تعليق الصور ونصب التماثيل

د. عبد الرزاق حسين

تعليق الصور ونصب التماثيل

د. عبد الرزاق حسين

[email protected]

لعلَّ من ارتقوا سدّة الحكم ، ومن سيرتقونها إثر الربيع العربي سيسألون أنفسهم ومستشاريهم الإعلاميين سؤالاً مثيرًا ، هو : أين سنعلِّق صورنا ، وننصب تماثيلنا ؟

سؤالٌ محيِّرٌ وصعب الإجابة ، فقد رأوا بأمِّ أعينهم تماثيل مَنْ سبقوهم من طغاة العصر وهي تُحطَّم وتُداس بالأرجل ، وشاهدوا صورهم وهي تُمزَّقُ وتُحرق ، وآثارهم يُعفّى عليها ، وخطبهم وأقوالهم التي ظنّوا أنها خالدة ومأثورة ، وهي تُطلى بالسواد ، وأسماءهم التي ملأت الساحات والشوارع ، فلم تبق زنقة أو زقاق إلاّ سمّوه بأسمائهم ، حتى دور العلم ، والمكتبات ، والمستشفيات ، والحدائق ، والمتنزهات ....الخ

كلّ ذلك رأوا كيف قام شباب الربيع العربي بإزالته ، وتغييره ، فبُدِّلت تلك الشواهد على الظلم ، وسقطت تلك اللوحات البارزة المضاءة بعتمة أسمائهم ووجوههم ، ليحلَّ محلها أسماء جديدة مستقاة من روح الشعب وضميره ، ومن أسماء وصور شباب وشابات الربيع الذين أزهرت ورود الربيع العربي من دمائهم ، أولئك الذين استحقوا أوسمة الحب حين أرادوا بصدور عارية زراعة شجرة الحرية في مواجهة عتو العتاة المتجبرين في الأرض ، فنمت هذه الشجرة وتمايلت فروعها باسقة وقد ارتوت من دماء الضحايا الأبرياء .

إِنْ تَساءَلَ الحكام الجُدُد ، أو سألوا عن المكان الذي يصلح لأن يعلقوا فيه صورهم ، أو ينصبوا تماثيلهم ، فأقول لهم : إنَّ البرواز الذي يحتضن هذه الصور ، والإطار الذي يجمعها ، والمكان الحصين الذي يحمي هذه التماثيل مِنْ أنْ يُفعلَ بها ما فُعِلَ بسابقاتها ، بحيث يُبقيها ويحفظها حتى من عوامل التعرية ، ويظل يمدها بالحيوية والنضارة والديمومة ، إنّهُ قلوب الجماهير .