المقامة القذافية -2-

عبد الرحيم صادقي

[email protected]

حدثنا هَمَّام بن سلاَم قال: قلتُ لأبي الطرائف فلو كنتَ تهجو القذافي فما كنتَ تقول؟ قال كنتُ أقول: يا أعلقَ من قُراد، وأغْشَمَ من جَراد. يا أخْيَل من غراب، وأجوع من عُقاب. يا أظلمَ من ليل، وأطمع من طُفيل. يا أشأم من داحِس، وأحقر من لاحس. يا أكذب مَنْ دَبَّ ودَرَج، يا مُفتَرٍ بلا حرج. يا أنفر من بعير، ويا روث الحمير. يا أمرَّ من الحنظل، وأعدى من فُصْعُل. يا سَقْطَ المتاع، يا عَرَضاً لا يُباع. يا أشأم من حفَّار، وأوجع من كَيِّ النار. يا بَعْرَة حمار، وعَقِبَ سيجار. يا غُراب البَيْن، يا قبيح العَيْن. يا أجمعَ مِن النمل، وأحقر من القمل. يا أذلَّ من النعل، وأظمأ من الرَّمل. يا أخْتَل من الذئب، يا مانعَ السَّيْب. يا أنْكَرَ من شيء، يا رجيعُ يا قَيْء. يا أخطرَ من حريق، وأيأس من غريق. يا ضالاًّ بلا رَيْب، يا جامِعَ كلِّ عَيْب. يا أشأم من البَسوس، وأفسد من السُّوس. يا أخيبَ من حُنَين، يا أخا سُكَيْن. يا ثقيل الدَّيْن، كَناكِحِ الأُختَيْن. يا أخْيَل من دِيك، والزَّبَدُ بِفيك. يا عظيم النَّوْك، يا قتَادُ يا شَوْك. يا سِحاءُ يا هَرَاس، دُقَّ رأسُك بالمِهْراس!

يا أشأمَ من طُوَيس، وأهونَ من قُعَيس. وأشأمَ من عِطْرِ مَنْشِم، يا ندمانُ ولاَتَ ساعة مَنْدَم. يا حاكِماً بالسَّيْف والرُّمْح، يا أسَّ الدَّمَامة والقُبْح. يا أوجع من وَخْز الإبر، يا مَن ضلَّ وبغى وبَطَر. يا سُمَّ الأفعى، يا كلبا أقعى. يا آلَمَ من وجع الرَّاس، وأشدَّ من قلْع الأضراس. يا أعقدَ من ذَنَب الضَّب، سَخِطَ عليك الرَّب! يا أعيا من باقل، أبَهْمَةٌ أم عاقل؟ يا أمَرَّ من العلقم، وظهيرُك شَلْقَم. يا أغرَّ من سراب، وأقذرَ من ذُباب. يا أهون من النُّباح على السحاب، يا خائن الأهل والأصحاب. يا أغرَّ من المنى، يا حرفا بلا معنى. يا أهلكَ من تُرَّهات السَّباسب، وأحرقَ من نار الحُبَاحِب. جئتَ بالعجائب، وأغرب الغرائب. يا أوهن من بيت العنكبوت، ألقاك الله في بطن حوت! يا حقيراً زَمْجَر، ثم سكت وجَمْزَر. وأحكمُ منه شَعْهَر، في حَكْيِ ابنِ أَزْهَر. سُحْقاً لكَ يا نَخَّاس، يا مُحْدِثاً في نُعاس. يا قبيح النّْشْر، وَيْلَك يوم الحَشر! يا أعفشُ، يا أخفش. يا كيسَ قمامة، يا أوْجَلَ مِن نعامة. يا ذَرْقَ الطَّيْر، يا ثِقَلَ النِّير. ملأتَ الصُّرَّة، وتركتَ العُرَّة. يا أشحَّ من ذات النَّحْيَيْن، يا أظلم الثقلَيْن.

مُتْ بالجَرَض، أقعَدَك المَرَض! وأوْهَنكَ الجُذَري، فاسْمَك لا تَدْري! رَجَوْتُ لك البُرَداء، ومعها كلَّ داء، ونزولَ البلاء، وسوءَ الجلاء، وضَنْكاً وشقاء، بأرضٍ خلاء، فلا شربة ماء، ولا نَعْمَاء، ولا نفخةَ هواء، سوى ذئاب وعُواء. ويفترسُك دَبْخَس، معه عَنْبَس، وجاءَك القَسْقَس، يُسابِقُ البَهْنَس، فيَومُك نَحْس، ولا لك رَمْس، بل جيفةٌ قذرة، يا حاملَ العَذِرة. يا أحمق من جَهيزة، بِئْسَت النَّحِيزة. بُليتَ بالسُّلِّ والصَّمَم، والعَمَى والبَكَم، والنِّقْرِس والقَرَم. وإمساكٍ ومغص، وصرعٍ وبرَص. وداء الأسد، وحِكَّةٍ ورَمَد. وعُسْرِ هضمٍ ورَعْف، وجنونٍ وخرَف. ونَحْزٍ وطَنَى، وشِدَّةِ الضَّنَى!

