ثورة مصر... وعودة الروح

حسام مقلد *

[email protected]

لا نبالغ إن قلنا إن ما شهدته مصر مؤخرًا من ثورة شعبية مباركة أدت إلى تنحِّي الرئيس المخلوع حسني مبارك وسقوط نظامه الظالم الفاسد المستبد كان بكل المقاييس مفاجأة كبيرة للخبراء والمحللين السياسيين في العالم أجمع، مفاجأة أذهلت الجميع وأحيت الأمة العربية والإسلامية وأعادت إليها الروح من جديد، ربما أكثر مما فعلته ثورة عام 1919م التي أيقظت الشعب المصري ووحدته في وجه الاستعمار الإنجليزي، بحسب ما ذكر الكاتب الكبير توفيق الحكيم في روايته الشهيرة (عودة الروح).

إن ثورة الشعب المصري المباركة التي فجرها الشباب في الخامس والعشرين من يناير عام 2011م قد فاجأت جميع الحكومات والزعماء والقادة والمثقفين والمفكرين وعلماء الاجتماع وخبراء السياسة في كل أنحاء العالم، فضلا عن أنها قد فاجأت النظام المصري ذاته، وصعقته بصدمة عنيفة مباغتة أصابته بالذعر والهلع والشلل التام والإرباك الشديد رغم تاريخه الطويل في القمع والبطش والتعذيب، فبرغم وحشية هذا النظام البوليسي وجبروته إلا أن هذه الثورة الشعبية السلمية المباركة كسرت شوكته وأذلَّت كبرياءه، وشلَّت تفكيره وأرغمته في النهاية على الرحيل غير مأسوف عليه!! بعد أن دب النضج والوعي وروح التحضر والحرية في أوصال وشرايين جموع الشعب المصري، واستفاقت من غيبوبتها الطويلة التي ظن الكثيرون أنها صارت موتًا سريريا!!!

وكعادة أم الدنيا عندما تتحدث أو تتحرك تأتي فذَّة فريدة فيما تفعل أو تقول، هكذا جاءت هذه الثورة المصرية الشعبية المباركة، فقد كانت ثورة فريدة في تنظيمها وإدارتها وزعامتها وشعاراتها، وملايينها الغفيرة، وانطلاقتها في جميع المدن المصرية في نفس التوقيت، بحيث كان العالم كله يسمع هدير جميع مدن مصر في نفس التوِّ واللحظة وهي تهتف بكل قوتها:"الشعب يريد إسقاط النظام"، نعم لقد كانت ثورة مصر المباركة ثورة عالمية فريدة في تحضُّرِها ورقيِّها وسلميَّتها؛ ومن ثمَّ اكتسبت زَخَمًا شعبيا هائلا، وحظيت باهتمام إعلامي غير مسبوق، ونالت تعاطفًا وجدانيا رائعًا من غالبية الشعوب العربية والإسلامية، بل وشعوب العالم أجمع، وأرغمت السياسيين في جميع أنحاء العالم على احترامها بعد أن كشفت للعالمين حقيقة الشعب المصري وعمق تكوينه الحضاري العريق، فها هو أوباما يشيد بالثورة المصرية المباركة ويعترف أنها ألهمت العالم أجمع وغيرت نظرة الغرب تمامًا للعرب والمسلمين!! وها هو رئيس فنزويلا يشيد هو الآخر بالثورة  المصرية التي أعادت للشعوب هيبتها وكرامتها؛ بحيث لن تحتقر بعد اليوم وسيُعمل لها ألف حساب في النظام السياسي العالمي الجديد.

