صمود مرسي الأسطوري في مواجهة الفرم الانقلابي!
صمود مرسي الأسطوري
في مواجهة الفرم الانقلابي!
أ.د. حلمي محمد القاعود
يبدو والله أعلم أن السادة الانقلابيين الدمويين الفاشيين لم يعد أمامهم غير سياسة الفرم التي نادى بها ذات ليلة قريبة بوق مأجور من أبواقهم الكريهة حين خاطب قائد الانقلاب قائلا : " افرم يا " .." ولا تخش إلا الله !" .
وفي الليلة ذاتها أخرجوا شبحا من أشباح الماضي الكريه – كان أمينا للأمم المتحدة – لينادي بالاستقرار في مصر بكل الوسائل (!) دون المصالحة ، وفي الوقت نفسه يطالب بالتفاوض في كل مكان آخر غير مصر، ويضرب مثلا بالتفاوض الذي شارك فيه قبل سنوات بين حكومة السلفادور وجماعات المعارضة المسلحة التي شارك فيها باسم المنظمة الدولية !
البوق الإعلامي تحركه المصلحة والخوف من البيادة ، وشبح الماضي ينطلق من تعصبه الصليبي الطائفي وكراهيته للإسلام وازدرائه للمسلمين وخدمته للغرب المتوحش طوال عقود ..
في الوقت نفسه كان الرئيس الشرعي محمد مرسي – فك الله أسره – يقف في المحكمة الهزلية التي تحاكمه بتهم ملفقة ؛ ليكشف طرفا من جريمة اختطافه وإجباره قسرا على مغادرة الحرس الوطني إلى قاعدة عسكرية بحرية تم وضعه فيها بالمخالفة للقانون ، والضغط عليه ليتنازل عن الشرعية والحرية والديمقراطية ، ويعلن وفاة الثورة المصرية العظيمة التي وأدتها قوي الشر، وهي قوى لا تخفي كراهيتها للإسلام والمسلمين : تل أبيب وواشنطن والاتحاد الأوربي والأعراب الجاهلون وأدواتهم في مصر .
ثم جاء التسريب التلفزيوني - شبه المؤكد - الذي أذاعته الفضائيات ليقول للعالم إن اختطاف محمد مرسي لم يكن نتيجة ثورة الفوتوشوب ولا دعاوي الكنيسة المتآمرة ، ولكنه كان مؤامرة كبرى شاركت فيها القوى المعادية للإسلام وموّلها الأعراب الغلاظ الذين يعتقدون أن تركيع مصر سيحقق لهم الأمن والبقاء.
لم يخضع محمد مرسي لإرادة الخاطفين . جاءت كاترين آشتون لتضغط عليه ترهيبا وترغيبا من أجل الاستسلام ، ولكنه بعزة المؤمن وصمود المجاهد رفض الاستجابة للسيدة الماكرة ، ولم تؤثر فيه الضغوط المتتالية ليستسلم أو يطلب النجاة.
أرادالله سبحانه أن ينصفه حيث خذله من غدروا به ، فجاء الشريط التليفزيوني المسرّب ليذكّرهم بصمود الرجل وصبره وعزته ، وليبعث من جديد دفء الحرية في أوصال المطالبين بها على امتداد شوارع مصر وميادينها منذ عام ونصف تقريبا.
فتح التسريب بغض النظر عن صحته ، أو فبركته كما وصفه النائب العام في بيانه المتسرع ؛ قضايا عديدة في الواقع المأساوي الذي تعيشه مصر تحت القبضة العسكرية الفاشية التي حوّلت مصر إلى قصعة الأمم منذ ستين عاما ، ويمكن إيجازهذه القضايا في النقاط التالية :
الأولى : أن الجيوش في العالم المتحضر – بل في بوركينا فاسو – تخضع للإرادة الشعبية المدنية وتأتمر بأمرها ، وفي بوركينا فاسو عندما أسقط الشعب الحاكم الطاغية ، وصعد بعض العسكر الحكم بالقوة ، فإن العالم أرغمهم على تسليمه إلى القوى المدنية وبالفعل تم تعيين رئيس مؤقت من الشعب .
