عدنا متوشحين بدم التنفيذ
حاتم المحتسب
الضفة الغربية المحتلة
قال التاريخ الإسلامي "عليه السلام" : أعمار نكبات أمتي بين الستين والسبعين وقليل ما يجوز ! . نكبة فلسطين مرّ عليها ثلاثة وستون عاماً ، وبين جنبات السنين آلام الشهور المحشوة بتعب الغياب التي يوخَز بها كل "نازح" ... يغمس كل صباح من صحن "الغربة" ، ويدهن وجهه بإدام "الغياب" ، يحلم كل يوم بالعودة إلى بلاده حتى ولو كان جسده ميتاً وعظامه رميماً ! .
الذكرى الثالثة والستين لنكبة فلسطين هذا العام ، لبست لباساً جديداً ، بعزيمة "المهجرين" التي فاقت كل تصور ، و بإصرار قلَّ مثيله للعودة إلى القرية والمدينة خلف الحدود بعيداً حيث المغيب ! ، من اليوم اللاجئون قائمون على قضيتهم ولن يسمحوا لأي كان بأن يفرط أو يساوم بالنيابة عنهم ! ، إنهم مستعدون كما رأيناهم على شاشات التلفزة للدفاع عن حقهم بالأرض التي لم يروها إلا في حكايات أجدادهم بأغلى ما يملكون : أرواح تطير إلى السماء ، تشيعها ملائكة أطهار ، يرتلون وبحماس بالغ : " سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله..." .
15/5 سيغدو تاريخَ "حُسْن سيرة وسلوك" لكل نازحي النكبتين لإعلان "شهادة الولاء" للأرض ولحق العودة ، من سينسى بعد اليوم "حق عودة" و "لاجئين" ؟! ، ومن سيتحلى بوسام "الخيانة المطلقة" لينسى بعد اليوم مدننا وقرانا المحتلة : يافا ، حيفا، عكا ، عسقلان ، أسدود ، تل الربيع ... ؟! . لن يستطيع بعد اليوم "عاقل" أن ينبس ببنت شفة مساوماً على هذا الحق الذي لا يملك فيه حق التصرف إلا أصحابه الذين يذوقون في مخيمات الشتات لوعة الفراق بشتى اللغات وصنوف المعاملات !.
عدنا ، ليست كلمة خارج حدود العقل والمنطق ، وليست ضمن خانة "المستحيل" ، بل إنما هي "هدف" سيسفر صباح ذات يوم عن "ولادته" لا محالة ، رأيناها في مجدل الشمس كومضة نور ، أرسل "العائدون" أشعتها المُجندلة بأوسمة العودة والثبات والمقاومة ، والكل يهتف : العودة باتت أقرب إلينا من جبل الجليل!.
العدو الصهيوني وبرغم تدريباته ، واستنفاره الكبير ، في الضفة الغربية وقطاع غزة وعلى حدود الوطن المحتل ، خرج من هذا الامتحان ذو الأسئلة السهلة نسبياً بالصفر الأمني والاستخباراتي ، فما معنى أن "يتسلل" المئات إلى الأرض المحتلة ويتجولون في المجدل -أحد كبرى قرى الجولان المحتل- بكل "حرية وكرامة وأنفة"؟ وما معنى أن "الحدود" ذلك البعبع الكبير غدت مجرد أسلاك شائكة تفصل "اللاجئين" عن أرضهم وحتماً سيقطعها الشباب الذين قدموا دمائهم الزكية في معركة الثبات على حق العودة ؟ . خرج شبابنا المؤمن بحق العودة بحادثة مشرفة هزت الضمائر وحركت العواطف حتى قال بعض الناس : " الآن الآن ... عرفنا ما معنى حق العودة"! ، فليستمر شعبنا في مسيرة العودة ، ولتفتح جبهات العودة عبر البر والبحر والجو ، وليستمر "الشباب" في كشف الوجه الحقيقي لهذا الكيان العدواني المجرم وأمنه المزعوم الذي هوى وسقط بأيدي عارية مسلحة برشاشات "حرية" و"كرامة" تعلموا صنعتها من شباب الانتفاضتين والثورات العربية المباركة .
سقط العدو الصهيوني في "بروفة" ثورة ، وتخلخلت بناه الأمنية في طرفة عين ، ونقول للعدو الصهيوني مستعينيين بجملة لأحد الضباط الصهاينة في تصريحه لـ"معاريف" : "إن الأمر لم [ولن] ينته عند هذا الحد..." ، ترقبوا القادم الذي لن يأتي إلا بالشر عليكم وعلى دولتكم "البلطجية"! ، وإن غداً لناظره قريب ،،، وكل عام وأنتم إلى تل الربيع أقرب ! .