ولا ريب أن النتائج التي ترتبت على هذه الثورة المباركة ـ حتى الآن... ـ والواقع الجديد الذي ستفرضه في المستقبل القريب سيكون بإذن الله تعالى شديد الأهمية والتأثير في مستقبل مصر وأمَّتَيْها العربية والإسلامية، ولا نبالغ إن قلنا في مستقبل العالم أجمع!! ولعلي أُجْمِل ذلك في عجالة على النحو التالي:

1.    لقد أثبتت هذه الثورة المباركة بكل وضوح أن مصر هي قلب العروبة النابض وحصن الأمة الإسلامية الحصين، وأن شعبها الحر الأبي المتدين بطبعه شعب عظيم وعريق، تمتد جذوره في أعمق أعماق الزمن والتاريخ والحضارة، وهذا الشعب العزيز لن يتخاذل أبدا عن تحمُّلِ مسؤوليته الكبرى والقيام بدوره التاريخي في الحفاظ على الأمتين العربية والإسلامية، ولسوف تفعل مصرُ وشعبُها بعون الله تعالى وتوفيقه كما فعلت في معركة (حطين) بقيادة البطل المسلم صلاح الدين الأيوبي عندما حرر مجاهدو مصر القدس والمسجد الأقصى من سيطرة الصليبيين، ودحروهم وطردوهم شر طردة من فلسطين الغالية المباركة، وهيأ جهادُهم لاندحار الصليبيين من بلاد الشام كلها، وكما فعلت مصر في معركة (عين جالوت) بقيادة البطل المسلم قطز حيث كسرت شوكة المغول الذين اجتاحوا كل دول المشرق الإسلامي ودمروا بغداد حاضرة الخلافة العباسية، ولم يثبُتْ أمامهم أي جيش، ولم تقف في وجوههم أية قوة وتهاوت تحت أقدام خيولهم الممالكُ الإسلامية واحدةً تلو الأخرى، إلى أن وصلوا إلى حدود مصر فصدَّهم المجاهدُون المصريون وانتصروا عليهم بفضل الله تعالى، وهزموهم شر هزيمة، وردوهم على أعقابهم خاسرين، فبعد تمدد المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة وتجلِّيَاته المتمثلة في أمور كثيرة منها: احتلال أفغانستان، وغزو العراق، وحرب غزة، وتقسيم السودان، واقتراب هذا المشروع جدا من مصر ـ بعد ذلك كان لابد أن يهبَّ المصريون من غفوتهم التي طالت وكبوتهم التي دامت لعقود، وطبيعي أن تكون أسلحة المعركة وأدواتها مختلفة جدا هذه المرة لتناسب العصر، فقد كانت المعركة تِقَنِيَّةً وحضارية بامتياز، وكانت أسلحتها غير تقليدية تمامًا تمثلت في: الإعلام الجديد والإنترنت والفيس بوك والتويتر والفضائيات، ومخزون لا ينفد بإذن الله تعالى من تحضُّر وتمدن الشعب المصري العريق. 

2.    يخشى الغرب أن تتحرر الشعوب العربية والإسلامية تحررا حقيقيا يجلب لها العدالة الاجتماعية والمساواة، ويساعدها في الانطلاق الجاد نحو التحديث والتطوير والبحث العلمي وتوطين التقنية، وصناعة اقتصاد وطني حديث، ولا ترغب القوى الدولية ـ رغم خداعها اللفظي لنا في الظاهر ـ في بناء أي دولة عربية بطريقة ديمقراطية تنشئ الدولة المدنية العصرية الحديثة التي توفر الحياة الحرة الكريمة لكل مواطنيها؛ فيحصل كل إنسان على حقه، وتتحقق التنمية المتكاملة الشاملة، وتتوافر سبل النهضة العلمية الحقيقية؛ فيخطئ من يعوِّل كثيرا على نزاهة الغرب وحياديته ودعمه للحرية وحقوق الإنسان، فهم لا يريدون ذلك للعالم العربي والإسلامي، ولكننا جزء من العالم وسوف نتعامل مع جميع الدول والقوى العالمية بشكل أو بآخر، فعلينا اليقظة والانتباه وعدم صناعة أعداء لنا، فنحن لا نريد إضعاف أحد، ولا نريد أن ننهض على حساب الآخرين، وإن كنا نشك كثيرا في نوايا الغرب نحونا؛ لأن تاريخه معنا لا يبشر بخير، لكن لا مانع من التعامل الشريف مع كل القوى العالمية على أساس التشارك الحقيقي وليس التبعية الذليلة كما كان يفعل النظام البائد، ومن الذكاء الآن تفعيل فكرة التعاون الدولي على أسس من التكافؤ والعيش المشترك، والإحراج المستمر لقوى الاستكبار المختلفة التي تثير الاضطرابات والقلاقل وتعكر السلم الدولي، وكشف إدعاءاتها الكاذبة، وتعرية مواقفها الحقيقية التي تبين زيف كلامها عن الحرية والمساواة وحقوق الإنسان!!