الأمر يختلف في مصر المنكوبة حيث حكم العسكر منذ انقلابهم عام 1952 بقوة الدبابة ثم بهدير الأباتشي . لم يقبلوا بحكم مدني ديمقراطي ، وتآمروا على التجربة الديمقراطية بعد ثورة يناير ليعيدوا الوطن كما كان في عهد البكباشي الأرعن الذي جلب على مصر الهزائم والعار والخراب ، مما تدفع مصر ثمنه حتى اليوم !
الثانية : أن اهتزاز مؤسسة القضاء أمام توحش العسكر ، والمساعدة على تزوير أوراق رسمية على " مية بيضا " كما ظهر في التسجيل –فضلا عن الألفاظ الهابطة التي تضمنت شتائم لا تليق بمن ينتمون إلى مؤسسة رفيعة - يشي أن دولة القانون والأخلاق قد سقطت تماما ولم يبق منها ما يشير إلى بارقة أمل في مستقبل إنساني أفضل لوطننا التعيس .
الثالثة : تتلاطم الهواجس المخيفة تجاه أخطر مراكز الدولة العسكرية وهو مكتب قائد الجيش ووزير الدفاع الذي تم اختراقه وتسجيل ما يحدث فيه بمثل هذا الوضوح ، فكيف يأمن الوطن على الأسرار العسكرية لجيشه ، وهي من أهم الأسرار التي يتوقف عليها مصير البلاد والعباد ؟
لقد تحدث الفريق أحمد شفيق المرشح المهزوم قبل أيام في برنامج تلفزيوني يقدمه مذيع اسمه وائل الإبراشي، وذكر أن هناك من يتجسس له ويزوده بأدق الأسرار والتحركات لرئيس الجمهورية الشرعي محمد مرسي ، وأنه يستطيع الوصول إلى معرفة أدق الأسرار لأي مسئول . لم يعقب أحد من المسئولين الحاليين على ذلك ، وهو ما يعني أن هناك من يعمل داخل المؤسسات الحساسة لحساب هذا المرشح أو جهات أخرى ، ويجعل الهواجس المخيفة أشد وأقوى!
الرابعة : أن الإعلام الانقلابي مع خسته ووقاحته وكذبه ، يمثل حاله من الحماقة التي تسهم في تخريب الوطن وانهياره ، وليس النظام الحاكم ، ولا علاج لهذه الحماقة مالم يذهب الانقلاب من حيث أتى .
أراجوز تلفزيوني يعلق على التسريب ، فيدّعي أنه جرى منذ أيام المجلس العسكري ؛ ونسي الأراجوز أن محتوياته واضحة وضوح الشمس وتشير إلى أنه يتناول عملية اختطاف الرئيس الشرعي – فك الله أسره .
مأجور آخر يدعي أن عبقرية الإخوان هي التي فبركت التسجيل ، وأنا أشكره لأنه اعترف للإخوان بالعبقرية . لو كان الإخوان عباقرة في فبركة تسجيل حساس مثل هذا ما كانوا سمحوا لأحد أن يغدر بهم ويدخلهم السجون ، ويحكم عليهم بالإعدام ، ويصادر أموالهم وممتلكاتهم !
مأجور ثالث يطلب قتل مليون مواطن لتستقر البلاد ، وكأن القتل هو الحل لمشكلات الانقلابيين والطريق الصحيح لاستمرار وجودهم غير المشروع .
الخامسة : يطرح التسريب قضية الفصام الذي يعيشه بعض المصريين حين يكون تديّنهم شكليا بينما سلوكهم يمثل اتجاها آخر لا علاقة له بالدين ولا الأخلاق . كانت الحوارات تجري في التسجيل بين من يريدون التزوير وتستيف الأوراق ( على مية بيضا ) في الوقت الذي يرتفع فيه صوت الأذان ( الله أكبر ) ! صار صوت المؤذن لا يمثل رادعا لمن يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ؟ ولا يعلمون أن الله أكبر وأكرم وأعدل ؟
كان الجلادون في عهد مبارك يعذبون ضحاياهم وصوت الذكر الحكيم يتردد مع وقع السياط على ظهور المظلومين ." وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ " ( إبراهيم : 42 ) .
أعانك الله يامرسي في صمودك ضد مفرمة الانقلاب الدموية !