في ذكرى 25 يناير
في ذكرى 25 يناير
إبراهيم خليل إبراهيم
الأمن هو سياج الحماية للفرد والمجتمع والدولة .. والعدل هو منطلق الأمن والأمان ومن ثم تحقيق التقدم والتعاون والحب والإخاء .. والقرآن الكريم أورد الكثير من الآيات عن الأمن والأمان كما أكدت السنة النبوية المطهرة على الأمن وأهميته للإنسان والوطن .. ورسول الله صلى الله عليه وسلم عمل على توفير الأمن والأمان للمسلمين والدولة الإسلامية وصار على نهجه الطيب صحابته الكرام والسلف الصالح ويذكر التاريخ أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أول من عس فى عمله فكان يسير فى طرقات المدينة ليلاً يتفقد أحوال الناس .. ومن الرجالات الموكل لهم بحفظ الأمن رجال الشرطة وقد سجل التاريخ العديد من الصفحات المشرفة لهم ونذكر منها يوم الجمعة الموافق للخامس والعشرين من يناير عام 1952 ففى ذلك اليوم أقدم الاستعمار البريطانى على ارتكاب مجزرة وحشية حيث تحركت قوات بريطانية تعززها الدبابات والمدرعات والمدافع إلى شوارع الإسماعيلية ثم اتجهت إلى مبنى المحافظة للهجوم على أكثر من 850 من الجنود والضباط المصريين بثكناتهم المجاورة لمبنى محافظة الإسماعيلية .. وتمت محاصرة هؤلاء الأبطال ووجه إكسهام قائد القوات البريطانية إنذاراً إلى البطل المقدم شريف العبد ضابط الاتصال المصرى ثم طلب منه تسليم الأسلحة إلى القوات البريطانية والرحيل فوراً عن المنطقة وإلا فسوف تستخدم القوات البريطانية القوة وعلى الفور قام البطل اللواء أحمد رائف قائد البلوكات .. والبطل على حلمى وكيل المحافظة بالإتصال هاتفيا بوزير الداخلية البطل ( فؤاد سراج الدين ) وعرضا عليه الموقف فرفض الإنذار البريطانى وطالب بدفع القوة بالقوة والدفاع حتى آخر طلقة وآخر رجل وبدأت المجزرة الوحشية حيث انطلقت مدافع الميدان من عيار 25 رطلاً ومدافع السنتوريون الضخمة من عيار 100 ملليمتر تدك بقنابلها مبنى محافظة الإسماعيلية والثكنات والبلوكات وتهدمت الأبنية وسالت الدماء الطاهرة كالأنهار فأصدر إكسهام أوامره بوقف الضرب لمدة قصيرة ثم أعلن لرجال الشرطة الأبطال المحاصرين بتسليم أنفسهم وأسلحتهم وإلا سوف يستأنف الضرب .. وهنا قال له البطل نقيب شرطة مصطفى رفعت :(لن تتسلموا منا إلا جثثاً هامدة) فاندهش إكسهام ثم واصلت القوات البريطانية المذبحة وظل أبطال الشرطة صامدين حتى نفذت ذخيرتهم واستشهد 50 شهيداً وجرح 80 جريحاً وسقط من البريطانيين 13 قتيلاً وجرح 12 جريحاً هذا وقد تم أسر من بقى على قيد الحياة من رجال الشرطة ومنهم اللواء أحمد رائف وفى شهر فبراير تم الإفراج عنهم وأثناء مرورهم أمام الجنرال إكسهام أمر فصيلة بريطانية بأداء التحية العسكرية (سلام سلاح) لرجال الشرطة البواسل إعجاباً وتقديراً لبسالتهم .. ثم قال للمقدم شريف العبد :( لقد قاتل رجال الشرطة بشرف واستسلموا بشرف ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعاً ضباطاً وجنوداً ) وتقديراً لرجال الشرطة اتخذت الشرطة المصرية من يوم الخامس والعشرين من شهر يناير من كل عام عيداً لها تحتفل به ويشاركها الشعب والقيادات السياسية والشعبية.