3.    الأمة العربية الإسلامية أمة واحدة، مهما حاول أعداؤها تمزيق وحدتها وشق صفوفها، وليس أدل على ذلك مما شاهدناه من تعاطف شعبي عارم من جميع الشعوب العربية والإسلامية مع المصريين في ثورتهم ضد القهر والفساد والظلم والطغيان، وما رأيناه من اعتزاز وافتخار كل العرب والمسلمين بهذه الثورة المباركة، وفرحتهم الغامرة بسقوط الطاغية، واستبشارهم خيرا بذلك، وامتلاء نفوسهم جميعا بالأمل في أن تنهض مصر مجددا؛ لينهض أشقاؤها، وترفع راية الأمة وتضعها في مصاف الأمم القوية المتقدمة.

4.    كشفت الثورة المصرية المباركة بشاعة المؤامرة التي تحاك ضد الشعوب العربية والإسلامية بأيدٍ خارجية وداخلية، حيث هناك تواطؤ كامل ـ شديد الصراحة والوضوح ـ من الغرب الذي يدعي دعم الحرية وحقوق الإنسان مع أنظمة القمع العربية لإفشال أية محاولة شعبية جادة لتحقيق حلم: الحرية والعدالة والمساواة، وهناك طابور خامس طويل عريض، وجيش جرار من المنافقين والدجالين يعيثون فسادا بين الجماهير، ويفتُّون في عضد المواطنين، ويسعون بكل طاقتهم لنشر مشاعر الإحباط واليأس والقنوط، وبث سموم الأنانية والأثرة وحب الذات، وإشاعة الفواحش وكل أخلاقيات الفساد والانحراف بين الناس، ويعملون بكل ما أوتوا من قوة لإغراق الشعوب العربية والإسلامية وبخاصة الشباب في مستنقع الانحراف والانحلال والإباحية والدعارة والمخدرات وكل صنوف المتع والشهوات الحرام، أو إلقائهم في أتون التطرف والإرهاب، وإحراقهم بكل عوامل التخلف العلمي المختلفة، وإبادتهم من داخلهم بإثارة كل أسباب الشقاق والنزاع والفرقة فيما بينهم؛ ليسقطوا في حروب مستمرة وصراعات جوفاء لا نهاية لها ولا طائل من ورائها.

5.    لم تفلح بفضل الله تعالى كل محاولات تزييف وعي الأجيال الجديدة ومسخ هويتها، وخداعها وتضليلها وتسطيح شخصيتها من خلال الثقافات المسمومة والدعايات المضللة، وإِضْعَافِها وإنهاك قواها بإغراقها في مستنقع الغرائز والملذات عن طريق طوفان الأغاني الهابطة، وسيل الأفلام الفاضحة، والمسلسلات الإباحية والثقافة الرديئة، والكليبات الفاضحة التي لا هم لها سوى بث ثقافة التعهير، وجرِّ الشباب إلى السقوط في سعار الشهوات وأوحال الرذيلة!!

