عبرة وموعظة للذين يحذرون القتل والأذى!

عبرة وموعظة للذين يحذرون القتل والأذى!

طارق أبو جابر

قرأت قصة عجيبة ،أعرف كاتبها ، وأعرف بطلها ، كما أعرف نفسي ، ووقعت أحداثها إبان الأحداث الأولى في سوريا في الثمانينيات ، وكان صاحب القصة وإن شئت (بطلها) شابا مستقيما طيبا فقير الحال ، يكره الظلم والفساد ، ويؤيد الثورة التي انتفضت ضد النظام الغاشم ، مع أنه كان منتفعا من كون بعض أقاربه منخرطين في سلك النظام ، ويشكلون له حماية من الاعتقال والبطش بسبب استقامته ، وأمنوا له ، دون غيره ، القبول الذي يستحقه في الصف الخاص .. وعلى الرغم من ذلك ، فقد رفض التنازل عن قناعته ، وأبى الانضمام إلى حزب البعث من أجل لقمة العيش ... المهم في القصة أن الشاب كان متعاطفا مع الثورة على النظام ، وكان يدفع للثائرين ، ما تيسر له ، وكان يقول لصاحبه لولا أنني أخشى على هذه العجوز (أمه) أن تصيبها فاجعة ، لكنت التحقت معك بالصفوف طلبا للشهادة ، فقد كان بارا بأمه ، وكانت أمه محتاجة له ، وشديدة الحرص عليه.    

وفي تلك الأثناء يُطلب للخدمة الاحتياطية في لبنان ، وبعد أسابيع قليلة يلقى مصرعه ، ويؤتى به إلى أمه ، وتفجع به العجوز المسكينة ، وتفقد عقلها ، وتهيم على وجهها .. أما صاحبه الذي وضع نفسه في عين الخطر ، فما زال حيا يرزق ، يروي قصة صاحبه للعبرة والموعظة ..     

أعرض هذه القصة التي لا تحتاج إلى تعليق ، لمن عرفوا الحق ، وعرفوا طريق الخلاص ، وأيقنوا بأن لا حرية ولا كرامة ولا أمان ولا مستقبل لهذا الشعب في ظل هذه العصابة المجرمة ، ومع ذلك فهم يترددون في الاندفاع مع جماهير الشعب للخلاص من هذا النظام المستبد الباغي المجرم ، وصون البلاد من الضياع في مهاوي الفساد والرذيلة والتبعية الذليلة ، ومشاريع الفتنة الطائفية الحاقدة المدمرة .. حذر الأذى أو القتل في سبيل الله ، ويبخلون على أنفسهم بالشهادة في سبيل الله ، ويحرمون أنفسهم من هذا المجد والشرف والخلود عند الله وعند الناس ، وأذكر بقول الحق عز وجل:((أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ )) فهل من معتبر؟!