الثورات وزخرف القول..!
محمد السيد
قال تعالى: ((وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)) الأنعام: 116
إن كلماتهم المرتجفة المرجفة، تحاول احتلال المكان، هؤلاء هم المتعالون العلمانيون المتفيقهون، ومع ذلك فهم طامحون إلى ابتلاع منجزات الثوار، بدسهم على الأمة شعارات ومصطلحات، لا تفيد إلا في الدمار والهدم، وإلا في احتكار التبعية للأغيار، في حين أن ادعاءهم الحرص على مستقبل الأمة عريض لا يبارى، مع أن الله جلت قدرته بين للأمة أن في التبعية الهلاك والضلالة إذ قال: ((وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)). وقد حاول هؤلاء الاتباعيون المقلدون الافتراء على الحراك الإسلامي بشتى المفتريات، ومنها قولهم:
1_ إن الهدف الوحيد للحراك الإسلامي، هو الوصول إلى السلطة، وهو في سبيل ذلك يقيم التحالفات مع الغرب وغيره للوصول إلى الهدف، ومن ثم ركوب موجة الثورات مع أنهم لم يكونوا فاعلين فيها.
2_ وإنه يجب على الحركة الإسلامية _كي تكون مقبولة_ أن تنسى غايتها المتمثلة بالمرجعية الإسلامية لأي دولة تقوم في أرضنا، وأن تنتمي إلى الدولة المدنية (التي لغموها بألغام نسف الإسلام).
3_ وعلى هذا الحراك أن يقدم ضمانات لأقواله حول الدولة المدنية والديمقراطية وتداول السلطة. وهذا فضلاً عن الكثير من المفتريات المريبة على الثورات والحراك الإسلامي، التي يدير رحى دعايتها هؤلاء الموصوفون بالتبعية للغير، حيث في السطور الآتية سوف نتتبع خطل أهم ترهاتهم فنقول:
أ_ بشأن الهدف: إن محاولة أي فئة للوصول إلى الحكم لتطبيق برامجها وإقناع الناس بها ليست تهمة، فكل حزب أو هيئة لم يقم في هذا العالم إلا من أجل ذلك، للوصول إلى تنفيذ برنامجه ووضع هدفه موضع التنفيذ وإلا كان وجوده عبثاً وعالة، فما بال هؤلاء العلمانيين والليبراليين واليساريين يعيبون على الحركة الإسلامية المعاصرة سعيها إلى مراكز النفوذ أو الحكم، ولا يعيبون على أنفسهم هذا السعي؟ ثم ما بالهم يغيرون على الحقيقة القائلة بأن الحركة الإسلامية كانت مكوناً رئيسياً في الثورات، وقد اعترف القاصي والداني بذلك؟ وكان الإسلاميون الداعين الرئيسيين إلى توعية الناس بخطر أهداف الغرب ومناوراته، وليس كما يقول هؤلاء المتخرصون بأن الإسلاميين يتحالفون مع الغرب من أجل الوصول إلى الحكم ((سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)) العنكبوت: 4
إننا أمة عربية إسلامية مثلنا مثل كل الأمم، حيث السبيل القويم يقول: إنه يجب أن يكون الإسلام بثقافته وحضارته وتراثه العظيم أساساً لا نختلف عليه، وحينئذٍ يكمن اختلافنا حول الوسائل والآليات والفهم والمناط الذي تنزل عليه الوقائع.
ب_ أما بشأن الدولة المدنية التي يدعوننا إليها، وهي لا طعم لها ولا لوناً ولا رائحة، فإننا نقول لهم منذ اللحظة: إن تلك الدولة الخاوية من كل مرجعية، هي دولة فاشلة مخالفة للمتعارف عليه عالمياً في أساسات الدول ومبادئها وقيامها على فكر محدد وشروط ورؤى مسبقة، وأمامنا شواهد من أعتى ديمقراطيات العالم، التي يدعو العلمانيون والليبراليون الجدد لجعلها قدوتنا، فها هي دساتير تلك الديموقراطيات (البريطانية والأمريكية واليونانية والإسبانية والدانماركية والسويدية) تنص على أن الرأسمالية مكونها الأساسي، وعلى أن يكون الرئيس أو الملك من مذهب الأكثرية بغض النظر عن أديان الأقليات ومذاهبهم من نفس الدين كانوا أم من الأديان الأخرى. ولم نسمع أن أحداً من تلك البلدان اعترض أو أقام ضجة احتجاجاً على هضم حق الأقلية كما يجري افتعال ذلك في بلادنا اليوم..!! إنهم يغطون عداءهم للإسلام وحتى للأمة بتلك اللافتات المتعفنة الآسنة، التي لا تملك أي حق ولا منطق ولا عقل يزين أقوالها التي تقضي بفرض (أجندات) الأقلية على الأكثرية.
ج_ وأما طلبهم من الحركة الإسلامية أن تقدم ضمانات مسبقة لتوجهها باتجاه الدولة المدنية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، فإننا نقول لهم:
1_ إن مسمى الدولة المدنيةهو اختراع الليبراليين الجدد، فلم يسبق لأي سياق سياسي غربي أو شرقي أن ذكر أو تداول هذا المصطلح، وهو في حقيقته وأساساته مصطلح يخبئون خلفه العداء لدين الله ودعاته وثقافة 90% من شعوبه، مع أن الإسلاميين يقرون بالدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية.
2_ إن الذي يطلب منه تقديم الضمانات هم هؤلاء المتخرصون، وليس الحركة الإسلامية، فهم استمروا بديكتاتوريتهم العلمانية يديرون البلاد منذ قرن من الزمان، فلم يعطوا أحداً حرية ولا سمحوا برأي حر، ولا أظهروا حرصاً على حقوق الإنسان، بل كانت عهودهم مزدحمة بالظلم والقهر والكبت والقتل والسجون، أما الإسلاميون فلم يجربوا حتى اليوم في الحكم، وهم ينادون بكل مبادئ الحرية، بل يعدونها فريضة. تُرى فمن الذي يُطلب منه الضمانات؟ الذي جرب وفرط وطغى وبغى من قبل، أم الذي كان مظلوماً مقهوراً؟! ((أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ)) الأنعام: 80
إن الحق أبلج وهو ينتظر فجر الثورات وينبذ زخرف القول: ((إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا(6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا(7))) المعارج، كما ينبذ الذين ((يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا)) الأنعام: 112