6.    تُعامِل الأنظمة الديكتاتورية العربية مواطنيها أبشع معاملة، وتحكم شعوبها بالحديد والنار، ولا تتردد مطلقا في الفتك بأي إنسان وسحقه بآلتها العسكرية الغاشمة وما فيها من كل وسائل البطش والجبروت؛ لأن المواطن العربي في عين حكامه رخيص بلا قيمة، وهو في نظرهم كالدواب بل أتفه منها!! ولا أدل على ذلك مما رأيناه في ميدان التحرير وسط القاهرة من حرب العصابات التي شنَّها الأمن المصري وفلول النظام الفاسد بالخيول والجمال على مئات آلاف المتظاهرين السلميين ولم يرحموا من معهم من الشيوخ والأطفال والنساء، بل رشقوهم بوابل من الحجارة وزجاجات المولوتوف والرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيلة للدموع، وامتدت هذه الحرب القذرة لساعات، ولولا فضل الله تعالى ثم بسالة المتظاهرين، ووجود وسائل الإعلام التي تنقل الحدث لحظة بلحظة لازدادت أعداد ضحايا هذه المجزرة البشعة في صفوف هؤلاء الأبرياء، ولوقعت كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة!! كل ذلك البطش والجبروت أوقعته حكومة الحزب الوطني في مصر بشعبها الأعزل، ولا أعرف ماذا تركت الحكومة المصرية للمحتل الصهيوني من وسائل يعذب بها الفلسطينيين العزل؟!!

7.    بعد زوال الأنظمة الديكتاتورية العربية الغاشمة عن مواطنيها الأبرياء، وبعد أن تنجلي الشدة وتنكشف الغمة قريبا بإذن الله تعالى، ستحتاج الأمة إلى وقت ليس بالقصير تعاد فيه صياغة وجدان الإنسان العربي على أساس أنه مواطن حر كريم وليس قطعة أثاث يحركها الحاكم أو المسئول كيف يشاء!! ويتم تشكيل وعيه وبناء شخصيته الإيجابية التي تعرف حقوقها وواجباتها جيدا، ولا تسمح لأحد مهما كان بأن يصادر حريتها، ويحجب عقلها أو يحجر عليه ليفرض وصايته على قراراتها، نعم سنحتاج بعض الوقت وكثيرا من الجهد والعمل لصياغة عقد اجتماعي شفهي ـ إضافة للدستور المكتوب ـ يحترمه الناس جميعا، قوامه: حماية الحريات العامة، والحفاظ على قيم المجتمع الإسلامي المتحضر المتسامح الذي يقبل الآخر، ويرحب بجميع أبنائه في إطار من المحبة والإخاء والعيش المشترك، دون السماح لأي قوى أجنبية تقوم بإثارة الفتن والنزاعات والتدخل في شؤوننا الداخلية لزعزعة أمننا واستقرارنا.

8.    لا ينبغي لنشوة النصر ولأجواء الاحتفالات ومشاعر البهجة والسرور أن تُنْسِينا الأهداف الكبرى والغايات السامية التي قامت الثورة من أجلها، وفي غمرة الحماسة وموجات الفرح العارمة بسقوط رأس النظام وتنحيته عن سدة الحكم وهي مشاعر من حقنا جميعا أن نشعر بها ونفرح ونغتبط ـ لكن لا يجوز لنا في غمرتها أن ننسى أن هذا النظام الفاسد ودولاب دواوينه الضخم العملاق لا يزال راسخًا ومتغلغلا في بنية المجتمع البيروقراطية، وسلبياته الكثيرة لا تزال مترسبة في أعماق الكثيرين منا، وتشكل نمطًا من أنماط السلوك المعتاد لنا ولو على مستوى اللاشعور، وهذه الحقيقة الاجتماعية والنفسية تفرض علينا جميعا البحث عن طرق علمية وعملية سريعة لتفكيك ذلك النظام الفاسد وإصلاح هذا الخلل المجتمعي وتخليص عقولنا ونفوسنا منه، فنحن في الحقيقة مَنْ صَنَعَ الفرعون وضخمناه كثيرا جدا في أعماقنا، ثم خفنا منه وتعاملنا معه عقودا باعتباره قدرا محتوما لا محيد لنا عنه، فعلينا شحذ هممنا جميعا، وتوجيه كل طاقاتنا لإحداث تغيير إيجابي جوهري وحقيقي في منظومة الدولة كلها، وفي جميع هياكلها ومجالاتها سياسيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، وإلا سنفيق لا قدر الله على وهم كبير وندرك بعد عقود أخرى من التغييب والتجهيل والفقر والحرمان أن كل ما جرى كان مجرد استبدال طاغية بآخر!!