يا مَنْبِتَ الجَهْل، لكَ ماءٌ كالمُهْل! يا رَوْثَ الخروف، يا نَتْنَ الصُّوف، في المكان المَطِير، تحت الحَصِير. يا مَن يَعْوي وينبَح، ويسلخُ أهلَه ويَذبَح. ولا يَعرفُ حوّاً من لوٍّ، ويَغرقُ في دَلْو. يا أذلَّ من النَّقَد، وأحقر من الوَتَد. وأشأم من براقش، يا رأس الحرافش. يا أقرصَ من السُّلاء، وأشأم من رغيف الحولاء. يا أتفَهَ مِن رأيِ الأَخْرَق، وأقبحَ من غَمَصِ الأبْخَق. إن تَهِجْ كهَيْجِ الأحمق، فقد تمرَّدَ مارِدٌ وعزَّ الأبلق. أهْلَكَكَ اللهُ بالصَّرْصَر، والوَبْر والصِّنَّبْر. وغدَّةِ البعير، وظمإ الحمير! أُهْلِكتَ برجمٍ وغَرَق، وسُمٍّ في مرَق. وخَسْفٍ وصَيْحَة، ونَزْفٍ وقَرْحَة. يا أصْوَل من الجَمَل، يا قولا بلا عمل. يا أثقلَ من حِمْل الدَّهيم، أصْلاك اللهُ حرَّ الجحيم! ولَطَمَك لطْمَ المُنتقِش، يا نَخْبُ يا مُنْتَفِش. يا جمَلَ السقاية، وشيطانَ الغِواية. يا أذلَّ من بعير سانِية، أفَحْلٌ تحرسُه غانِية؟

يا أخسرَ من حمَّالةِ الحَطَب، يا وضيعُ يا هجينَ النَّسَب. يا أحمق من دُغَة، وأشبهَ بوَزَغَة. أصابَك بَرْدُ العجوز، وأحْرَقَكَ قيظُ تموز! يا أوقحَ من سَجَاح، يا كثير النُّباح. يا مَذّاقَ الحديث، لك الموتُ الحَثيث! يا صاحبَ الحسناء، لكلِّ عروسٍ سوداء. يا فَمَ الفتنة، ما هذه المِنَّة؟ أنْ عبَّدْتَ أبناء المختار، وأطلقتَ يد الأشرار! يا جارحَ اللسان، وحاملَ السِّنان. عَضضْتَ بِنابِ النَّوائب، وتركتَ الدِّيارَ خرائب. زرعتَ الشقاق، يا رأسَ النفاق. يا كَلْكَلَ الدَّهر، يا مَلِك القَهْر. يا مَحروسَ الخِرْبَاق، وأختِها الغِلْفاق.

يا بغلةَ أبي دلامة، للشرِّ فيك علامة. يا أذلَّ من حمار قبان، سيَّانَ عندك الناس والجُرذان. من ليبيا وما شبهتَ المختار! فلَأنتَ أخلف من وَلَد الحمار. يا أعْسَرَ من صوف الكلب، يا أطمعَ من شاةِ أشْعَب. يا فَحْلَ السُّوء، بَرَكْتَ فلا نَوْء! لَوْ فيك قال القائل:

تصُولُ علَى الأدْنَى وتَجْتنِبُ العِدَى ؞؞؞  وما هكذا تُبْنى المَكارِمُ يا يَحْيى

فأنتَ كفَحْلِ السُّوءِ يَبذُلُ أُمَّهُ ؞؞؞ ويَترُكُ باقي الخيْلِ سائِمَةً تَرْعَى

ما جانبَ الحقَّ قائِلُه.

ثم قال أبو الطرائف: أسألُ الله القدير، مُيَسِّر العسير، أن أراك يا قذافي، هائِماً في الفيافي، كجمَلٍ أجْرَب، لَسَعَهُ عَقرب. ولا جُذَيْل مُحَكَّك، ولا ما يُوَاري سَوْءتَك.

قال هَمَّام بن سلاَم: فقلت آمين! آمين! آمين!