ثورة تونس الرائدة
المنطقة العربية بحاجة ماسة إلي عقد اجتماعي وسياسي جديد
أ.د. ناصر أحمد سنه - كاتب وأكاديمي من مصر
تحية لشهداء ثورة تونس الشعبية الرائدة.
تحية إلي تلكم الدماء الزكية التي ضربت أنموذجاً رائعاً في إزاحة واحد من اعتي النظم الاستبدادية في المنقطة العربية.
تحية إلي شباب وشابات تونس، ورجالاتها، ونسائها، من كافة الفعاليات والحساسيات الوطنية. ذلك الشعب الواعي الوادع المسالم الشجاع الباسل.. الذي لم يغمض له جفن، طيلة عقود من الظلم والقهر والطغيان والفساد والاستبداد، حتى استعاد بأيد أبنائه، وأبنائه فقط لا تحت غطاء دبابة فرنسية ولا أمريكية، حريته وكرامته، وحياته.
تحمل شعب تونس العريق دفع ثمن حريته وكرامته من دماء أبنائه، وبمستوي حضاري وتاريخي وزمني لافت. وللحرية ثمن ينبغي دفعه والتدافع نحوه، وطالما لم يـُدفع فستظل شعوب تحت نير الظلم والقهر والطغيان والفساد والاستبداد.
لقد عادت الحياة إلي "تونس الخضراء"، بعدما "أيبسها" نظام القمع البائد. لقد أنكسر القيد الكبير، وحطم السجن العتيد، وهرب مذعوراً رائد سياسة "تجفيف الينابيع".
لقد عادت "تونس/ الزيتونة"، "تونس/ القيروان"، "تونس/ ابن خلدون"، "تونس" أبو القاسم الشابي، "تونس/ محمد البوعزيزي"، "تونس / سيدي بوزيد" "تونس14 يناير 2011م.
يُعد يوم الجمعة 14 يناير 2011م، يوم فارق في حياة الشعب التونسي الشقيق والمنطقة العربية والعالم بأسرة. إنها الثورة الشعبية الثانية في منقطة الشرق الأوسط . كانت الأولي في إيران أطاحت بحكم "ملك الملوك/ الشاهنشاة محمد رضا بهلوي" العام 1979م.
لقد حققت إيران بثورتها الشعبية ما حققت، وتنامي نفوذها، واستعادت تاريخها، وعدلت مسارها، وتناوبت قياداتها، وفرضت وجودها، وناوئت أعدائها.. رضي من رضي، وغضب من غضب.
وهاهي في المنقطة العربية.. تونس تضرب أنموذجاً "ثورياً شعبياً" أكثر تقدما، واقل تكلفة، وأقل تداعيات، واقل تخوفا وإخافة.
بيد أن هذه الثورة الشعبية التونسية تدق أجراس الإنذار لباقي النظم الشبيهة.. لتسارع الأمر نحو تحقيق "عقد اجتماعي وسياسي جديد".
"عقد" يحق الاستقلال الفعلي من الاستعمار، وبقاياه وأذنابه وأعوانه والسير علي نهجه وتنفيذ مخططاته. عقد يستند إلي شرعية مستمدة من الشعوب، التي هي مصدر السلطات.
"عقد" يحق للشعوب أن تنزع ما فوضت به من سلطات ومسئوليات، فتزل وتحاسب، وتغير وتبدل لتحقيق مصلحة الشعوب من النهوض الحضاري، والعيش الكريم وفق قيمها، ومقدراتها وآمالها وطموحاتها، وليس مطامع الطغاة والمستبدين والمفسدين.
عقد لا يستبعد، من المشاركة العامة والخاصة، أحدا من مكونات المجتمع.. فلكل حقوقه وعليه واجباته، والفصيل هو القانون. عقد يقوم علي "أهل الكفاءة" ، لا "أهل الثقة"، علي الاحترام/ الثقة المتبادلة بين الشعوب وحكامها.
شكراً لكم أيها الأشاوس في تونس.
شكراً لكم لقد أخذتم علي عاتقكم إعطاء الدرس للآخرين.
شكراً لدمائكم الزكية، وتضحياتكم الجلية.
تقبل الله شهدائكم... "ولا نامت أعين الجبناء".
وحقق الله أمانيكم وطموحاتكم في الحرية والكرامة والنهوض والريادة والعيش الكريم.
إن فيما حدث في تونس وثورتها المباركة لعبرة لمن يعتبر، أو من ألقي السمع وهو شهيد.