جربناكم... وعرفناكم
أحمد الجمّال الحموي
نعم جربناكم وعرفناكم حق المعرفة, لكنكم لم تجربونا ولم تعرفونا وإنما خضوعاً للهوى عاديتمونا عداوة الجهل والباطل لوجه الشيطان لا لوجه الرحمن.
لقد صدق من قال عدو عاقل خير من صديق جاهل,فكيف بمن يواجه عدواً ظاهر العداوة وجاهلاً مغرقاً في الجهل والجهالة والضلاله, وهو مع هذا وذاك حاقد لئيم لايقيم للحق ولا للمنطق وزناً ولايعرف لهما قدراً ولا مقدراً, ثم زاد على تلك النقائص والرذائل رذيلة أخرى تعادل في خطورتها جميع مامرّ؛ ألا وهي الكذب, فيا أيها العقلاء أخبرونا ما العمل؟, وهل لهذا المريض من دواء,ولأمراضه من شفاء؟, ولبئس من اجتمعت فيه هذه النقائص, وهل من سبيل إلى محاورته والتفاهم معه؟ أم أن هذا ضرب من المحال والخيال؟
وإلا كيف نفسر هذه الحملة المسعورة التي يشنها (بعض) العلمانيين (وبعض) الاشتراكيين (وبعض) الناصريين والقوميين على الإسلاميين مع منح الاخوان المسلمين القدر الأكبر من سخائم نفوسهم, وبذاءة لغتهم, حتى إنهم وبطيش معهود منهم ما إن ترتكب جريمة في اي مكان إلا ويسرعون إلى إتهام الاخوان والإسلاميين بها, وأقرب مثال على هذا توجيه الإتهام لحزب النهضة التونسي بقتل المعارض التونسي شكري بلعيد قبل أن يجف دمه, ودون أي تحقيق أو تدقيق, لكن لم يمض سوى وقت يسير حتى تبين بطلان هذا الاتهام وفساده.
وكذلك لايرى أولئك من خلل حتى لوكان في الأرجنتين,إلا وتنهال أقلامهم المسمومة , وألسنتهم القذرة على الإسلاميين زاعمين أنهم هم الذين أحدثوه,ولربما كان هذا الخلل موجوداً قبل أن تؤسس جماعة الإخوان, بل قبل أن يخلق مؤسسها رحمه الله تعالى.
ومن الإفتراءات ذلك الزعم الذي تردده تلك العصابة بأن الإخوان يسيطرون على مؤسسات المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضه , ومع أنه من حق الاسلاميين أن يكونوا أكثرية في هذين التشكيلين لانهم أكثرية على الأرض, غير أن الواقع في تلك المؤسسات عكس هذا الافتراء, يعرف هذا من اطلع على أعداد الإخوان في المجلس الوطني والائتلاف وآلية اتخاذ القرار فيهما,ولا شك أنه سيقف حينئذ على مدى الكذب والتزوير في هذا الاتهام.
إن ما يأخذه الحاقدون على الإسلاميين مجموعة اتهامات باطلة وحزمة من الأكاذيب المفضوحة, وتكمن المصيبة في أنهم يعلمون أنهم يكذبون لكنهم لا يرتدعون, ولا غرابة فهم الذين يصنعون مادة الكذب ويسوقونها فكيف لا يعرفون أنهم يكذبون ولقد حق عليهم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (إذا لم تستح فاصنع ماشئت).
لقد ملأ فريق المعادين للإسلاميين الدنيا صراخاً وعويلاً خوفاً على الديمقراطية أن يغتالها الإسلاميون, وكانوا كلما أعلن الإسلاميون قبولهم بها كذبوهم زاعمين أن هذا القبول خدعة. وكأن الله تعالى أظهرهم على الغيب, وأطلعهم على خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ثم أثبت الإسلاميون عملياً قبولهم بالديمقراطية وصعق ادعياء الديمقراطية عندما كشفت صناديق الاقتراع مكانتهم وحجمهم عند الشعوب, فلم يلبثوا أن كفروا بالديمقراطية وبصناديقها, وعرف الناس وقتها أن هؤلاء لايعترفون بالديمقراطية ولايقبلون نتائجها إلا إذا رفعتهم إلى سدة الحكم, وألقت بالإسلاميين في ظلمات السجون,وإلا فلتذهب الديمقراطية إلى الجحيم, ولا نصيب لها حينئذ إلا أن تداس بالدبابات والأقدام.
وهل ينسى الناس كيف انقلب رجال العصابة المعادية للإسلاميين على الديمقراطية وحاربوها عندما خيبت ظنونهم ولم تأت بما تشتهيه أنفسهم كما حدث في الجزائر,وفي فلسطين,وكما يحدث في مصر الآن وفي أماكن أخرى من بلاد العرب والمسلمين.
