عن الأسد و الكراهية, ومستحقّاتها

د. حمزة رستناوي

[email protected]

(1)

ما الذي يستحقّ الكراهية في شخص الاسد الابن و الاسد الاب؟

شيء بسيط و مُلزم لعموم  البشر – و خاصّتهم - ممن خبروا هذه السلالة التي حكمت سوريا و مازال تتشبّث بكرسي ملكها إلى الآن.

الاستبداد و ما يؤدّي إليه من ظلم و فساد.

هناك من يجادل في كون الأسدين ليسا مستبدّين و ليسا ظالمين و ليسا فاسدين , و هؤلاء لا شأن لنا بهم , فهم إما ( متخلّفين عقليا ) , أو دجّالين فاسدين مثلهما.

استبداد و ظلم و فساد الأسدين سبب كافٍ و وافٍ للكراهية و الدعوة إلى الثورة على النظام الاستبدادي و ضدّهما.

و لا حاجة لنا لأسباب أخرى كثيرا ما تتردّد بين أحاديث السوريين و عبر شبكات التواصل الاجتماعي و حتى في البرامج الحواريّة على الفضائيات من أشخاص يقدّمون أنفسهم بسياسي و كاتب و باحث , فمثلاً و في برنامج حواري شهير ( الاتجاه المعاكس ) جرى تكرار التفسيرات الثلاثة الاولى من الاربعة التالية التي سأعرضها ,  من قبل ثلاثة  ضيوف قدّموا أنفسهم  كمعارضين لنظام الأسد  هم ( محمود دغيم - سقراط البعاج – .. الفواز )

*أولاً : أن أصل عائلة الأسد ليس عربي , بل أجداده هاجروا من ايران , فهو وفقا لزعمهم " فارسي مجوسي " . و هذا ادعاء فاسد فالميزان هو أعمال الانسان ليس نسبهُ  و عائلته , للتذكير وُالد الرئيس الامريكي باراك أوباما  " زنجي افريقي مسلم من كينيا "

*ثانياً : أن جدّه سليمان الاسد وقّع وثيقة مع زعماء محلّين إبان الانتداب الفرنسي تطالب الفرنسيين بدولة للعلويين , و بعض النظر عن مصداقية هذا الوثيقة التي يشيرون إليها , فهذا ادعاء فاسد أيضا فالميزان هو أعمال الانسان لا نَسَبُهُ و أفعال أبوه و جدّه , للتذكير فقط ( نحن المسلمين نفتخر ب: عكرمة بن أبي جهل )  !

ثالثاً : أن عائلته تنتمي لرعاع العلويين و أن عائلته لا تنتمي إلى وجهائهم و  قبائلهم المعروفة كآل الخير و آل الكنج ..الخ. و أنه ليس ابن حسبْ و نَسَبْ في قومه , فوفقا لمثقّف يساري معارض هو ابن زعران القرداحة ؟! و هذا إدعاء فاسد فكم من أفعال شائنة قام بها من يُطلق عليهم أبناء عوائل ؟!

 و كم من فضائل قام بها أناس مغمورين في قومهم فَسَادوا و اشتهروا فضائلهم ؟!

*رابعاً : أنه ينتمي للطائفه العلوية , و وفقا لهم : هؤلاء العلويين خبثاء و حقودين بطبعهم , أعداء المسلمين  ..الخ . و هذا ادعاء فاسد ففي كل جماعة أو طائفة هناك الجيد و هناك السيئ و هناك غير ذلك , و لينظر الانسان أوّلاً إلى قومه , و الانسان لا يختار عقيدته و مذهبه غالبا فهي بحكم الولادة وتأثير  البيئة , و لا تزر وازرة وزر أخرى : فصالح العلي و بدوي الجبل  ممدوح عدوان و عارف دليله و سمر يزبك  و فدوى سليمان  ..الخ  ينتمون لهذه الطائفة و هم من المشهود لهم بالفضائل من أبناء الوطن السوري.

(2)

الكراهية شعور طبيعي و فطري تجاه الظالمين و المستكبرين  كآل الاسد و أمثالهم , الكراهيّة يجب أن لا تكون فقط للظالمين و المستبدّين كأفراد , بل يجب أن تكون كراهيّة للظلم و الاستبداد .أيا كان هذا الظالم و المستبد , فنحن نكره فلان لأنّه ظالم و مستبدّ يظلمنا و يستعبدنا.

(3)

العدالة - و ليس الثأر و الانتقام - هي من يزيل الكراهيّة في الثقافة و المجتمع , فالانتقام  كشعور لا يقف عند حدود معيّنه و غالبا ما يتجاوز العدالة ليصبح ظلما ً.

فقد ورد في القرآن الكريم :  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة آية(8).

و الانتقام يربّي الحقد بين الافراد و الجماعات على المدى البعيد , على النقيض من العدالة و القصاص العادل , فقد نُسب لعمر بن الخطاب عندما اشترك جماعة في قتل فرد واحد قوله " و لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به"

العدالة تؤسّس لمستقبل و وطن جديد أقل كراهيّة و أكثر محبّة و تكافلا و تسامحاً.