حديث القرآن عن الهجرة
د. نعيم محمد عبد الغني
يتحدث القرآن عن الهجرة في مواضع متعددة، وسياقات متنوعة، فقد تحدث عن هجرة الأنبياء كسيدنا إبراهيم وسيدنا لوط، وسيدنا موسى عليهم السلام، وتحدث أيضا عن تفاصيل هجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وهجرة بعض من أصحابه، وبين منزلة هؤلاء المهاجرين في الإسلام.
لقد حكى القرآن عن سيدنا إبراهيم أنه قال: (وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). أما سيدنا لوط فقد أمر بترك قريته التي كانت تعمل الخبائث، وساعتها قال لقومه: (إني لعملكم من القالين)، والقلى يعني الهجر والترك.
ورحل سيدنا إبراهيم وسيدنا لوط إلى أرض بارك الله فيها؛ حيث قال عن سيدنا إبراهيم إثر ذكر قصة حرقه بالنار: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ).
وموسى عليه السلام، خرج من مصر خائفا يترقب، مهاجرا إلى الله ورسوله؛ حتى أتى سيناء وكانت حكايته المشهورة مع ابنتي شعيب؛ ليعود من بعد أن يمكث عشرة أعوام مع سيدنا شعيب متزوجا إحدى ابنتيه، نبيا إلى فرعون الذي طارد موسى ومن معه من المؤمنين الذين يخافون من بطش فرعون، إلا أن موسى الذي هاجر من قبل وكان موقنا بنجاة الله له، قال: إن معي ربي سيهدين، وهي نفس الكلمة التي قالها من قبل خليل الله إبراهيم عندما نوى الهجرة من أرض قومه الذين عبدوا الأصنام وأرادوا إحراقه.
أما سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم- فتحدث القرآن عن هجرته حديثا أكثر تفصيلا، فبين ما حدث له في الهجرة بقوله: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
ثم ذكر ثواب المهاجرين فقال مثلا: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً). وذكر بعضا من قصص المهاجرين من الصحابة كالمؤمنات المهاجرات اللاتي أردن يبايعن الرسول مثلا، وغير ذلك من قصص المهاجرين التي سيكون لنا معها حديث آخر إن شاء الله.