المرأةُ التعيسة..!!
هنادي نصر الله
أتعسْ " امرأة " في العالم تلكَ التي تحدتْ " أنوثتها" وأشاحتْ بوجهها كي لا ترى "لهفة" صغارها لحضنها الدافئ؛ وأسرعتْ بكاملِ " أناقتها" لتحصدَ " تألقًا" على حسابِ أسرتها..
أتعسْ " امرأة" تلكَ التي وضعتْ " بيتها" في كفة، و" عملها" في كفةٍ أخرى؛ فرجحتْ كفة" العمل" على كفة " أبنائها وزوجها"..
أتعسْ " امرأة" تلكَ التي تحرصُ على " بياض وجهها" أمام مسئولها في العمل، ولا تسعى لأنْ يكونَ وجهها " مشرقًا" بالحبِ والإهتمام لبيتها..
أتعسْ" امرأة" تلكَ التي تعضُ أصابعها ندمًا إن وجهَ لها مسئولها بأنها قصرتْ في عملها؛ فتقلِبُ يومها إلى أسى وألم؛ بينما لا تُبالي إن وجهَ لها " زوجها" أصابعَ الإتهام بالتقصير في حقه وحق أبنائه..!!
أتعسْ " امرأة" التي تتفنن في أن تبدو " أنيقة" خارج منزلها، وما أن تعود حتى تُشعر من بداخله بأنها " وردة جفتْ من الضغطِ وذبُلتْ بشكلٍ جعلها لا تؤدي إلى القليل مما عليها من التزامات"..!!
أتعسْ " امرأة" تلك التي لا تُفرق بين الضرورة والواجب، وبين العمل الأسمي والسامي، حتى أصبحتْ حياتها" مقلوبة" وأفكارها" مشوشة" وأولوياتها" مُبهمة" لتكون نتيجة تخبطها " الفشل" في إدارةِ معركة الحياة داخل البيتِ أو حتى خارجه..!!
فالمرأة " طاقة" و " قدرة" وحتى تستمرْ في العطاءِ بكل " لباقة" عليها أن تعرفَ حجمَ قدراتها الحقيقية؛ فلا تُكلف نفسها فوق طاقتها؛ لأن تربيةَ الأبناء بحاجةٍ إلى صدرِ أمٍ حانٍ لا مُنْهك؛ بفعلِ " التزامات" جعلتْ منها وكأنها رجل" الأعمال الشاقة"..!!
لم يُكتبْ على " المرأة" أن تعمل ليل نهار؛ وأن تعيشَ في دوامة" الضغوطات" كلُ ذلك يتنافى مع " أنوثتها" وطبيعتها " الرقيقة" التي تفرضُ عليها أن تُوازي بين مهامها الداخلية والخارجية بشيءٍ من الحكمةِ والعدل؛ على قاعدة " لا ضرر ولا ضرار"..!
كثيراتْ يخرجنَ إلى العمل؛ وبخروجهنَ يُسيطرُ الفراغ على البيت؛ ويجتاحُ قلوبَ أفراده من الكبير" الزوج" وحتى " الرضيع".. فلا ساعة الرضاعة أو الأمومة التي تسمحُ بها بعض المؤسسات تسدُ " الحاجة" ولا " استماتة " المرأة في التوفيقِ يفلَح في " سد الفجوة" لأن استماتها تأتي على حساب صحتها وعافيتها؛ فتُصبح كتلة متهالكة على هيئة جسد يمشي ويتحرك ..!!
على قناعة بأن " مال الدنيا كله" لا يُقارن مع لحظةِ انسجامٍ نفسيٍ وعاطفيٍ أسري؛ وماذا عساه أن يفعل من ملكَ المادة والثراء كله؛ لكنه لم يجدْ الحبَ والود؟؟
ولهذا وبكلِ أسفْ نرى " عاملات" كثيرات يخرجنَ للعمل؛ يضعنَ " الراتب" في جيوب " أزواجهن" ليُكافأن في نهاية " الخدمة" أو في منتصفها " بزوجة ثانية"..
تنظر وقتها " الأم والزوجة العاملة" إلى وجهها في مرآةِ ذاتها؛ كيف أصبحتْ التجاعيدُ تغزوه قبل أن تكبرَ سنًا؟ وكيف أهملتْ نفسها؟ وكيف انغمستْ في العمل؛ لتوفر المال، وتكفي عائلتها، وتنأى بها عن الحرام، لكنها مع ذلك فشلتْ في احتوائها نفسيًا ووجدانيًا، وهو الأهم والأكثر ضرورة برأيي من أيِ مسعى آخر..
الإنسجام، العاطفة، الإحتواء، الحنان، إن غابتْ هذه المفاهيم عن البيت؛ حل بدلاً منها البرود، وما أداركم ما البرود؛ إنه لا يُواجَه "بالمال" بل " بقلبٍ محبٍ وصدرٍ حنون"..
جميلٌ من المرأة أن تُوازن بحكمة، وأن تكون " صادقة " مع نفسها؛ وتختارُ بدقة أولوياتها؛ لتكونَ بالفعل " مميزة" داخل بيتها وخارجه..