المواطنة الحقيقية
حسام العيسوي
أثناء ثورتنا المباركة ، كنا نهتف جميعاً بشعارات وأغان وأناشيد في حب مصرنا الغالية ، حيث رأينا العجب العجاب ، رأينا من رسم على ملابسه صورة جيفارا ، كما رأينا من بدا على وجهه اللحية الجميلة ، لم يمنع أحدنا الآخر من إلقاء شعاراته ، ومن سماع أغانيه ، بل إن أحدنا كان يبكي لما يراه من الحرارة الشديدة التي ظهرت على ألسنة بعضهم البعض ، ذات يوم وجدت رجلاً يحمل لافتة مكتوب عليها كلام جميل ولكن بعضه غير مفهوم ، ووجدنا أنه اصطحب ولداه يلبسان مثل ملابسه ، فعندما سألناه قال أنه مسيحي وهذه الصورة المرفوعة وهذا الكلام غير المفهوم هو تعبير عن الشهداء من المسلمين والمسيحيين ، وجدنا الدكتور سامي فرنسيس يقبل يد الشيخ محمد العباسي ، وردّ عليه الشيخ بتقبيل رأسه ،وجدنا أختنا التي لبست ملابس ضيقه ووجدنا أحدهم حينما أرهقها التعب أنه قام بتغطيتها وهي نائمة ، وجدنا الأخت المسيحية توضئ الأخ المسلم ، وجدنا قدّساً مسيحياً يدعو فيه القس ويدعوا فيه الشيخ ، وجدنا وجدنا الكثير والكثير ، هذه هي المواطنة التي نتحدث عنها ، آلاف القصص والحكايات تحكي وتعبر عن هذه المشاعر الصادقة تجاه بعضنا البعض ، فمهما سمعنا من أحداث تريد أن تفرق أصحاب الوطن الواحد فلن نصدق ،لأننا رأينا المواطنة الحقيقية ، والتي طمستها عصور القهر والظلم والطغيان ، دعانا إليها نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما قام بعمل أول وثيقة في المدينة مع سكانها من اليهود ، وكانت خلاصتها أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، رأيناها حينما اشتكى القبطي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمرو بن العاص واليه على مصر وقالها صلى الله عليه وسلم كلمة باقية إلى قيام الساعة متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ، هذه المواطنة جزء أصيل من ديننا الحنيف ، نثاب على مراعاتها ، ونحاسب على التقصير فيها .