصوناً للرواية الفلسطينية الشفوية والتاريخ الفلسطيني ، الذي تحاول المؤسسة الصهيونية تزييفه وتشويهه وتزويره .
وفي هذه العجالة سأتحدث عن مدينة الرملة ، عبق التاريخ والحضارة ،التي تعني للفلسطينيين معنى ورمز لمأساة النكبة، وحق العودة الذي لن يسقط أبداً.
تعتبر الرملة من أقدم واعرق المدن الفلسطينية التاريخية ، سميت بهذا الأسم نسبة للرمال ، التي كانت تحيطها من كل جانب . أسسها الخليفة الأموي سليمان بنى عبد الملك ، وشكلت بعد تأسيسها موقعاً استراتيجياً ، وقد ازدهرت فيها الحركة العلمية والثقافية ، التي ساهم فيها رهط من ابنائها ومثقفيها.
ومن أشهر اثارها قصر سليمان بن عبد الملك ، الذي تحول الى حديقة للبلدية ، وكنيسة مار يوحنا المعمدان ، التي حولت الى مسجد في زمن السلطان العثماني محمد رشاد ، والجامع الأبيض (جامع النبي صالح) الواقع في البلد القديم ، الذي يعود بناؤه الى العهد الاموي في فلسطين ، وأمر ببنائه الخليفة عمر بن عبد العزيز سنة 720هجرية ولم يبق منه سوى مئذنته الكبيرة . بالاضافة الى بركة العنزية ، التي يعود تاريخها الى سنة 172هجرية ، ويقال انها بركة الخيزران ، التي شيدتها زوجة المهدي ، وكذلك ضريح الفضل بن العباس ، وقبر بنت جعفر السنداوي .
اما أبرز مساجدها وجوامعها على مر العصور والأزمان فهي : جامع حذيقة ابن اليمامة بحي النصارى ، وجامع المغاربة، وجامع العمري، ومسجد الرملة / جامع الزيتون، والجامع الكبير .
ومن الرملة ومعطفها خرج العديد من المثقفين والمفكرين والمبدعين ، ومن ابرز الشخصيات الثقافية التي ولدت وعاشت فيها :كشاجم الرملي ، وأبو حسن التهامي،وابن رسلان الرملي، وسليمان التاجي، وعبد الرحمن الكيالي ،وعيسى السفري ، ويوسف الغصين ، والشاعرة سهام داود صاحبة ديوان "هكذا اغني" وغيرهم الكثيرون .
واخيراً ، تبقى الرملة شاهداً على النكبة ، وخالدة في الذاكرة والوجدان وصفحات التاريخ الفلسطيني ، ولن يستطيع الزمن محوها أو اقتلاعها من عقل وخيال وقلب الفلسطينيين في كل مكان ،وكل زمان .