إلى شعبنا الصابر المحتسب
إلى شعبنا الصابر المحتسب
إلى أبطالنا الشهداء والمعتقلين
د. منير الغضبان
وتصغر كل بطولة أمام بطولة الشهداء وتصغر كل بطولة أمام بطولة المعتقلين
وتصغر كل بطولة أمام بطولة الثكالى والأرامل للشهداء والمعتقلين
عم نتحدث ؟ عن الشهداء , إنهم المصطفون الأخيار من الخلق الذين أحبهم الله تعالى
واتخذهم حواري وأصفياء الله . ومن أهم أسباب جهاد العدو حب الله تعالى لهؤلاء الشهداء.
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ ))
شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ))
فما بقاء الطواغيت والظلمة لحب الله تعالى لهم . إنما بقاؤهم لحب الله للشهداء ليختارهم من بين الناس.
(( وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ))
فبين المؤمنين راسبون وهم المنافقون . ومن غير المؤمنين . الكفار هم الراسبون جميعاً((ويمحق الكافرين))
وهنيئاً لمن اتخذه الله شهيداً , وقد تجاوز شرخ الشباب والكهولة ودلف إلى الشيخوخة فلم يكن يدري أن الله يحبه . وادخر له هذا الحب بالشهادة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لشهيد المحراب عمر رضي
الله عنه حين يراه وقد لبس ثوباً جديدا
((لبست جديداً وعشت حميدا ومت شهيدا))
وكما كان يقول لعثمان : وقد تزلزل بهم أحد ( رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان ) ((اثبت أحد ًفإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ))
وجاءته الشهادة وقد تجاوز الثمانين من العمر
وكما كان يقول لعلي رضي الله عنه (كما روى البغدادي ) ((من أشقى الأولين ؟ قال عاقر الناقة. قال فمن
أشقى الآخرين ؟ قال الله ورسوله أعلم. قال : قاتَـلك ))
وقد تجاوز الستين من العمر
وفي ثورتنا العظيمة المباركة نشهد أمثال هؤلاء الذين تجاوزوا السبعين . ونالوا الشهادة إن شاء الله
فكم من الشيوخ والكهول وكبار السن لم يسلموا من رصاص هذا الطاغية المجرم
وعلى رأس من نعرف الأخ الفقيد الحبيب عبد الكريم عرنوس ( أبا عماد ) رحمه الله
الذي اغتالته يد الإجرام , وشبيحة النظام . وقد تجاوز السادسة والسبعين من العمر
فما أعظم شهداءنا طفولة ورجولة وكهولة وشيوخاً , ونسوة طاهرات عفيفات . اخترن الشهادة على الحياة
وماذا عن المعتقلين ؟
المعتقلون المعذبون قد يكونون أكرم عند الله من الشهداء ، وهم يعذبون ويهانون ويسحقون ، بل يتمنون الموت ويختارونه على الذل والمهانة , حتى تصبح الشهادة عندهم حلما اكبر من حلم الاعتقال
وحسب المنايا أن يكن أمانيا
وكما يقول الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد الثوار وشيخهم رضي الله عنه والذي رأى المذلة اكبر من الموت حين تمثل بقول الشاعر :
فإن مت لم أندم وان مت لم أُلم كفى بك موتا أن تذل وترغما
هذا النص هدية لكل شهداء العزة والكرامة في امتنا الإسلامية والعربية الذين يرفضون الظلم ويحاربونه بكل سلاح يملكونه
ان لهم في كل ساعة أجر شهيد ، ولهم في كل يوم عز فقيد ، انهم الصابرون المحتسبون الذين قالوا :
لا في وجه الطغيان
وماذا عن الثكلى وأرامل الشهداء والمعتقلين ؟
اللواتي يملكن قلوبا تتفتت وأكبادا تنزف نزيف مفقوديهم ، وهن الصابرات المحتسبات الضارعات إلى الله في جوف الليل وفي سهام السحر يدعون الله تعالى بقلوب ولهى أن يمحق الله الكافرين ويسحق الطغاة والجبابرة .
إنهن يرفضن أن يُرضعن المذلة لأبنائهن وأزواجهن وإخوانهن بل يتسابقن معهم على الشهادة والجهاد وينافسنهم على الصبر والجهاد والتضحية .
أما رأيتم تلك المرأة التي بقيت وحدها في جورة الشياح بحمص وبدل أن تندب وتنتحب وتصرخ عادت برشاشها تحمله وتطلق منه طلقات النار متحديةً جميع المجرمين .
وماذا عن المشوهين والمعوقين والمشوهات والمعوقات ؟
أتريدون يا أمم الأرض أن تعرفوا أبطالنا من أطفالنا العظام ؟
ذلك الطفل الذي فقد عينه وفقد ثلاثة من أعضائه شهدناه يقول ولما يناهز العاشرة من عمره الحمد لله الذي أبقالي عضوا لأشهد عليه مصرع بشار
وفقد عينا من عينيه فأتم كلامه :
وأبقى لي عينا أرى بها نصر أمتي على بشار مجرم العصر والدهر
هل نحن مع عروة بن الزبير رضي الله عنه . أم عندنا عروة جديد مهمته أصعب من مهمة عروة
وهي : إعادة بناء الأمة من جديد ؟
وحين نتحدّ ث عن المعوقين العظام في تاريخنا المعاصر إضافة إلى طفلنا السابق نقدم طفلنا الجديد
العظيم الخالد المراهق يعالج بدون تخدير ويصرخ
(في سبيل الله --- في سبيل الله --- في سبيل الله )
يستغفر الله وينادي في سبيل الله
ويعيد لنا قصة الغلام المؤمن الذي ضحى في سبيل الله بحياته
وصاح الناس : آمنا برب الغلام
نضيف إلى هؤلاء العظام من تاريخنا الماضي المجيد من فقعت عيونهم في الحرب وكانوا أجمل العرب
وكانوا قادة كبارا في الأمة نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر
1-أبو سفيان بن حرب شيخ قريش وسيدها والذي فقعت عينه في غزوة الطائف حيث كان جندياً في الجيش
الإسلامي في تحت قيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم
2-هاشم بن عتبة نائب قائد الجيش الإسلامي في القادسية ,في الحرب التي أنهت الوجود الفارسي من أرضنا
العربية حيث فقعت عينه يوم اليرموك وفي الحرب التي أنهت الوجود الروماني من أرضنا العربية
3-المغيرة بن شعبة ممن بايع الرسول صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان في الحديبية
والذي كان أميرا على الكوفة أيام عمر وعثمان ومعاوية رضي الله عنهم أجمعين فقعت عينه
يوم القادسية في حرب المسلمين مع الفرس
وبذلك ينطبق علينا قول الشاعر:
وخير الناس ذو حسب قديم --- أضاف لمجده حسباً جديداً
وشر الناس ذو حسب قديم--- إذا فاخرته ذكر الجدودا
إنها أمة تصاغ على يد الله تعالى وعينه
والله تعالى حاميهم وناصرهم
((بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ))
والحمد لله رب العالمين