شنطة بسبعين ألف ريال!
شنطة بسبعين ألف ريال!
عابدة فضيل المؤيد العظم
سألت امرأة بالغة الثراء: "هل يجوز لي شراء شنطة نسائية بسبعين ألف ريال؟".
قلت: "لا يجوز!"
قالت: "كيف؟! لقد أعطاني الله من فضله والله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وأنا أزكي وأتصدق، ومعي فضل كبير من المال".
قلت: "نعم الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وما دمت تزكين وتتصدقين وتملكين المال الفائض فإنه يجوز لك التمتع به، ولكن بلا إسراف ولا تبذير.
وشراء شنطة بمبلغ كهذا هو الإسراف والتبذير الذي نهى عنه القرآن، فأنت تشترين الشنطة بهذا الثمن لأنها موضة، وبعد مدة ستسأمين منها وسترمينها، وتشترين غيرها، فمن سيأخذها منك؟
الفقيرة لا حاجة لها بها، والغنية لن تأخذها منك وستأنف من حملها وقد ذهبت موضتها، فماذا ستفعلين بها؟ ستبقى بلا فائدة، ولن تباع ولن تهدى، وسيضيع ثمنها هدراً.
وهذه الناحية الأولى لكن الموضوع أعمق من هذا بكثير! فأنت لا تدفعين الثمن الحقيقي للسلعة، وتشترين من قوم ليسوا على ملة الإسلام".
قالت: "وما الضير؟ ألم يكن أغنياء الصحابة يشترون السلع الغالية من الروم والفرس ومن حولهم، ولا يجدون غضاضة من ذلك؟".
قلت: لا يجوز لأسباب:
"لم تكن الهجمة على الإسلام كما هي الآن، واليوم كل شيء نشتريه من طرفهم سيقوي اقتصادهم، وقد ينقلب ضدنا.
وقديماً كنا نشتري السلعة من بلادهم فندفع ثمن السلعة الحقيقي مضافاً إليه نذر من الربح قد يقل وقد يكثر، مثلاً حين كنا نشري شنطة منهم كنا ندفع ثمن الجلد الذي صنعت منه الشنطة، وثمن اليد العاملة التي اشتغلت بها، وثمن نقلها من بلد المنشأ إلى بلدنا، ولكننا بتنا اليوم ندفع إضافة إلى هذا ثمن التصميم وثمن الدعاية والإعلان، وهذان الأمران رفعا سعر الشنطة رفعاً جنونياً.
إنك حين تشترين الشنطة، لا تدفعين ثمنها الحقيقي، بل تدفعين أضعافاً مضاعفة. وأنت لا تدفعين فقط لمن اشتغل في صنع الشنطة ولا تدفعين للتاجر وللناقل فهذه الأجور منطقية وإجبارية، بل تدفعين رسوم الإعلان عنها سواء في التلفزيون والمجلات، وتدفعين للمصمم العالمي الذي ابتدع الموديل، وهؤلاء أجورهم خيالية... وليس لأنهم مبدعون حقاً! بل لأنهم عُرفوا واشتهروا، وزاد الطلب عليهم!
وأنت حين تشترين هذه الشنطة تدفعين من مالك أجر تلك الغانية التي أعلنت عن سلعة راقية كهذه، وإنك تشجعينها لتظهر في التلفزيون ولتغري الشباب، ولتتعرى ولتخالف ما أمر به الله.
وفوق هذا أنت تساهمين في فجور وفسوق أمثال هؤلاء، فتلك الصبية التي أعلنت عن ماركة الشنطة، وذلك الرجل الأجنبي صاحب الدار الذي صمم الموديل، ما هما فاعلان بالمال؟ هل سيتصدقون به؟ هل سينفقونه في طاعة الله؟ أكثرهم –كما نسمع- ينفقه على الفسق والفجور. اقرئي سيرهم (فهي معروفة مكشوفة) وسترين الفضائح، خمور وقمار ونساء... فهل ترضين المساهمة بمالك مع أمثال هذا؟
وإن "الشنطة الباهظة الثمن" هي التي ساقني لكتابة ما كتبته، على أن لي هدفاً آخر! فالكلام ينطبق على منتجات كثيرة، وإذا كانت المرأة الثرية لا ينبغي لها شراء شراء شنطة غالية، فإن عامة النساء لا يجوز لهن شراء العطور والمساحيق وكل الأشياء الكمالية الباهظة الثمن... فأسباب المنع نفسها تنطبق عليها.
انظري إلى منتجاتهم ألا ترينها كمالية وفيها تشجيع على البذخ والسرف؟ انظري إلى تصاميهم للملابس ألا ترين فيها التكشف والعري؟ هل ترضين بأن تقوي فاسقاً أو كافراً على المجاهرة بالمعصية؟ هل تقبلين بأن تعيني إنساناً على الفسق والفجور؟.