حرية دون فوضى

محمود القلعاوي /مصر

مستشار اجتماعي وتربوي على شبكة الإنترنت

[email protected]

من ثمرات هذه الثورة المباركة التى عشناها وشاهدناها فى مصر هذه الحرية التى ينعم الجميع بها .. ولكن للأسف رأينا البعض عبر عن حريته بفوضى عاشت فيها البلاد وشكى منها العباد .. فوضى أُريد بها إفساد الحرث والنسل والله لا يحب الفساد .. حتى اختلط على البعض الفرق بينهما ..

والحرية يا سادة شيىء رائع .. فرائع أن تشعر أنك حر .. تستطيع أن تقول ما تشاء .. وتذهب أينما تشاء .. حر ما لم تضر .. لا ظالم تخاف منه .. إرداتك غير مسحوقة .. وبالطبع كل هذا بضوابطه الشرعية .

بالحرية نستطيع أن نتنفس .. نستطيع أن نبدع .. نستطيع أن نتكلم .. أن نعبر عما نريد .. أن نكتب .. ولذا كان إفتقاد الحرية إفتقاداً لكل هذا .. والدول المتقدمة لزاماً أن تكون لديها حرية .. وإلا ما تحركت وما تقدمت وما سبقت غيرها ..

وقد جاء الإسلام فوهب المسلم هذه الحرية بكل معانيها .. حرية فكر .. إعتقاد .. إبداع .. تفكير .. سلوك .. سياسية ..

______________________________________________

الإسلام ثورة تحريرية شاملة

ولو نظرنا إلى الإسلام لوجدناه ثورة تحريرية شاملة كاملة .. لقد جاء ليحررنا من كل قيد على وجه الأرض .. وكما يقول الأستاذ راشد الغنوشى :- ( لم يخطئ القول أكبر منظّري الإسلام المعاصر أبو الأعلى المودودي وسيد قطب إذ عرّفا الإسلام بأنه ثورة تحررية شاملة تنطلق من أعماق النفس والعقل والإرادة لتمتد إلى كل ركن من أركان الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ) .. ويقول أيضاً – بتصريف - :- ( ها هو الدين يأتى لكسر الأغلال التي تكبل النفوس والعقول والأجساد وتفرض استعباد الإنسان لأخيه الإنسان تحت أي مبرر ( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ) سورة الأعراف : 157

______________________________________________

بين الحرية والفوضى

ولكن ما نراه من البعض بعد هذه الثورة المباركة من تجاوزات وخروج عن كل نظام باسم الحرية أمر خطير ، ولبس عظيم .. فالبعض لا يفرق بين الحرية والخروج عن النظام وبل والفوضى .. مع ان الفارق بينهما عظيم  .. فالحرية بناء أما الفوضى فهدم .. وأظن أن الفارق أوضح من أن نكثر الكلام فيه ..

والأصل أن المسلم يسعى للنظام وجد رقيب أم لا .. يسعى لبناء الصف المستقيم فى كل مكان يكون فيه .. يسعى للنظام لأن ديننا دين النظام .. أليست سورة كاملة من سور القرآن الكريم اسمها سورة الصف ؟!..

ألا تذكرون أحبتى أن الصف المستقيم محل نظر الله ؟!

وهنا يقول الأستاذ :- محمد عبدالمؤمن :- ( إن ديننا الإسلامي يرفض الأعمال الفوضوية التي تخالف القوانين وتخل بالأمن والنظام والسلام الاجتماعي لأن ديننا هو دين يدعو إلى الخير وينهى عن الشرّ والفساد، ( وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى الأرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ) سورة الأعراف:56

ويقول :- والإخلال بالأمن يعتبر من الإفساد في الأرض، وأيُّ إجرام أعظم من الافساد في الأرض؟! حيث نهى عنه ربّنا جلّ وعلا، وتتابعت رسُل الله وأنبياؤه ينهَون عن الفساد في الأرض  قال نبيُّ الله صالح عليه السلام لقومه: (وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِى الأرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ ءالآء اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الأرْضِ مُفْسِدِينَ) سورة الأعراف:74

ويقول :- إن الفسادُ في الأرض خُلُق اللئام من البشر، والله لا يحبّ المفسدين ولا يصلِح عملَهم ، قال تعالى:- (وَيَسْعَوْنَ فِى الأرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) سورة المائدة:64