هل يحتفظ الإبراهيمي بحياده..
مع احتجاجه على الجامعة العربية للاعتراف بالثوار...؟!
زهير سالم*
مع إدراك قوى المعارضة والثورة السورية منذ الأيام الأولى لتولي الأخضر الإبراهيمي مهمته أن الرجل يتولى مهمة عقيما ، وأنه سينفخ في رماد ، ويضرب في حديد بارد ؛ فقد قرر الجميع أن يكلوا الرجل إلى نفسه ، وأن يعطوه فرصته ، وأن يميزوا بين المهمة وصاحبها فيبادروا إلى إعلان احترامهم للرجل ونعيهم للمهمة الميتة ، ودعوته دائما إلى أن ينفض يده منها ..
وفي الأيام الأولى لتولي الرجل المهمة أعلن كلاما طيبا حين قال إنه سيضع مصلحة شعب سورية فقط نصب عينيه . ثم عطف على ذلك أنه لإنجاح مهمته سيقف على مسافة واحدة من الجميع . ونسي الدبلوماسي الحكيم أن أي شخص يختار الوقوف على مسافة واحدة من الضحية والجلاد ، يفقد حياديتيه ومصداقيته ويسقط أخلاقيا وسياسيا ودبلوماسيا ؛ لأنه حين يختار هذا الموقف سيكون عمليا قد انحاز إلى الجلاد .
لقد أغضت المعارضة السياسية طويلا على تصرفات وتصريحات السيد الإبراهيمي . كانت تراقب بصمت الدبلوماسي الحكيم وهو يؤدي مهمته على إيقاع من تقاسيم صغار الأتباع في جوقة الأسد في غدوه ورواحه وينزل على شروطهم حتى في اختيار مساعديه ومرافقيه ونوابه . حتى بلغت به الحالة أن يزور سورية دون أن يسمح له باصطحاب مساعده السيد القدوة ، أو دون أن يجرؤ على التصريح إن كان سيحظى بشرف مقابلة الأسد أو لا . بل لقد اضطر تحت وطأة هجمة الابتزاز والاستنزاف من إعلام هذه العصابة أن يعلن اعتذرا مقيتا عن تصريح أدلى به في إحدى مقابلاته . ولم يستشعر الدبلوماسي الحكيم وهو يسترضي القاتل باعتذاره أنه يدفع بهذا الاعتذار من حساب مصداقيته وحياديته .
وعلى مدى عشرة أشهر تقريبا هي عمر مهمة الإبراهيمي ارتفعت أصوات الناصحين من سوريين وغيرهم تطالبه بان يحذو حذو سلفه السيد كوفي عنان ، وأن يضع حدا لهذه المهمة الميتة التي قبل من خلالها أن يقدم غطاء سياسيا للجريمة ضد الإنسانية التي يرتكبها بشار الأسد ضد الشعب السوري ، كما يغطي في الوقت نفسه تخلي المجتمع الدولي عن تقديم أي جهد جاد لوقف هذه الجريمة . لعل الدبلوماسي الحكيم لم يستشعر قط أنه بعجزه وتردده ودورانه في الفراغ يلعب دور هذا الغطاء الازدواجي المريب . وهو لا يريد أن يرى نفسه وقد اصبح بقبوله أن يكون غطاء للجريمة شريكا فيها ...
وجاء الموقف الأخير لخطوة السيد الإبراهيمي حين أعلن غضبته على الجامعة والقمة العربية لمجرد أنها تقدمت خطوة باتجاه الشعب السوري وثورته . وحين أخذ يعمل على إحباط مسعى الجامعة العربية ودولها لتستعيد للشعب السوري مقعده في الجمعية العامة للأمم المتحدة .متمسكا بذلك بحق بشار الأسد ووكيله بشار الجعفري بممارسة الكذب والافتراء على العالم أجمع باسم الشعب السوري . معتبرا دور الجعفري هذا جزء من دوره ومن مهمته ..
وبعد كيف يمكن أن ينظر الثوار السوريون إلى دور السيد الإبراهيمي وإلى مهمته وإلى موقف المعارضة السياسية المتشاغلة عن يومها بالتطريب للآخرين عن أحاديث الغد ؟!
هل يمكن أن يعتبر تقاعس قوى المعارضة السياسية السورية عن الدفاع عن موقف القمة العربية والجامعة العربية مفهوما على أي مستوى من المستويات ؟! أوليس أقل الاعتراف بالجميل أن تبادر قوى المعارضة السورية للدفاع عن جامعة الدول العربية التي فتحت أمامها منابر القمة والجامعة وتسعى بها إلى منبر الجمعية العامة ..؟!
أليس المطلوب من المعارضة السياسية بكل مكوناتها أن تنفض يدها من الإبراهيمي ومن مهمته ومن دوره وأن تعلن غضبتها عليه بنفس الحجم الذي أعلن فيه غضبته على داعمي قرار وصول الشعب السوري إلى مقعده في الأمم المتحدة ؟!
أم ان بعض قادة المعارضة السورية يستنكرون هم أيضا أن يقطع البعض عليهم وعلى السيد الإبراهيمي طريقهم وطريقه إلى مائدة تجمعهم مع وكيل وكيل بشار ..؟!
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية