الصين... الدمار القادم

الصين... الدمار القادم

عبد الكريم ناتي

[email protected]

سمعت من عجيب ما سمعت عن توالي النكسات أن أزمة افتضاض البكارة لم تعد قائمة لأن الصينيين بتغلغلهم في الوطن العربي وجدوا حلا لهذه المشكلة بضمان زرع بكارة اصطناعية وقت اللزوم و بسرعة فائقة، و يختلف سعرها باختلاف مدة صلاحيتها و ديمومتها لدى الفتاة المفتضة التي ترغب في خذاع عريسها باصطناع العفة،و قد يصل ثمن البكارة القريبة المدى إلى دولارين أوثلاثة دولارات، و بالتالي فإن الحلول من قبل هذا الشعب العنيد تتوالى في غير ملل أو يأس حتى تطال قضايا الشرف أيضاً، ثم لينفرد بكل تفاصيل الحياة و يستحوذ عليها. و في معرض الحديث صاح أحد الجالسين: أتدرون أنني اشتريت سبحة و نظرت في ملصقها فوجدت مكتوبا عليها:"صنع بالصين" حتى السبحة...حتى السبحة!!

  مد غريب غير مسبوق للصين هذا الذي يشهده العالم و يعجز عن أن يقاومه و كأنه سحر مبين، ثم لتتوالى الضربات على الإقتصاد العالمي و تُتهم البنوك و جورج بوش و طوني بلير بكونهم السبب الرئيسي لتفاقم الأزمة العالمية، وظلت الصين الطرف الخفي المستفيد من زعزعة النقد الدولي و إقفال ملايين الشركات و المصانع عبر العالم لتقول لنا في الأخير أنها هي الدولة الوحيدة التي لم تتضرر من الأزمة الإقتصادية العالمية بدل أن تقول:"أنا المستفيد الوحيد من الأزمة الإقتصادية العالمية".وحيث أنني شهدت بأم عيني كيف سقط الإقتصاد الإيطالي في هوة سحيقة فإنني منحت نفسي فرصة للتفكر في أمر هذه الأزمة التي طالت الكثيرين ممن كانت مساكنهم لا تعرف الخوف من الفقر على مر عقود، بل كانوا يظنون ألا زوال للنعم حتى أطل المشهد الجديد القاتم على الدولة.ثم تجولت مرارا في شوارع المدينة التي أقطنها و أسواقها و مرافقها فألفيت المارد الصيني قاعدا على جثمان الإقتصاد المحلي:المحلات و المتاجر تفلس ليحل بها الصينيون محل أصحابها القدامى، المراكز التجارية اكتسحتها المواد الصينية، المقاهي، المطاعم، تجار الجملة معظمهم من الصين...إلخ. ثم تفكرت مليا في الشخصية الصينية معاينا سلوكها عن كتب و ليس عن فراغ فألفيها ذات طابع توحدي لا يحب الإختلاط و الشريك و الإنذماج، شخصية كئيبة لكنها عملية متفانية في خدمة وطنها و كأنها مجندة تجنيدا لإحلال الخراب بالعالم و إضعاف قوته بطحن منتوجاته و تسويق منتوجات مغرية(و إن كانت ضعيفة الجودة) بالتباع سياسة:"تفضلوا...فلدينا كل ما ترغبون بشرائه" فينزلق المشتري داخل المتجر باحثا عن ضالته فيرى أشياء رائعة و متنوعة لم يألفها في بلده...و في أثناء هذا المخطط القاتل اختفت معايير الجودة لتحل بدلها معايير الإغراء و لتقفل المحلات المحلية بسبب الإنخفاض الشنيع لعدد الزبائن الذين ليس لدهيم حس الجودة و الوطنية بل يبحثون عن الأرخس حتى و إن كان غير جيد.و قدَّر لي أن أعمل في شركة لتسويق الملابس الجاهزة فقلت في نفسي الحمد الله، على الأقل وجدت فضاءً أعمل به لا وجود فيه للسلع الصينية. و ظللت على هذا المعتقد زمنا حتى انثابني الفضول إلى أن أتطلع إلى ملصقات الملابس فوجدت على ملصقاتها العبارة الشيطانية:"صنع بالصين".وانثابني إحساس قاتل ساعتها أن إيطاليا تلفظ انفاسها الأخيرة، ثم لأرى بعد ذلك شاحنات تحمل الملابس الصينية إلى الشركة. ثم سارعتُ إلى التقصي بشكل مباشر عن هذا الأخطبوط بالتحدث إلى الناس، وكنت في كل مرة أصدم بخبر مفاده أن المحال التجارية الإيطالية تقفل يوما بعد يوم ليحتلها الصينيون أو لتظل فارغة وقد كانت في قمة نشاطها قبل سنة أو سنتين.و سمعت فيما سمعت عن مطاعم تبيع أطباقا من السمك بأثمنة زهيدة خيالية فحاولت أن أقوم بعملية حسابية لأعرف ماذا يمكن أن تكلف من المال وجبة سمك غير مشروطة بكمية معينة سوى أنك تأكل حتى تشبع ولا ينبغي عليك أن تطلب طلبا لتدعه فوق الطاولة دون أكله، بل بوسعك أن تطلب طبقا أو طبقين أو أكثر...ألمهم أن تأكل كل ما تطلبه و إلا أديت الثمن ضعفين.وجدته يكلف بالطبيعة أكثر من عشرة يورو بل قد يصل ثمنه إلى عشرين أو ثلاثين يورو إذا أعد في مطعم إيطالي! ثم لأكتشف أن السمك هو الآخر غير إيطالي بل يحمل من الصين جاهزا أو غير جاهر ليقدم في المطعم الصيني هنا.

