لن نكون إلا نحن
حسام خضرة
هكذا نحن، قلوب اجتمعت في عقل رجل واحد، لا اختلاف بيننا إلا بالشكل، إنما المضمون أيضاً واحد، لا وجود للفرقة بيننا، لا ننوي تبوء منصب أو جاه، آمنا بفكرتنا، ولن يثنينا عنها سوى نيل مطالبنا.
لا نوجه لومنا لأحد بعينه، يجمعنا حبكم وحبنا لفلسطين التي آمنا بها جميعاً، تجمعنا قباب المساجد، وأجراس الكنائس، تجمعنا القدس، يجمعنا آلاف الأسرى، وآلاف الشهداء أيضاً، يجمعنا من ينظر إلى قدميه ليتذكر أنهما ذهبتا فداءاً للوطن، فيقلب فرحه حسرة حين يرانا هكذا.
لا أحد يدرى حتى الآن ما يفرقنا، ومن يعتقد أنه يدري فهو صائب فيما يقول، هل هو ذاكـ الكرسي، أعتقد أن الكرسي الذي جلبه والدي لأختي الصغيرة أفضل منه بكثير، يكفي أنه يحمل قلباً طاهراً لا يحمل الخداع لنفسه قبل أن يحمله للناس.
اتركوا السياسة، ودعوا الديمقراطية، نحن وأنتم وما أقره الإسلام، لنقف أمام كرسي القضاء الأعلى، حيث لا ظلم لأحد هناك،حيث المعجزات الإلهية، وعفو النبي، وحب أبي بكر، وعدل عمر، ولواء خالد، وسخاء أبي ذر.
جلبتم الويلات على شعبكم المسكين، ثلاثون عاماً مضت، أغنيتم الفقراء وأفقرتم الأغنياء وفضحتم المستورين وهدمتم البناء وأثخنتم فينا الجراح، جعلتم جارنا العزيز يترك منزله متجهاً إلى مكان آخر بعيد، ولحق به أخُ لي بحثاً عن فرصة يحظى بها، أخرجتم صديقي إلى ما وراء البحار بحثاً عن هدوء النفس وسكينة الروح.
أدخلتم عيون عدونا بنا، فأراضينا تستباح ليلاً نهاراً، جدار يبنى هناك وأشجار تقلع لبناء المستوطنات، قرارات مجحفة تفرق كل يوم، لا هم ينظرون ولا أنتم تلتفتون.
حاولتم مرة ومرات، أقسمتم على الله في أطهر بقعة، واستضافتكم أرض الكنانة، وجلستم في الشام، وجمعكم يمن المحبة، والتقيتم بالسودان، ألا ترون أن هناك شئ خاطئ، كل هذا ذهب هباءً، والخاسر كان نحن، فتكاليف تلك الاجتماعات كانت تؤخذ من أموال الفقراء الذين وضعتم وصايتكم عليهم.
تنامون بجانبكـم أبنائكـم وعلى باب المنزل خدم وحشم، وعلى بعد سنتيمتراتٍ منهم يقف موكب مهيب، وعلى بعد أمتار تنصب الحواجز، لا أعتقد أنكـ تفكر بالذهاب إلى السوق لتلتقط ما يسقط من الباعة، كما تفعل جارتنا التي استشهد زوجها فداءاً للوطن، لكن أسفاً فالوطن كشف ستر أبناءه بعد أن غطى دم أبيهم تراب الأرض.
مللنا الانتظار وأعتقد أنه حان الوقت لتبديل الأدوار، أعتقد أننا وصلنا إلى مستوى الوعي الذي يؤهلنا لنقول لا، لا لكل شئ، لا للمفاوضات الضعيفة، لا للمقاومة الموسمية، لا لإشهار السلاح، لا للنفاق، ولا للأنفاق أيضاً، لا للجوع ولا للركوع، لا للشعارات الكاذبة التي لا تغني من جوع، لا لهجرة أحبائنا، لا للاملاءات الخارجية، لا لقتل براعم الطفولة، لا لمحاولات إسكاتنا أيضاً.
نعدكم أننا سنحقق ذلكـ معاً، فلا تخافوا من لا، فنحن ببساطة نريد إنهاء الانقسام، حققوا أمنية جدي قبل أن نواريه الثرى، يكفي أن عظام جدتي اختلطت بأرض بيتنا لتنبت شجرة زيتون تشتاق لأن ترى يد أبي وأخيه تمتدا لتروي أربع سنوات من الظمأ.
رفقاً بنا، فنحن نحبكم، أخي هنا سامحكم بقدميه، وأمي هناك سامحتكم في دماء ولدها، لكن لا تنقلوا مزيداً من الأرواح إلى العالم الآخر، يكفي شكوى الذين ذهبوا لله، دعونا نبدأ من جديد بأناس يذهبون ليمسحوا صفحتنا التي شارفت على الاسوداد هناك في الأعلى.
لا أدري هل وصلت إلى قلوبكم أم أنها مازالت مؤصدة، نحن هكذا ولن نكون إلا نحن، لا تطلبوا منا التغيير فنحن على صواب هذه المرة، لابد أن تستجيبوا لندائنا فنحن دعاة وحدة لا انقسام، دعاة حب لا حرب.