أحمد ياسين.. ملهم الثورات وشيخ الشهداء
محمود المنير
مدير تحرير جريدة الحركة/الكويت
سبعة أعوام مضت على ذكرى استشهاد الشيخ الشهيد أحمد ياسين ملهم الثورات وشيخ الشهداء ومازال عبق الشهادة يفوح من قطاعه المحاصر غزة ، ومن وطنه الكبير فلسطين ، ومن شرايين تلاميذه المجاهدين ، كان خير نموذج للقائد الذي صنع من العجز أسطوة القوة ، ونسج من الحلم بالتحرير حقيقة المقاومة الباسلة ، وهو صاحب الهمة العالية رغم ضعفه، السليم بمنهجه وأفكاره ومبادئه رغم مرض جسمه ، المتّقد نشاطاً وحيوية رغم شلله شبه الكامل ، الجريء بإيمانه حين جبن عملاء الاحتلال، المستنير بطاعته في الوقت الذي تلوث أذناب الاحتلال بكبيرة الخيانة للقضية .. انتفض على كرسيه المتحرّك كمجاهد يصول ويجول في الميدان يقود كتائب القسام ضد غطرسة الاحتلال الصهيوني ، ويرسم معالم الطريق نحو مسيرة التحرير.. كيف لا وهو المجاهد الفلسطيني اللاجئ المصاب الأسير المقاوم الشهيد؟!.
ثائر لا يعشق سفك الدماء
نعم كان ثائر على المحتل وفى نفس الوقت صمام أمان لحقن دماء شعبه و لا يسع التاريخ إلا أن يسطر عنه أروع المواقف فلقد كان الشيخ ياسين معطاءً وقدوة وجدت مكانها في العقول والقلوب حبا وتقديرا وإيمانا وسلوكا ونهجا، بل وجدت الاحترام الخفي لدى الخصوم والأعداء وبإخلاصه جعل من نفسه صخرة لتحطيم المؤامرات، وصمام أمان لحقن الدماء الأخوية والأسرية الواحدة للشعب الفلسطيني الممزق والجريح حتى الآن .
كيف لا وقد كان الشيخ ورجل الحكمة عندما تدلهم الخطوب وتزيد حلكة الليل وتطل الفتنة برأسها ويدب اليأس في نفوس البعض.
ثائر حتى يرحل المحتل !!
كثيرا ما كان يُسئل إلى متى ستبقون تقاومون يا شيخ ؟ فيرد الشيخ بابتسامة ويقول: حتى يرحل الاحتلال، قد تهدأ الأمور حينا لكننا لن نتوقف عن المقاومة، نحن على يقين بنصر الله، حتى لو مات الشيخ ياسين وكل قادة حماس لن تتوقف المقاومة .
اتسم بالصمود الفريد رغم عجزة البدني حتى أجهد كل الأصحاء لاسيما فيما يتعلق مواقفه من الاحتلال والمقاومة فقد كان من النوع القوي الذي لم يفكر أبدا بزحزحة آرائه، فدائما كان يكرر ويؤكد على أن الحرب ضد الاحتلال ستستمر بكل قوة، ومهما كان الثمن كبيرا، ومهما كانت التضحيات جسيمة".
وصفه تلميذه النجيب إسماعيل هنية بأنه : "كان خزان الدعوة والجهاد والإنسانية والاحتضان لكل أبناء الشعب الفلسطيني وراعي الوحدة الوطنية التي طالما تمسَّك بها، لافتًا إلى أنه جعل من بيته متسعًا لكل القوى والفصائل الذين رأوا فيه مفتاح الوحدة والأمل الذي يحدوها من أجل فلسطين والقدس والأسرى واللاجئين.
ولقد تمسك الشيخ ياسين بركيزتين طيلة كفاحه، وهما: بناء الجيل والشخصية الفلسطينية المقاومة، ثم التمسُّك بمشروع تحرير كل فلسطين.
ولقد علَّمنا التاريخ أن الذين يموتون من أجل العقيدة والأفكار تموت أجسادهم ولكن لا تموت الفكرة الحية في قلوب المؤمنين، والذين يتبعون خط المقاومة الأصيل".
ثائر حتى الشهادة !!
ونحن نستذكر اليوم ذكرى استشهاده السابعة في الوقت الذي يموج فيه الوطن العربي بثورات عظيمة لتحرره من ربقة الأنظمة الفاسدة والمستبدة التي سامت شعوبه قهرا وظلما وفسادا لعقود طويلة نجد أنه أحد الذين ألهموا هذه الثورات التي نشهد ملاحمها اليوم وهى تسقط عروش الطغاة والعملاء ، كيف لا وقد عاش حياته ثائرا من أجل فلسطين منذ عام 1982 حتى استشهاده فجر يوم الاثنين 1 صفر 1425هـ والموافق 22 مارس 2004م، وذلك لدى عودته من صلاة الفجر، حيث استهدفته مروحية صهيونية بثلاث صواريخ، فنال الشيخ أمنيته الغالية وهي الشهادة، بعد سنوات طويلة من ثورته الدائمة ضد المحتل الصهيوني والتي لم يتوقف فيها عن الجهاد والنضال والدفاع عن فلسطين والقدس والأقصى.
دروس للثورات من أقوال الشيخ الشهيد :
لقد ترك الشيخ الشهيد أحمد ياسين دروسا للأمة بأسرها لا يمكن أن تنساها ذاكرة ثواره ومناضليه ، فكان يقول دائما رحمه الله: لا تلعنوا الظلام ألف مرة وليوقد كل منا شمعة تنير طريق الآخرين، واستشهد وهو يقول: أملي أن يرضى الله عني.
وشكلت أقواله على بساطتها رصيدا لا ينضب لكل مناضل من أجل الحرية ومنها:
"العدو يطالبنا بوقف المقاومة، لكننا نتساءل لماذا لا يطالب العالم بوقف الاحتلال الإسرائيلي؟ ومن الذي يجب أن يتوقف؟ من يدافع عن نفسه أم من يحتل الأرض؟".
"العدو الإسرائيلي لا يترك للشعب الفلسطيني خيارات سوى خيار واحد، هو المقاومة والجهاد والاستشهاد".
"إذا أعطينا الاحتلال وقف إطلاق للنار فذلك يعني أننا أعطينا الاحتلال شرعية وجوده، وكذلك أمنه وأمانه.. لن نعطي هدنة إلا إذا خرج من الأراضي الفلسطينية كلها، وأطلق سراح المعتقلين جميعا، وأوقف عدوانه".
"لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين، هم يريدون منا هدنة طويلة الأمد، ونحن جربنا الهدنة فلم يكن هناك التزام من الطرف الإسرائيلي، فكيف يمكن أن نعطي هدنة جديدة من جانب واحد؟! لذلك فإن الذين يلهثون وراء هدنة جديدة، هم الذين لا يقدرون على فهم أبعاد المعركة".
"العدو يعتبرنا كلنا إرهابيين ولو قدر سيغتال الشعب الفلسطيني كاملا فهو يريد أرضاً بلا شعب، فلا يهمنا أي تصنيف... في التاريخ الإسلامي كانوا يقولون عن الرسول إنه كاذب وساحر فهل كانت حقا فيه هذه الصفات؟ لكنه صبر وتحمل وجاهد وفي النهاية انتصر الإسلام "
"إننا طلاب شهادة . لسنا نحرص على هذه الحياة، هذه الحياة تافهة رخيصة، نحن نسعى إلى الحياة الأبدية".