نداء إلى شعب مصر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، والنصرُ للمجاهدين الأحرار، والرحمةُ للشهداء الأبرار، والشفاءُ للجرحى الأبطال، وإنها لثورةٌ مباركةٌ، في أرضِ الشامِ التي باركها ربُّ العزة، ودعا لها الرسولُ القائد، إنها ثورة انتصار أو استشهاد، ماضيةٌ في طريقها الرباني، يُحمِلُها أحرارٌ وحرائر، آلوا على أنفسهم أن يكونوا جُنْدَ الله، وعلى قَدَمِ رسولِ الله، يتقدمون ولا يتقهقرون، يبذلون ولا يأخذون، همُّهُم تحقيقُ مشروعِهم الحضاريِّ النَهضوي، لِتستأنفَ أمةُ العروبةِ والإسلامِ حياةَ العزةِ والكرامة، حياةَ الحريةِ والعدالةْ، مخلِّفةً وراءَها عيشَ الذلِ والهوان، عيش الفسادِ والإفسادِ والاستبداد، عيشَ الفقرِ والبطالةِ والتخلف، فقد رَزَحَتْ شعوبُ هذه الأمة رَدحاً طويلاً تحت نِيْرِ الاستعمارِ الخارجيِّ والداخليّ، والاحتلالِ الخارجيِّ والداخليّ، فما كادت تطردُ الاستعمارَ الخارجي، حتى وَقَعتْ فريسةً للاستعمارِ الداخليِّ الذي كان وما زال أشدَّ عليها من الاستعمار الأجنبيِّ وأنكى، تَعّرضَتْ لحكمِ ثُلّةٍ من الأنذالِ المنتمين إليها ظلماً وعدواناً، مِنَ الأغرابِ الذين زعموا أنهم من أبنائِها، وليسوا من أبنائها، إنهم عَمَلٌ غيرُ صالح، رُبُّوا على الفسادِ والإفسادِ والاستبداد، قهَروا الشعبَ وأذلوه، باسمِ المقاومةِ والممانعة، ونهبوا ثرواتِ البلادِ، وأفقروا العباد، باسمِ فلسطينَ وقالوا: سنغِّيرُ التاريخ، فشوّهوا التاريخَ وغَيَّروا الجغرافيا، فرَّطوا بجزءٍ عزيزِ من أرضِ سوريةَ الحبيبة، باعوا الجولانَ في حربِ حزيران، وما زال الجولانُ العزيزُ مرتعاً للعصابات الصهيونية منذُ خمسةٍ وأربعين عاماً، أي منذ اغتصبَ حافظ أسد الحكمَ في سورية، وأبرمَ صفقةَ العارِ معَ أمريكا وإسرائيل، في حربِ العارِ في حزيران، تلك الحربُ التمثيليةُ التي سَلّمَ فيها جبهةَ الجولانِ المنيعةَ لإسرائيل، مقابلَ استلامهِ الحكمَ في سورية، وقد حَكَمَ سوريةَ بالحديدِ والنارِ مدةَ ثلاثين عاماً، ثم ورَّثَ الحكم لابنِه بشار.

يا أحرارَ الكِنانة وحرائرَها

لقد ثار الشعبُ السوريُّ الأبيُّ على النظامِ الأسديِّ مراراً، فقمعَ الأسدُ ثوراتِه، وقد بلغتْ ضحايا تلك الثوراتِ مئةَ ألفِ ضحية، وها هو الشعبُ نفسُه يثورُ على حاكمِه الطاغيةِ ونظامِه الخَؤُونِ منذُ سبعةَ عشرَ شهراً، تلقَّى خلالَها أقسى معاملة، تلقَّى المجاهدون الثوارُ والمجاهداتُ الثائراتُ أشدَّ أنواعِ العنف، صَبَّه الطاغيةُ على كلِّ المدنِ والبلداتِ والقرى السورية، ولم يّسْلمْ منه بشرٌ ولا حجرٌ ولا شجرْ، يحاولُ القضاءَ على الثورةِ السوريةِ العارمةِ باستخدامهِ الطائراتِ والدباباتِ والمدفعيةَ الثقيلةَ وراجماتِ الصواريخ، وذَبَح النساءَ والأطفالَ والرجالَ بسكاكينهِ كما تُذْبحُ النِعاج، اغتصبَ النساءَ الحرائر، مَثَّلَ بجثامينِ الأطفال، هدَّمَ البيوتَ والعماراتِ على رؤوس ساكنيها الأبرياءِ العزَّل، اعتقلَ أكثرَ من مئتي ألفِ امرأةٍ وطفلٍ ورجل، وهو يعذبهم أشدَّ العذاب، فعلَ ما لم يفعله اليهود في فلسطين، شرَّدَ مليونَيْ مواطن، قطعَ الماءَ والكهرباءَ والوقودَ والخبزَ عن الناس وهو ماضٍ في همجيتهِ التي فاقت بِخسَّتِها ونذالتِها ما فعله كلُّ طواغيتِ العالم، قتلَ عشراتِ الآلافِ من المواطنين، وليس لهم ذنبٌ إلا المطالبةُ بالحريةِ والكرامةِ والعدالةِ والمساواة.

يا أحرارَ مصر

إن الشعبَ السوريَّ المجاهدَ يستنصرُكم على الطاغيةِ أسد، فهبُّوا لنصرته، وكونوا إلى جانبهِ أيها الرجال، أعينوه ليتخلصَ من حكمِ الهمجِ الأنذال، كما تخلصتم أنتم من حكمِ الطغاة، أعينوه على انتزاع حريتهِ، ليحيا حياةً حرةً كريمةً كسائرِ البشر... اعملوا لإنقاذِ الشعبِ السوريِّ، والله مُطَّلعٌ على ما تقدمونه له في هذه الملحمةِ الإنسانية. وقلِ اعملوا،  فسيرى اللهُ عَمَلَكُم ورسولُه والمؤمنون.

والسلام عليكم في الخالدين.