ياسمين آذار المخضب بالدم (الحلقة 13)

محمد فاروق الإمام

حافظ الأسد يطلق رصاصة الرحمة على حزب البعث

محمد فاروق الإمام

[email protected]

بعد هزيمة حزيران 1967م، طُرحت بإلحاح قضية محاكمة الضباط الذين يتحملون مسؤولية هذه الهزيمة العسكرية، وكان في مقدمتهم وزير الدفاع حافظ الأسد،

الذي أصدر قراراً بسقوط القنيطرة عاصمة الجولان قبل دخولها من قبل القوات الصهيونية..

وإصداره أمراً للقوات المسلحة بالانسحاب الكيفي من الجولان

(موقف حافظ الأسد هذا يذكرنا بموقف حسني الزعيم الذي قاد أول انقلاب عسكري في سورية عام 1949م

عندما أحس أنه سيتعرض للمساءلة القانونية تجاه الفساد التمويني وصفقات الأسلحة القديمة والمستهلكة التي أبرمها..

فقام بتنفيذ انقلابه.. وهذا ما حصل بالفعل مع حافظ الأسد عندما أحس أنه سيتعرض للمساءلة عن هذه الهزيمة

وسيدان على نتائجها المأساوية فسارع وقام بحركته الانقلابية على رفاقه).

وقد أدت هذه القضية إلى ظهور تيارين كبيرين يمثلهما كل من وزير الدفاع حافظ الأسد والأمين المساعد للحزب صلاح جديد.

الأول يحمل لواء الدفاع عن وحدة الجيش والدفاع عن الضباط المتهمين بالإهمال في تحمل مسؤولياتهم.

وقاد الأسد في وجه المعارضين والمهاجمين للجيش.. حركة واسعة بين صفوف العسكريين.

الاتجاه الثاني يقوده اللواء صلاح جديد.. وكان يستمد قوته الأساسية من تأييد الحزب له ومنظماته النقابية.

وهكذا فإن الصراعات الداخلية بين هذين التيارين طوال مدة أكثر من ثلاث سنوات تحولت بسرعة إلى صراع صريح وعلني بين الجيش والحزب.

فحافظ الأسد كوزير للدفاع استطاع أن يكسب إلى جانبه تأييد معظم الوحدات العسكرية..

في حين أن صلاح جديد قد ثبّت مواقعه في الحزب ومنظماته الجماهيرية. وقد انفجرت الحرب بين هذين الاتجاهين المحددين على هذه الصورة.

وفي المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي لحزب البعث الذي عقد في دمشق في أوائل تشرين الثاني 1970م،

اتخذ أعضاء المؤتمر المذكور جانب الأمين العام المساعد..

وأيدوا بشكل إجماعي قراراً بفصل كل من وزير الدفاع حافظ الأسد، ورئيس أركان الجيش مصطفى طلاس،

وقائد العمليات العسكرية عبد الغني إبراهيم، وقائد سلاح الطيران ناجي جميل.

ولم تتأخر ردة الفعل عند حافظ الأسد.. الذي يعد العدة لحركته.. فقد قام في 16 من الشهر نفسه..

يدعمه أنصاره العسكريون.. بحركته ضد الحزب وضد تيار صلاح جديد.

وأطلق على حركته اسم (الحركة التصحيحية). وهكذا أصبح الحزب بكل تنظيماته وقياداته على مختلف المستويات تتبع القيادة الجديدة..

حيث تم اعتقال عدد كبير من خصوم الحركة.. في حين فرَّ عدد آخر إلى خارج القطر.

صلاح الدين البيطار يستقيل من حزب البعث

العربي الاشتراكي

نشر الأستاذ صلاح الدين البيطار بعد انقلاب 23 شباط 1966م- بعد هربه من سورية ولجوئه إلى لبنان بيانا أعلن فيه انسحابه من حزب البعث العربي الاشتراكي .

نشرته صحيفة (الجريدة) البيروتية بتاريخ 10 تشرين الثاني 1967م جاء فيه:

(ليسو قلة أولئك الذين يعرفون أني ابتعدت منذ مدة غير قصيرة عن حزب البعث العربي الاشتراكي،

وعن جميع قياداته ومؤسساته ولا سيما بعد الثامن من آذار، ففي أيلول من ذلك العام وعند انعقاد مؤتمر الحزب السادس أدركت أبعاد الخطة ضد الحزب،

ضد حقيقته وأصالة تاريخه، وضد بنيته الداخلية وتنظيمه القومي،

وضد قادته الذين يمثلون قيمه، تلك الخطة التي اتخذت من رغبة عامة في تجديد الحزب سبيلا لإقامة حزب جديد..