في 25 يناير 2011 انطلقت ثورة الشعب المصرى ضد الفساد ورموزه وبدأت المظاهرات من ميدان التحرير بالقاهرة والسويس ثم امتدت إلى المحافظات الأخرى ويعد خالد سعيد البداية لثورة الغضب حيث دعمها وائل سعيد عباس غنيم ففي شهر يونيو عام 2010م أسس وائل غنيم صفحة ( كلنا خالد سعيد ) على الفيسبوك تضامناً مع الشاب المصري خالد سعيد الذي قالت عائلته والمنظمات الحقوقية إنه توفى بعد تعرضه للضرب والتعذيب على أيدي ضباط الشرطة بمدينة الإسكندرية في الشهر نفسه وانضم إلى هذه الصفحة مئات الآلاف من المتابعين وأعلن وائل غنيم في حسابه على التويتر مشاركته في مظاهرة 25 يناير 2011م ونسجل هنا أن الجيش المصري إنحاز للشعب المصري منذ إندلاع التظاهرات ثم تصاعدت الأحداث ففي 26 يناير 2011 فرضت الدولة حظر التجول في محاولة منها لقمع المظاهرات وتحدى المتظاهرون قرار حظر التجول ووقعت اشتباكات واعتقلت الشرطة نحو 500 من المتظاهرين على مدى يومين كما فرضت السلطات قيوداً على الإنترنت وحجبت مواقع للتواصل الاجتماعي كما قطعت شركات المحمول التليفونات ولم تعمل سوى التليفونات الأرضية التابعة للشركة المصرية للاتصالات وكانت جمعة الغضب يوم 28 يناير فعقب صلاة الجمعة مباشرة أطلقت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع لترهيب المتظاهرين ولكن المظاهرات خرجت من جميع المساجد ووقعت اشتباكات أسفرت عن مقتل العشرات وإصابة المئات وتم فرض حظر التجول في القاهرة والإسكندرية والسويس ثم الشرطة المصرية انسحبت تماماً من شوارع ومدن القاهرة وهاجم بعض المتظاهرين معظم أقسام الشرطة وتم إحراق مقر الحزب الوطني .. أنتفض وهب الشعب المصري في كل المحافظات المصرية وتمت معالجة الأحداث بصورة عشوائية ولم تتفهم القيادات مطالب الشعب ومعاناته ويرجع ذلك من وجهة نظري إلى دعوات المظلومين الذين يمثلون السواد الأكبر من الشعب هذا فضلا عن عدم تواصل الأجيال فالقيادات أنشغلت في التوريث وجمع الثروات والأموال وتناست شريحة كبيرة من الشعب تمثل الشباب الواعد الذي يمثل أكثر من ثلثي عدد السكان وبدلا من توجيههم لنهضة مصر تم تهميشهم وعانوا من البطالة والمخدرات والمحسوبيات والتهميش وتصحر العقول والفكر .
يوم الجمعة 11 فبراير 2011م / 8 ربيع الأول 1432 ه خرجت الملايين من الشعب المصري إلى الشوارع بالقاهرة والمحافظات والآلاف أحاطوا قصر العروبة بالقاهرة وقصر رأس التين بالإسكندرية وفى المساء كان تنحي رئيس الجمهورية وتم تحديد يوم 25 يناير يوما لثورة 25 يناير بجانب يوم الشرطة وهاهى الذكرى الثانية لثورة 25 يناير تأتينا حاملة معها ولأول مرة وجود رئيس منتخب بإرادة الشعب وهو الرئيس د. محمد مرسي وأيضا وجود دستور مصري ومنع قيادات الوطني من الترشيح للانتخابات البرلمانية وإعادة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته اللواء حبيب العادلي ومساعدوه الستة في قتل المتظاهرين هذا بالإضافة إلى إسترداد بعض الاموال المنهوبة من خيرات وثروات مصر وشعبها .. ألخ .. أيضا جاءت الذكرى الثانية لثورة 25 يناير في هذا العام 2013 م بعد ذكرى مولد خير البرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث يوافق يوم الخميس 12 ربيع الأول 1434 ه / 24 يناير 2013 م أما يوم 25 يناير فيوافق يوم الجمعة وليتنا نتخذ من تعاليمه ووصاياه وسنته النور والهداية وأيضا مراجعة النفس والوقوف معها في كشف حساب ماذا قدمنا لأنفسنا ووطننا وماذا جنينا قبل فوات الآوان ؟؟.
تعيش مصر مرحلة فارقة في تاريخها تتطلب من المصريين ضرورة العمل والإنتاج ونبذ الصراعات والخلافات والمصالح السياسية والشخصية ولابد من العمل على الخروج من حالات التخبط التي نعيشها بصورة غير مسبوقة .. وإلى كل القراء الأعزاء أهدي هذه القصيدة التي ضمها ديواني الورد يحلم بالسفر :
حماكِ اللهُ يا مصرُ ... وأبقاكِ كما الدهرُ
لتعلو مآذنٌ فيك ... ويحيا شعبكِ النسرُ
فلطفُ الطيِرِ ببنيكِ ... وعزتُهم كما الصقرُ
وقاكِ اللهُ أشرارا ... كما الغربان والفأرُ
أينسى الناسُ أمجادا ... وأنتِ المجدُ والذكرُ
بكِ قد تعلو أهرامي ... بكِ يتحققُ النصرُ
أسيرُ هناكَ في الدربِ ... وأنتِ النورُ والطهرُ
وأنتِ نجمةُ الشرقِ ... وأنتِ الحبُّ والدرُ
فأنتِ الدهرُ مذْ بدأَ ... وأنتِ السحرُ والعطرُ
ستبقي أرضنا مصرُ ... ستبقي فجرنا الفجرُ
فإن اللهَ يرعاك ِ ... ويعرفُ قدرك القدرُ .
ليتنا نعلم أن مصر تاج العلا وضمير العرب ومن لايحافظ على ترابها لايستحق التراب .