واكتشفت أنها سياسة دولة بأكملها وشعب بأكمله، مفادها:"بعْ سلعتك للناس و لا تشتر سلعتهم"...سياسة قمة في الخبث والسماجة كبدت الشعب الإيطالي و الشعوب في العالم بأسره خسائر فادحة لا حصر لها أولها تشرد ملايين العائلات بسب تقلص فرص الشغل غبر العالم إلى درجة مهولة، خصوصا و أن الصيني لا يوظف غير الصيني و لا يشتري من غير الصيني و لا يتعامل في العموم إلا مع أبناء جلدته.و قدَّر لي أن أدخل في حوار مع ممرضة و طبيب نساء لأتفاجأ أن النساء الصينيات لا يلدن في المستشفيات الإيطالية و أن الصينيين عموما لا يتداوون لدي الإيطاليين و لا يتعاطون الأدوية الإيطالية، ناهيك عن أنهم لا يتسوقون وقود السيارات من محطات الوقود ولا يشترون موادهم الغذائية من المراكز التجارية الإيطالية ولا ملابسهم أيضا، بل خلقوا دولة داخل الدولة أقوى من دولة الفاتيكان نفسها...ثم قُدِّر لي أيضا أن أدرس التغذية و كان من بين زملاء الفصل فتاتان صينيتان تشتغلان بمعية عائلتهما في محل ضخم لبيع السلع الصينية من ملابس و غيرها، و سأل أحد الأساتذة-و الذي يعمل مستشارا قانونيا- الفتاتين عن مستشارهما القانوني هل هو إيطالي فأخبرتاه أنه صيني و ليس بإيطالي و الغريب في الأمر أن مكتبه بعيد عن محلهما التجاري بما يقارب المائتي كيلومتر.

الحديد أصبح يستورد من الصين لتفلس شركات الصلب، الطماطم المعلبة أيضا يؤتى بها من الصين لينقطع أصحاب حقول الطماطم عن زرعها لأن شركات المعلبات اكتفت باستيراد المنتوج الصيني، قطع الغيار، الأحذية، الأقمشة، الملابس، الأسماك،...إلخ.ليزداد الشعب الصيني ثقة بنفسه وانغلاقا عليها و لتتفاقم أزمات الإقتصادات المحلية العالمية...و في الأخير ليشتغل الصيني و يعطل غيره لأنه لا مجال له بين هذ الشعب المنغلق على نفسه الكاره لغيره، المتوحد في سلوكاته.

فهل يا ترى هي أزمة الرشاوى العالمية بالمليارات لتسهيل هذا المد الهائل الخبيث و لتفريغ الأرض الصينية من ملايينها المتفاقمة لتحل مستعمرة للعالم بشكل تدريجي؟ من المستفيدون من بيع الأوطان واقتصاداتها و مصائر شعوبها ليحل بها بدلا عنهم هذا الوافد العدواني المدمر الجديد؟