لقد كنت أول من حذر إلى حتمية سقوط الحزب في متاهات الفكر والسياسة والتنظيم،

ولكن تحذيري لا يعني تبرئة نفسي من حملي نصيبي من المسؤولية.

لقد عدت إلى رئاسة الحكومة مرتين فيما بعد وقد كانت المحاولة الأولى عقب حوادث حماة ودمشق - قصف جامع السلطان في حماة على رؤوس المصلين،

ودخول الدبابات إلى حرم الجامع الأموي - في أيار 1964م ولم تدم أكثر من أربعة أشهر عندما طوح بالحكومة التي كنت أرأسها.

وكانت المحاولة الثانية في أواخر كانون الأول عام 1965م بعد حل اللجنة العسكرية وعقب حل القيادة القطرية،

ويومئذ توليت رئاسة الحكومة وأعلنت في بيان أذعته على الشعب ضرورة انكفاء الجيش عن المواقع السياسية وضرورة عودته إلى عسكريته،

وضرورة عودة الحزب إلى الشعب وإلى حقيقته القومية الجماهرية، غير أن الانقلاب الذي وقع في 23 شباط 1966م قضي على هذه المحاولة).

(وبعد تحليل موضوعي للأحداث التي أعقبت نكسة الثالث والعشرين من شباط ونكبة الخامس من حزيران

رأيت الواجب القومي يفرض علي أن أعلن استقلالي عن حزب البعث العربي الاشتراكي بجميع منظماته وقياداته على مختلف أشكالها و ألوانها.

إن النكبة القومية - هزيمة حزيران - لم تكشف عن عجز حزب البعث وحده، فالأحزاب والمنظمات العقائدية الأخرى لم تكن أحسن حظا).

تعميم حول قرار فصل بعض العناصر من القطر العراقي

بتاريخ 17 كانون الأول 1966م أصدرت القيادة القومية كما دونت ذلك جريدة (المناضل) بعددها 94 شباط 1977م تعميما جاء فيه:

(لم يكن الصراع الذي عاشته القواعد الحزبية مع العقلية اليمينية والوصاية مقتصرا على المنظمة الحزبية في القطر السوري،

وإنما كان يشمل غالبية المنظمات الحزبية في الوطن العربي، وإذا كانت حركة 23 شباط

والمؤتمر القطري الاستثنائي بتاريخ 10 آذار 1966م والمؤتمر القطري العادي الثالث قد حسمت هذا الصراع في منظمة القطر السوري،

فإن المؤتمر القومي التاسع قد أكد في قراراته الواضحة ضرورة وضع حد نهائي لتسلط أصحاب هذه العقلية على مستوى الحزب بأكمله،

وتحقيق الفرز العلمي لها وبترها وإلى الأبد من جسم الحزب، هذا الموقف الذي تمليه وحدة الحزب القومية الفكرية والسياسية والتنظيمية،

والذي يضع حدا نهائيا لحالة الميوعة والانقسام داخل الجهاز الحزبي الذي جعل الحزب الواحد وكأنه مجموعة أحزاب.

كما أكد المؤتمر بأن بقاء تلك العناصر بما تحمله من تناقضات ورواسب عشائرية وتخلف فكري وتسلط على المنظمة

سوف يعرض الحزب إلى التخريب والتمزق الأمر الذي يعيق تطور الحزب ويفقده القدرة على تحقيق القضية التي يناضل من أجلها.

كما أكد بأن المعركة التي خاضتها قواعد الحزب مع العقلية اليمينية خلال تاريخ طويل لن يكتب لها النصر بكامل أبعادها

ما لم تستأصل ركائز تلك العقلية التي عشعشت طويلا في جسم الحزب

وانطلاقاً من مقررات المؤتمر القومي التاسع وترسيخاً لها في ضرورة تحقيق الفرز العلمي وبتر العناصر اليمينية والعشائرية الموالية لعفلق والبيطار،

وغير الملتزمة بقرارات الحزب، فقد قررت القيادة القومية بجلستها رقم 13 المنعقدة بتاريخ 1966م إعلان فصل العناصر التالية أسماؤهم من منظمة الحزب في العراق:

(أحمد حسن البكر التكريتي، وصالح مهدي عماش، وصدام حسين التكريتي، ويحياوي التكريتي، وعبد الخالق السامرائي، وكريم الشيخلي، ومرتضى الحديثي).

القيادة القومية

يتبع