9.    ما أجمل أن نرى فضيلة الإيثار تتحقق بيننا اليوم كما تجسدت بين الملايين قبل أيام في ميدان التحرير وفي ربوع مصر، فليس من المقبول إطلاقًا أن تنهمك كل وسائل الإعلام المصرية الآن في توزيع التهم، وفرز الناس من كان مع الثورة ومن كان ضدها!! وليس من المعقول أبدا تبديد طاقات الشعب المصري بهذا الشكل العبثي في مثل هذه الخرافات والأوهام، وشغل أوقات الناس وتشتيت انتباههم وصرف اهتماماتهم عن عظائم الأمور بالكلام عن مثل هذه السفاسف!! ولا يظنن أحد أننا نوزع تركة هائلة أو كعكة عملاقة كلٌّ يريد أن يحظى منها بأوفى نصيب، بل على العكس من ذلك تماما فقد ترك حسني مبارك تركة مروعة من الفساد والفوضى والخراب والدمار والتخلف والجهل والمرض والفقر الشديد الذي يسحق نحو نصف أبناء الشعب المصري، يا سادة نحن لسنا بصدد اقتسام أو توزيع ثروة طائلة ولا مناجم ذهب تركها لنا نظام عادل وإلا لما أسقطناه!! انظروا إلى حجم الدَّيْنِ العام الخارجي والداخلي، انظروا إلى انهيار التعليم والبحث العلمي والصحة والزراعة والثقافة والإعلام وكل القطاعات، انظروا إلى حجم الفساد وتزاوج السلطة بالثروة، انظروا إلى تردِّي البنية التحتية وتآكلها في أغلب أنحاء مصر، إن الدولة المدنية العصرية الحديثة التي ننشدها جميعا لا يمكن أن تنهض أو تقوم في هذه الأجواء السلبية للغاية، نعم علينا أن نتفاءل ونتمسك بأهداب الأمل، لكن علينا أن نسارع جميعا الآن إلى إزالة بقايا النظام البائد من نفوسنا وتصوراتنا وبنيتنا الفكرية والقيمية، يجب أن نتحرر تماما من كل سلبيات النظام الفاسد السابق: سلوكيا ونفسيا وفكريا وعمليا وتنظيميا وسياسيا واجتماعيا؛ لنقيم بناءً جديدا على أنقاضه، بناء يؤسس على الضمير الحي، والإخلاص والتقوى والخوف من الله تعالى، والوطنية الحقيقية، والسعي الدائب لخدمة شعبنا الصبور الأبي، وتحقيق المصالح المختلفة لجماهيره الغفيرة في كل القطاعات وعلى اختلاف كل الأشربة والأمزجة، وعلى امتداد كامل تراب مصرنا الحبيبة!!

10.           نؤكد إلحاحنا الشديد على مدنية الدولة العصرية الحديثة التي نريد بناءها، ونكرر رفضنا القاطع لأي شكل من أشكال ما يعرف في ثقافة الغرب بالدولة الدينية، ومع ذلك علينا قبل كل ما سبق وبعده أن نستهدي بالله تعالى، ونستعين به سبحانه في استجلاء الطريق ووضع وتنفيذ كل الخطط والاستراتيجيات، فالله تعالى بحوله وطوله وقوته وقدرته هو مدبِّر الأمر ومصرِّف الأقدار في هذا الكون، فعلينا التوكل عليه سبحانه، والاستعانة به عز وجل في رسم المستقبل وفق رؤى إيمانية مباركة، وعلى أسس علمية دقيقة ومنظمة، "أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [التوبة : 109] ونحن نؤمن أنه "وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ" [آل عمران : 126] "إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" [آل عمران : 160] "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" [هود : 88] "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ" [يونس : 58] "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" [يوسف : 21].

                

 * كاتب إسلامي مصري