أيها "اليمن السعيد"
أيها "اليمن السعيد":
ستعود سعيداً دون القتلة والمستبدين
أ.د. ناصر أحمد سنه - كاتب وأكاديمي من مصر
لم يعد السكوت ممكناً مع ما حدث من مجزرة، ومذبحة مروعة يوم الجمعة 18/3/ 2011م في ساحة التغيير بالعاصمة اليمينية.
لم يعد السكوت ممكنا وعشرات اليمينين(ما يزيد عن خمسين)، بصدورهم العارية، يذبحون، ومئات الجرحي، بتطلعهم للحرية، يتساقطون.
مؤسف، ومحزن، ومؤلم، وممنوع، ومدان إطلاق الرصاص الحي علي أدمغة وأعناق وقلوب وصدور وبطون أكثر من خمسين من بين شباب ورجال "اليمن السعيد".
شباب ورجال نحيلي البنية، لكنهم قوّي الإرادة، غزيري الحكمة، و"الحكمة يمانية". هم يصرون علي التعبير عن الرأي عبر تظاهرات وإعتصامات سلمية، والآخر يجرونهم لتكون دموية في بلاد ما أكثر شيوع السلاح فيها، وأما أسهل اقتنائه.
مؤسف، ومحزن، ومؤلم، وممنوع، ومدان إطلاق الرصاص الحي علي تجمعات جماهيرية ، (مكثت سلمياً لما يزيد عن شهر) تبغي الحرية والكرامة والتحرر التحرير والتغيير. فكفي "نظاماً" تحكم لثلاثة وثلاثين عاماً.. لقد بلغ السيل الزبي.
إنها نظم تدعي تحمل المسئوليات الجسام، وتراهم وأسرهم وأولادهم وذويهم يموهون ويتحايلون ويقاتلون من أجل البقاء.. حيث لا بقاء فقد سالت الدماء، وانعدمت "الثقة المتبادلة"، ومن قبلها غابت الشرعية والمشروعية والعقد الاجتماعي بين المتحكمين، وبين المقهورين.
ليدلني أحد علي نهضة بلد عربي ما، كما نهضت اليابان وألمانيا والهند، ونمور أسيا، وأخيرا البرازيل وتركيا.
لا غرو أنها كانت ـ ومازالت ـ أنظمة غنائم، لا مغارم، أنظمة مُلك عضود وتمّلك ومتعة واستمتاع لا عبئا ثقيلا ومهاما ثقالا يتخوف منها من يعرف قيمة المسئولية أمام الله تعالي، ثم أمام الشعوب.
لكن مضي وولي زمن القهر، والخوف والإذلال، والظلم، وخاب وخسر من راهن علي موت الشعوب. الشعوب لا تموت ومتحكميها هم إلي زوال.
كفي طغياناً، واستبداداً وقهراً للشعوب.. متى استعبدتموهم وورثتموهم وأورثتموهم، وقد خلقهم الله تعالي، وولدتهم أمهاتهم أحراراً؟. وفق الداروينية السياسية والاجتماعية.. إذا البقاء للأقوى وللأقهر وللأبطش..، تقتلونهم وتبيدونهم وتحاصرونهم، وتفقرونهم، وتدعون أنكم تعملون وتتولون وتنافحون عن مصالحتهم.
كفي فساداً وإفساداً، نهباً وإنتهاباً، وتبريراً وتسويقاً له. السلطة مفسدة، و"السلطة المُطلقة، مفسدة مُطلقة". أين الأمانة النزاهة والرقابة والمراقبة والمسئولية والمحاسبة؟. أين تنفيذ أحام القانون، وتمتع السلطة القضائية بالاستقلال الكامل؟.
كفي طغياناً واستبداداً واستكباراً في الأرض من الميلاد حتي الممات، من القصور حتى القبور. كفي دعاوي "استقرار الأنظمة الفاسدة المستبدة"، وما هكذا شأن ومآل أمتنا.
أيها اليمن السعيد: ستعود سعيداً دون القتلة والمستبدين.
أيها اليمن السعيد: ستعود سعيداً وستقتص من القتلة والمستبدين، وعلي الباغي ستدور الدوائر.
أيها اليمن السعيد: ستعود سعيداً، تنعم بالحرية في كل مدنك وقراك.. في صنعاء وعدن وتعز والضالع ومأرب والمعلا وغيرها. ستعود لتداول السلطة، وتغير البرامج والسياسات والوجوه؟؟. إن التغير والتغيير سنة الحياة، والعقم والفناء صنو الجمود والتخلف والموت.
أيها اليمن السعيد: ستعود سعيداً، ستصل ما أنقطع من ريادتك وحضارتك الضاربة في أعماق التاريخ البشري.
أيها اليمن السعيد: ستعود سعيداً، وسنسعد بسعادتك، قلوبنا وأرواحنا معك، فنحن شعب واحد، وطن واحد، أمة واحدة:"إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ" (الأنبياء: 92).