البيئة التسويقية المصرفية
محمد ناجي الصافي
أي مؤسسة أو منشأة تعد نظاما مفتوحا تؤثر وتتأثر بالبيئة التي تعمل فيها، وتعتمد فاعليتها على مدى التأثير الذي يحدثه التعامل بينها وبين محيطها، وسنتعرف في هذا البحث على البيئة التسويقية وفوائدها المختلفة والكيفية التي تؤثر فيها على الأداء التسويقي للمؤسسة، وتعرف البيئة التسويقية بأنها كافة القوى الموجودة داخل المنشاة وفي محيطها الخارجي الذي الذي تعمل فيه، والسلوك العام الذي تنتهجه المؤسسة أو البنك في البيئة التي تحيط بها تعكس فهم إدارة التسويق فيها للعوامل البيئية والتعاملات التي تحدث فيها وهي علاقة تبادلية وتأثير متبادل.
ما هي البيئة التسويقية للخدمات المصرفية
البيئة التسويقية للمصرف تعرف بأنها كافة القوى الموجودة في المجتمع الذي يزاول فيها المصرف أعماله والتي تحدد قدرة المصرف على بناء وتطوير علاقات تبادل ناجحة مع أفراد ومؤسسات هذا المجتمع، والسلوك العام الذي ينتهجه المصرف في محيطه الخارجي يعكس فهم وتصور إدارة التسويق فيه للعوامل البيئية المحيطة، والتفاعلات التي يمكن أن تحدث بين هذه العوامل وإن قدرة المصرف على البقاء في دنيا الأعمال تكمن في قدرته على وضع الصياغات الخلاّقة التي تساعده على التفاعل الإيجابي مع البيئة والرد على ما تفرزه من معطيات من خلال توظيف موارده المتاحة التي تعزز مكانته في تلك البيئة وتجعله أكثر قدرة على التكيف مع البيئة السائدة، والاستجابة لها، ويمكن تجزئة مفهوم البيئة إلى ثلاثة أجزاء.
1- البيئة العامة: وهي العوامل المحيطة بالمصرف أو المؤسسة، وتشمل العوامل الثقافية والاقتصادية والتكنولوجية، والتعليمية، والسياسية ، والقانونية، والسكانية، والاجتماعية، والموارد الطبيعية.
2- البيئة التي تخص نشاط المصرف: وهي البيئة التي تتصل بأطراف ذات علاقة مباشرة بمخرجات ومدخلات المصرف، والتي تتعلق بالزبائن(العملاء) والمنافسين في المجال ذاته.
3- البيئة الداخلية: وهي عوامل تتعلق بالمتغيرات التنظيمية، فتعد الإدارة والعاملين في المصرف والمساهمين لها صلة نظرية بالبيئة الداخلية.
ومن هذا المنطق يمكن تصور وفهم العلاقة بين المصرف وبين بيئته، وما ينطوي على تلك العلاقة من ضرورات ومبررات وضع الاستراتيجيات التسويقية، وهذا يملي على إدارة التسويق في المصرف، تبني منهج التخطيط التسويقي المبني على أساس عملية تقويم شامل للقوى المؤثرة ودراسة الفرص التسويقية والخدمات.[1]
ويجب أن لا نفهم العلاقة بين المصرف وبيئته التسويقية على أنها ذات اتجاه واحد، بل هي علاقة تبادلية يلعب فيها كل من المصرف والبيئه دورا فاعلا في هذا التأثير.
البيئة الجزئية في المصرف
وهي القوى الوثيقة الصلة بالمصرف، والتي تؤثر على قدرته المباشرة على خدمة عملائه، وتتكون من المصرف ذاته، والعملاء، والمنافسين، والجمهور العام.
1- المصرف: إدارة التسويق في المصرف تعمل على توفير خدمات مصرفية يستطيع بواسطتها تلبية حاجات الجمهور ورغباته، إذ أن كل ما يجري في المصرف من أنشطة، وما تتبناه من لوائح وسياسات بالإضافة إلى الأنشطة الأخرى التي تتم داخل المصرف وتتصف بدرجة كبيرة من التداخل والتكامل، فالموارد البشرية والعمليات المالية والبحث والتطوير كلها من الأنشطة التي تؤخذ بعين الاعتبار في المصرف فهي جزء من الخطة الكلية في المصرف.
2- الموردون: وهم الأفراد والمؤسسات الذين يقومون بتزويد المصرف باحتياجاته من مواد ومستلزمات لانتاج الخدمات التي يقدمها لعملائه كالتطوير والابتكارات( وهنا تبرز قضية العقود المتعلقة بالمصرف الإسلامي والتي تختص بالبيع والشراء والمرابحة والمشاركة وبيع السلم، وماشابه ذلك) وقد يبادر الموردون بتزويد المصرف بالماء والكهرباء والقرطاسية وغيرها.
