ثلاثة آلاف قوة حفظ سلام
ثلاثة آلاف قوة حفظ سلام
عقاب يحيى
كنا زمان قبل انتشار السينما في مناطقنا.. نعوّضها بصندوق الدنيا، أو صندوق العجائب.. واذكر أن العم أبو عجيب، بل أبو العجائب، كان يحضر لعندنا موسمين في العياد، وأحياناً في الربيع، وقبيل قدوم الشتاء حاملاً صندوقه القديم.. وهو يصرخ بصوته الذي اعتدناه :
يا سلام ويا سلام.. تعا اتفرج ياسلام..
ويروح يعدد ثروته من الصور وهو يحبك القصص عنها.. عنترة وأبو زيد.. والفوارس كلهم، وصور بعض الأجنبيات الشقراوات التي تسيل لعاب الكبت المكبوت قرون التشهي ..وبعض صور من أفلام لا أدري من أين جاء بها.. وهي قديمة، وبعضها ممزق.. مهتريء كمشاريع هذه الأيام ..
يا سلام على السلام الذي يحلم به مندوب الجامعة والأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي.. قد ياتون، ويحملون أمتعة جميلة، وبعض أجهزة.. وقد يعملون مراقبة ليوميات القاتل، ويكتبون تقاريرهم. وقد.. يتجولون في المناطق الساخنة، ويسجلون عدد الشهداء، وكمّ الدمار، ويتفرجون على بلادنا التي يدمرها جنون حقد.. فيتألمون ... ربما، وكثيرهم سيهتم بكتابة ما يشبه مذكرات له، أو شبه أفلام ومسلسلات قد تلقى قبول المخرجين ومؤسسات إنتاج الغرائب، وقد كثيرات تحدث.. إن حدث الذي يأمله المندوب ومن يدعمه.. لكن :
ـ لكن والطاغية وعصاباته أوغلوا بالدم والتدمير.. هل يقبلون ؟. هل ينصاعون ؟.. هل يسمحون لأية قوة أن تمارس دورها كما يحلم الإبراهيمي وغيره . فينشرون" السلام" المستحيل...
ـ على فرض أن الطغمة قبلت، وهذا مشكوك به حتى العظم.. ماذا سيفعل ثلاثة آلاف، بل ثلاثين ألفاً ما لم يكونوا مزودين بقرارات واضحة بالتدخل وليس الفرجة وكتابة الملاحظات ؟..
ـ التدخل مجمّد بقرار الدولة العظمى في ثلاجة المشاريع الخاصة، والبصمة الصهيونية الواضحة.. وما زال الأوان لم يحن بعد، والدنيا قادمة على شتاء، والشتاء مزيد التجميد.. ربما حتى بداية الربيع وفك القيود عن الثلوج المتكدسة.. وربما أكثر..حتى يصبح الدم للركب، وتخرب الطغمة كل مناطق البلاد ومؤسساتها، وتجري الدماء أنهاراً تلون ثلجهم الأبيض بالنقيع .. ويغلي الحقد حتى الاندثار هباء منثوراً، ورذاذاً يحاوةل بعض المتشددين تعبئته في زجاجات للتفجير والتلغيم.. والقتل الجماعي ..
ـ إنهم يتسلون..حتى الذين يتعاطفون صدقاً مع شعبنا ودمائنا يتفرجون، لأنهم عاجزين عن اتخاذ القرار اللازم.. طالما أن " المعلم" لا يريد.. وطالما أن الصهيونية مستمرة في نفوذ التأثير ومنع اتخاذ قرار يدعم شعبنا بما يستحق من تعاون المجتمع الدولي، وحقوق البشر، وحماية الحياة ..
****
سنعيد ونكرر مواقف جميع اطياف المعارضة، منذذ البدء، بقبولها الحل السياسي سبيلاً إلى نهاية عرش الاستبداد، وترحيل الطغمة، وأنها قبلت بكل المبادرات التي وضعت لها شرطاً(باتفاق الجميع في مؤتمر القاهرة) رحيل رأس النظام ورموزه وتحويل المتورطين بالقتل للمحاكم، لكن العصابة القاتلة رفضت، وترفض جميع الحلول، حتى تلك التي ما تزال تراهن عليها جهات في "هيئة التنسيق"، والتي أكلها الدود الحاقد عبر الحرب الشاملة التي تُخاض ضد شعبنا ومدننا ومناطقنا ..
ـ قوات حفظ سلام يمكن أن تكون بين دولتين متحاربتين.. كتلك التي يلتزم بها نظام الطغمة حرفيا مع الكيان الصهيوني منذ العام 1974، ولم يخترقها مرة واحدة.. وفي حالات دولية قليلةز. اما في بلادنا التي تشهد مجازر مفتوحة.. نتيجة قرار منهّج من الطغمة.. فأي سلام، وأية قوة سلام ستمنع القاتل من القتل؟.. وماذا بعد ؟.
ـ وعلى فرض أنها دبّجت أجمل التقارير، ووضعت فيها أقوى التعابير التي تدين عمليات الإبادة المنظمة.. ماذا سيكون تأثيرها طالما أن الفرجة قرارهم في مجلس الأمن، وطالما ما زالوا يعلكون في ذريعة الفيتو الروسي أو الصيني ؟؟..
ـ من جديد وجديد.. شعبنا يدفع الضريبة الغالية . يتأكد له كل يوم أنه ما من سبيل سوى الاعتماد على النفس وتوحيد الجهود لاشتلاع هذه العاهة الخطيرة وتحرير بلادنا منها.. طريقاً وحيداً للحرية ..