نحن وقطاع غزة

نحن وقطاع غزة

بدر محمد بدر

[email protected]

كل التحية والتقدير لقرار السيد الرئيس د. محمد مرسي بالسماح لأهلنا في قطاع غزة، بأن يأخذوا كل ما يحتاجونه من مواد البناء لإعادة إعمار القطاع، الذي دمره الاحتلال الصهيوني الغاشم في العدوان الأخير (شتاء 2008 – 2009)، بعد حوالي أربع سنوات من المعاناة القاسية، وسبع سنوات من الحصار الظالم.

هذا هو الموقف الصحيح والطبيعي الذي يتوافق مع مصر الثورة، بعد أن تحررت من كابوس النظام السياسي الفاسد في يناير 2011، هذا النظام الذي بالغ في إهانة أبناء الشعب الفلسطيني كثيرا بإرادة صهيوأمريكية، وسار بلا خجل ضد إرادة الأمة، وهو دليل جديد على أن مصر أصبحت صاحبة سيادة حقيقية، وقرارها الآن ينبع فقط من إرادة شعبها الحر، ومن مصالحها الوطنية أولا، وفي إطار واجبها ومسئوليتها القومية ثانيا، وليس نابعا من واشنطن أو تل أبيب أو أي مكان آخر. 

وبالطبع لم تهتم وسائل الإعلام المصري، كالعادة مع الأسف، بهذا القرار المهم والتاريخي، الذي يؤكد عودة مصر إلى القيام بدورها الطبيعي، بل واصلت البحث في صناديق القمامة عن التفاهات وأخبار الاختلافات بين التيارات السياسية حتى تصيب الناس باليأس والإحباط، مع أن أحد أسباب ثورة يناير كانت نتيجة سوء تعامل النظام البائد مع أشقائنا في قطاع غزة، والمشاركة بهمة وإصرار وبلا كلل أو ملل في الحصار الظالم المفروض عليهم من الصهاينة والأمريكان وأعوانهم. 

لقد حاول بعض المغرضين من الإعلاميين والسياسيين إثارة الغبار وزرع الشكوك وترديد الأكاذيب، حول دور الفلسطينيين في قطاع غزة، ومسئولية الأنفاق فيما يجري من أحداث على أرض سيناء، بهدف تأليب الشعب المصري ضد أشقائه في القطاع، لاستمرار حرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية والإسلامية والدولية، ولكن هيهات، فالشعب المصري الأصيل والواعي، يدرك الحقائق ويكتشف الزيف سريعا، حتى وإن حاول بعض هؤلاء الفاسدين ملء آذاننا بالأكاذيب والافتراءات.

أدعو السيد الرئيس لما هو أكثر من مجرد مد يد العون المادي للفلسطينيين، وتقديم ما يحتاجونه من مواد بناء ووقود وأدوات وأجهزة وأغذية وأدوية وفرص علاج وتعليم وغيرها، فهذه حقوق طبيعية أصيلة، يفرضها حق الجوار والأخوة والدين والوطنية والإنسانية، ولكني أطالب بفتح معبر رفح بشكل دائم، وفق آلية واضحة تناسب ظروف الأشقاء، وأيضا إنشاء معبر تجاري لإدخال السلع، وإقامة منطقة تجارة حرة، نستفيد منها نحن المصريون، كما يستفيد منها أهلنا في قطاع غزة.

وأطالب السيد الرئيس أيضا بدعم وتفعيل التواصل الرسمي الحكومي مع الحكومة الفلسطينية، التي يرأسها القائد المجاهد إسماعيل هنية، ومدها بالخبرات والكفاءات اللازمة لتنمية القطاع، والمساهمة في حل المشكلات الاقتصادية والفنية التي تواجهها، جنبا إلى جنب مع تفعيل ورعاية المصالحة السياسية بينها وبين حركة فتح وحكومة الضفة الغربية، وأطالب كذلك مؤسسات المجتمع المدني في مصر، وعلى رأسها النقابات المهنية، بالتواصل والتعاون مع نظرائهم وأشقائهم في غزة. 

لا أضيف جديدا إذا قلت إن أرض فلسطين بكاملها هي عمقنا الإستراتيجي من جهة الشمال الشرقي، وقطاع غزة يمثل قلب هذا العمق لنا الآن، وإضعاف أو حصار هذا القطاع لا يصب مطلقا في مصلحتنا الوطنية، أو يتوافق مع قيمنا العربية والإسلامية، وبالتالي علينا نحن المصريين والعرب والمسلمين بذل كل ما في وسعنا من أجل كسر هذا الحصار وإحداث تنمية حقيقية من أجل صمود القطاع في مواجهة الاحتلال الصهيوني الغاشم، إلى أن يتحقق التحرير الكامل بإذن الله.

إن مصر الحرة هي قوة الخير والحق والعدل، التي تحتاجها شعوب العالم الآن، لمواجهة قوى الشر والظلم والفساد والعدوان.