الواقع.. وما يمكن عمله ..
عقاب يحيى
دوشة ولوشة.. وغموض، وخوف.. واندفاع وآمال سرابية.. وكثير من حكي يراكم حكايا السنوات واللقاءات.. والنتيجة ؟....
البحث عن مخرج واجب أمام المخاطر والتحديّات العنيفة التي تواجه الثورة والبلد . الحاضر والمستقبل... لذلك ـ نظرياً ـ فأي جهد مخلص . كل محاولة صادقة لتجميع قوى المعارضة، حتى لو كانت مثقلة بالشيخوخة وأورام التنابز، واللاواقعية السابحة في الأمنيات التي لا تجد أعمدة لها في الواقع.. هو أمر مطلوب..لأن واحدة من إشكالات الثورة السورية تلك الفرقة في المواقف والاصطفافات.. والتي تعبّر موضوعياً عن نتاج عقود الفقر واليباس، والضمور، وذاتياً عن حالة الأزمة الداخلية التي لم تخرج منها مجاميع قوى المعارضة لأسباب تفوق النوايا.. كذلك الحال بالنسبة لشباب الثورة الذين لم تسعفهم طبيعة انطلاقتها، وما جرى لهم من تصفيات واعتقال وتشريد، ثم طغيان العمل المسلح.. من توليد قيادة حقيقية من صلبهم كان من شأن وجودها أن يوفّر الكثير من الجهد، والوقت، والخلافات، وأن يفرض على قوى المعارضة نواظماً للاصطفاف وفق منتجها الرؤيوي، وبرنامجها السياسي وليس العكس، وربما، أيضاً، حسن الإمساك والتمسك بالقرار الوطني وتخليصه من تشابكات التدخّلات، والتأثيرات والمشاريع الإقليمية والخارجية.
*****
ـ فكرة التوافق تغازل عقول أغلبية المعارضين، ولا يمكن الوقوف ضدها، بل يجب العمل الجاد لأجلها، لكن ليس التوافق غاية بذاته. التوافق يهدف إلى تجميع القوى وتنظيمها حول المشتركات، وجوهر تلك المشتركات أهداف الثورة وما قامت لأجله : إنهاء نظام الاستبداد والفئوية، والشروع في بناء البديل التعددي، الديمقراطي..وليس شيئاً آخر . لذلك يجب أن تكون الأسس، والمحددات واضحة لا تقبل الغمغمة، واللبس وتعدد التفاسير، أو التلاعب بالألفاظ لتمرير أشياء أخرى تناقض الأهداف، وتطعنها بوسائل متعددة الأشكال الظاهرة، أو المخفية، او النتائجية .
ـ هنا تحضر بقوة وثيقة " العهد الوطني" التي أقرها مؤتمر القاهرة للمعارضة ـ أوائل تموز 2012 ـ والتي وقّعت عليها جميع القوى التي شاركت فيه، والتي تمثل مروحة واسعة من المعارضة.
إن تطوير بعض نقاط وثيقة العهد بما يتناسب والتطورات لا يلغي جوهرها ومحدداتها، فلماذا لا تعود إليها قوى المعارضة وتعتبرها أساساً للتوافق، والتجميع؟؟...
*****
أما الإئتلاف وحكاويه. واقعه وأزماته. سلبه وإيجابه.. فقد أسال ويسيل أنهراً من الحبر والكتابات والتقويمات.. ولئن برز ويبرز الوجه الهزيل، والعاجز، والمتناحر له وفيه، وتأثيرات نهج عديد الاتجاهات فيه لتكريس المحاصصة، والذاتية، والغرق في لجاج الصراعات التي تبدو وكأنها على المواقع، أو الاصطفافات المتهمة بتأثير الجهات الإقليمية فيها على حساب القرار الوطني وأهمية بلورته وتجسيده أساساً، وغاية، وحسن التعامل مع تضاريس اللوحة الإقليمية والدولية بما يخدم هدف الثورة ومصالح الوطن...
فإن تفكير البعض الكيدي، الاستحوازي، وغرامهم الذي لم يتوقف بإيجاد بديل ما عن الإئتلاف بقدر ما يمثل تقاطع مصالح ومشاريع عدة جهات مع بنية ذاتية لم تستطع الخروج من ثيابها الضقة، القديمة.. فإنه بواقع غياب البديل الأفضل، أو القدرة على إنشائه واقعياً، وموضوعياً، وذاتياً.. إنما يمثل اليوم إضعافاً إضافياً لقوى الثورة والمعارضة، وإرباكاً يخلط كل التخوم، ويزيد الوضع بلبلة وسوءاً.
ـ إن إصلاح الإئتلاف عبر برنامج شامل يتجاوزه إلى كل ما له علاقة ببنى الثورة والميدان ، وواقع الشعب في النزوح، والداخل واللجوء والمهاجر هو التحدي الأكبر اليوم المطروح على المخلصين والقادرين داخل الإئتلاف وخارجه، وهو الرهان الحيوي، والمصيري الذي يستحق بذل الجهد الناضج، والبعيد عن ردود الفعل متعددة الأشكال والخلفيات.
ـ وحين تجتمع النيبّة والإرادة الواعية، المؤمنة . وحين نستحضر الدروس وخلاصات التجارب . وحين نضع أهداف الثورة في مكانها وموقعها فينا..يمكن ـ بكل واقعية ـ هيكلة الإئتلاف والنجاح في جهد إصلاحه ومأسسته، كما يمكن فتح العقول والصدور لوحدة عمل المعارضة ولقائها الطبيعي، المحضّر في مؤتمر وطني جامع يقرّ خارطة طريق ، ويحدد المخارج الممكنة ..