3- العملاء: لكل مصرف عملاؤه الذين يتعاملون معه، وهم مصدر إلهام المبدعين فيه، لا بد من دراسة حاجاتهم وتلبية رغباتهم والعمل على إشباعها باستمرار وقد يختار المصرف لنفسه سوقا يتكون من الأفراد والمؤسسات والأجهزة الحكومية التي تشتري الخدمات المالية والمصرفية التي ينتجها المصرف.
4- المنافسون: يواجه كل مصرف نوعا من المنافسة في مجالات النشاط التي يزاولها، وإدارة المصرف الناجحة هي التي تكون أقدر من غيرها على الوفاء بحاجات العملاء ورغباتهم، وتبين الاستراتيجيات التسويقية التي تمكنها من تقديم خدمات مصرفية ذات جودة أعلى مما تقدمه المصارف الأخرى.
وفي مجال تقدير الموقف التنافسي للمصرف في السوق، فعلى إدارة التسويق أن تعمل على تحديد المصارف المنافسة ومجالات التنافس بين هذه المصارف.
5- الجمهور: والجمهور من المكونات البيئة الجزئية للمصرف، وهو يؤثر على الأداء التسويقي للمصرف وهو مجموعة من الأفراد والمؤسسات لها مصلحة حقيقية أو محتملة في التعامل مع المصرف ويتكون من مجموعات فرعية نستعرض بعضا منها.
أ- الجمهور المالي: وهي مؤسسات المال والائتمان، وبنوك الاستثمار وكل ما يتعلق بجوانب نمو رأس المال.
ب- وسائل الاتصال الجماهيري: وهي التي تنقل من خلالها الأخبار والمعلومات إلى الرأي العام مثل التلفاز والراديو، والصحف والمجلات.
ج- الجمهور الحكومي: وهي المؤسسات والهيئات الحكومية التي ترتبط بالنشاط المصرفي كالبنك المركزي.
د- الهيئات الجماهيرية الضاغطة: وهي هيئات أهلية مكونة من أفراد المجتمع الذين يتبنون الدفاع عن الجمهور.
ه- الجمهور العام: والصورة التي يحملها الجمهور العام عن المصرف مؤثرة.
البيئة الكلية للمصرف: وهي كافة القوى الفاعلة والمؤثرة على الوضع الذي يزاول فيه المصرف أعماله وهي:
1-العوامل السكانية: وترتبط بتجمعات السكان وكثافتهم وأماكن تواجدهم وتوزيعات أعمارهم وأجناسهم وفهم أنماط حياتهم وكل مايتعلق بأوضاعهم الديموغرافية.
2-العوامل الاقتصادية: والتي تلعب دورا هاما في حالات الرواج والكساد، ولها دور مهم في التأثير على الكثير من القرارات التي يتخذها مدير التسويق ولها أثر في الدخل والإنفاق وتحديد الأسعار.
3-العوامل السياسية والقانونية: وهي تتمثل في النظام السياسي للدولة، والذي ينعكس على ما تسنه من قوانين وتشريعات يتطلبها تنظيم الفعاليات المختلفة التي تحيط بها والنشاط المصرفي هو أحد هذه الفعاليات، فهو يتأثر بالأطر القانونية والتشريعية السائدة في الدولة، ويتعلق هذا في الحريات التي يمنحها النظام السياسي للاقتصاديين والنشاط الاقتصادي العام ومدى ما تذهب الحكومة من الرقابة.
4-العوامل الثقافية والاجتماعية: وتكون هذه البيئة كافة المؤسسات والقوى التي تؤثر على القيم الأساسية للمجتمع وإدراكات أفراده وتفضيلاتهم وسلوكهم والأفراد لا يتأثرون في مجتمعات تؤثر في تشكيل وصياغة معتقداتهم، وقيمهم الأساسية. ولما كان هؤلاء الأفراد هم عملاء للمصرف فإن مدير التسويق في المصرف مضطر إلى رسم الاستراتيجيات التسويقية التي تناسب أذواقهم.
5-العوامل التكنولوجية، يعتبر التقدم التكنولجي أحد العوامل الرئيسية ذات الدور الهام في تحديد وصياغة نمط حياتنا. ويعتبر التسويق المصرفي من أكثر أنشطة المصرف تأثرا بالإنجازات العملية وذلك بالنظر إلى ما تنطوي عليه هذه الانجازات من ابتكارات واختراعات تؤثر بشكل مباشر على تحسين وتطوير الخدمات المصرفية الحالية وابتكار الخدمات المصرفية الجديدة. وما توفره من فرص تسويقية كبيرة تساعد المجتمع على الوصول إلى مستويات أعلى من الرفاه.
[1] تيسير العجارمة، التسويق المصرفي، ص413