الحروب الإسرائيلية.. إلى أين؟
مأمون شحادة
ما ان اعلنت التهدئة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل بعد ثمانية أيام من القصف المتبادل بين الجانبين، حتى تسارع الجميع لإعلان الانتصار وهزيمة جيش "المتسادا" الإسرائيلي، فهل نستطيع اعتبار "إعلان التهدئة" انتصاراً للمقاومة وهزيمة لجيش شمشون؟
قبل التسرع بقراءة المشهد الإسرائيلي على اعتبار الهزيمة او الانتصار، يجب معرفة ما الذي دفع العقل التلمودي لخوض معركة حسمت للمقاومة؟
العقل الإسرائيلي والذي بنيت أطرافه على أكتاف المعادلة الغربية، بدأ منذ سنوات تنفيذ خطة أمنية لتأمين حدوده دولياً، لوضع قوات دولية على خطوط الاستنزاف مع "أعدائه"، حتى لو كلفه هزيمة وفضيحة إعلامية مزلزلة.
الا ان البوصلة الإسرائيلية بكل مقومات الرضوخ المصطنع، استطاعت توجيه مؤشرها لحشد الاستعطاف الغربي والقوات الدولية، كضمان لصيرورة حدودها، على الرغم من الإدانة الدولية للاستيطان واختلاف الرؤى الحربية.
رؤية الحرب تختلف مشاربها من مجتمع الى اخر، فالرؤية الإسرائيلية مغايرة ومختلفة عن الفلسطينية والمحيط الإقليمي بالأهداف والموازين، وكل ذلك بمحتواه الإسرائيلي القصدي استطاعت سياسة "ضرب الرأس الإسرائيلية" التخلص من احمد الجعبري، احد اكبر الرؤوس الايرانية الميدانية في قطاع غزة – كما تدعي اسرائيل-، ما يعني ان سياسة فك الأقواس للمعادلة الاقصائية الوقائية مدروسة ومعروفة النتائج.
اسرائيل باختراقها بنود اتفاق التهدئة، كما يحصل كل يوم على حدود قطاع غزة، تريد إيجاد حالة من الاستنزاف بين الجانبين لإقناع الأطراف الدولية بحتمية قدوم قوات دولية للفصل بين الجانبين، وبذلك تضمن هدوء منطقة لا تريدها أن تنفجر في لحظة مستقبلية معينة تهدد أمنها الجيوسياسي، لان هناك ما هو اكبر من ذلك؛ المحيط الإقليمي وعلى رأسه سوريا.
اما من الناحية المستقبلية، فاسرائيل تستعطف الغرب وتحشد الرأي الدولي لإقناعهم بان إيران بلغت ذروة الخطر وأصبحت تهدد امنها بتسليحها المقاومة الفلسطينية، والدليل واضح باستهداف تل أبيب والقدس والعديد من المدن الإسرائيلية بصواريخ إيرانية، في إشارة الى امتداد السلاح الإيراني خارج الحدود الإقليمية الإيرانية.
امام هذه السيناريوهات، يتضح ان إسرائيل هي الرابح الأكبر من هذه الحرب، سياسياً، بحسب ما أفرزته وقائع الدعم الغربي المادي والمعنوي الذي ما زال يتدفق بازدياد، على الرغم من المفرقعات الغربية المنددة بالاستيطان.