لقد جربنا وجربت شعوبنا تلك المجموعات المفترية على الإسلاميين ورأى الناس النتائج وماحل بالأمة من كوارث, إذ ما من فئة من تلك الفئات أو المجموعات الا اغتصبت الحكم بالقوة وصادرته في دولة من دولنا مدة من الزمان. فعاشت شعوبنا في ظلالهم غير الوارفة سنين عجافاً.معالمها البارزة وانجازاتها الثورية التفرد بالحكم وذلك بتزوير الانتخابات والاستفتاءات المعروفة النتائج قبل إجرائها, ومن معالمها الاستبداد والقهر وتكميم الأفواه ودوس الكرامات والمقدسات, والفقر والبطالة وسرقة المليارات مع الهزائم المذلة المتلاحقة وتدمير الأوطان وبيعها وخيانتها. ولو كان عند هؤلاء ذرة من حياء لكان الصمت أجمل بهم وأحرى.
خبروني من ذا الذي كان يستطيع أن يتنفس أو يهمس بمعارضة فضلاً عن أن يرفع صوته بها أيام حكم جمال عبد الناصر,وهواري بومدين,وحافظ أسد, ومعمر القذافي,وحسني مبارك, وغير هؤلاء من رجال هذه السلسة الإجرامية التي يتحرك ذيولها وتلامذتها اليوم مناكفين الإسلاميين - بتعليمات امريكية واسرائيلية ودعم منهما , بل ومن إيران أيضا- ,حركة مدفوعة الأجر ثابتة الوزر إلا أن يتوبوا, ويقف خلفهم قوى ظاهرة وخفية وإعلام يقوم على الكذب والتدليس والإنحياز.
إنهم عبيد المصالح والأهواء أما الأوطان فهي آخر ما يفكرون به ويحرصون عليه ويعملون على خدمته, أما الإسلاميون فهم بما يحملون من فكر ومبادئ تعلي قيمة الإنسان, وتحفظ كرامته,وتحقق عزة الأوطان واستقلالها,وبما يتميزون به من أخلاق وعلى رأسها الصدق,فازوا بمحبة الناس وثقتهم وعلى الآخرين إن أرادوا الفوز في صناديق الاقتراع وكسب ثقة الناس ومحبتهم أن يسلكوا سبيل المؤمنين لا ان يشهروا سلاح العداوة النابع من الغيرة مع اعتماد الكذب والتزوير, ولعمر الحق ان الهجوم على الإسلاميين يضر المهاجمين ولا ينفعهم ويضر الأوطان قبل أن يضر الاسلاميين زيادة على أنه باطل وزور لا يقوم على اساس.
والآن أوجه عدة أسئلة مهمة إلى مجموعات تلك الفئات المعادية التي احترفت الهجوم على الإسلاميين:
1- أين ومتى حكم الإسلاميون ففرضوا الشريعة على الناس فرضاَ وأرغموهم عليها إرغاماً؟
2- وأين ومتى حكم الاسلاميون فذبحوا الأقليات أو اضطهدوها وسلبوها حقوقها؟
3- وأين ومتى حكم الاسلاميون فنصبوا المشانق وأعدموا الأحرار والمفكرين؟
4- وأين ومتى حكم الاسلاميون فملؤوا السجون حتى ضاقت بالنزلاء وقتلوا الآلاف تحت التعذيب؟
ويعرف الناس إلا المكابر ان الذي حدث هو أن المعادين للإسلاميين هم الذين مارسوا القتل والتشريد والإقصاء على الإسلامين, وإننا لن نذيق الآخرين ما أذاقونا من عسف وجور وما اكتوينا به من ظلم وقهر تنوء الجبال بحمله.
مسكينة شعوبنا فقد جاهدت وبذلت حتى طردت جيوش الاستعمار لكن المستعمرين بخبثهم ودهائهم لم يتركوا أمتنا وشأنها بل عملوا وتآمروا في الليل والنهار لفرض حكام يقومون بدور المستعمر وزياده وأعدوا بعض أبنائنا ليطعنوا الأمة في ظهرها وقلبها نيابة عنهم وعن جيوشهم...
وأخيراً فإن حبل الكذب قصير, وتافه من يبيع دينه وضميره من أجل عرض من الدنيا قليل, أو مصالح شخصية ضيقه.
ويالله ما أصعب مداواة النفوس الطامعة المريضة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم, والحمدلله رب العالمين.
أحمد الجمّال الحموي
نائب رئيس جمعية علماء حماة سابقاً
عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام
عضو مؤسس في رابطة العلماء المسلمين
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.