البيئة والإنسان
حسام سليمان
اسمحوا لي في البداية أن أعرف لكم ( البيئة ) ومن ثم (التلوث البيئي) وذكر بعض المشاكل البيئية التي نعاني منها على الكوكب الأزرق , مشاكل استفحلت إلى درجة الورم الخبيث.
البيئة بمفهومها البسيط هي المكان الذي يعيش فيه الإنسان يتأثر ويؤثر فيه
كما إنها تعني العناصر الطبيعية و الحياتية التي توجد حول الكرة الأرضية وداخلها (الغلاف الغازي و مكوناته , الطاقة و مصادرها , الغلاف المائي وسطح الأرض وما يعيش عليها من نبات و حيوان و إنسان بمجتمعاتها المختلفة ) كل هذه العناصر تكون البيئة
كما تضم البيئة مستقبل الإنسان و تصوراته و آماله و أمانيه
و باختصار (البيئة هي الحياة ).
التلوث البيئي
تعد مشكلة التلوث من أهم المشكلات التي يعاني منها الإنسان في عصر العلم والتكنولوجيا وقد ارتبطت بالثورة الصناعية و بخاصة في القرن العشرين حيث فتحت هذه الثورة أمام البشرية إمكانات تقنية و علمية هائلة الاستغلال الموارد الطبيعية .
لكن , رافق ذلك كثير من السلبيات أهمها مشكلة التلوث و السبب الرئيسي الأساسي في التلوث هو أن عملية الإنتاج لم يرافقها حماية للبيئة و مواردها الطبيعية بالمستوى و الكثافة نفسها نتيجة لسوء التنظيم و التخطيط و الأنانية البشرية .
ماذا نقصد بالتلوث وما هو تعريف هذه الظاهرة ؟
تعددت تعاريف التلوث وأذكر منها الآتي :
(التعريف الشامل ) هو إلقاء النفايات بما يفسد جمال البيئة و نظافتها .
أما التلوث ( بالمفهوم العلمي ) فهو حدوث تغير و خلل في النظام الايكولوجي للبيئة بحيث يشل فاعلية هذا النظام و يفقده دوره الطبيعي في التخلص من الملوثات و بخاصة العضوية منها بالعمليات الطبيعية .
و التلوث هو كل تغير كمي أو كيفي في مكونات البيئة الحية أو غير الحية لا تقدر البيئة على استيعابه دون أن يختل توازنها .
و التلوث هو مجموعة من العمليات تجري في المركب الجغرافي بحيث تؤدي إلى تغيير في كمية التركيز الاعتيادي للمواد في ذلك المركب (ريابتشيكوف1979)
أما معجم (اللاندشافت) ص73 فكتب عن التلوث ما يلي :
1) زيادة في تركيز نوع أو أنواع من المادة أو الطاقة اكبر من الحد الطبيعي المسموح به وهذه الزيادة قد تكون بسبب العوامل الطبيعية و البشرية .
2)إدخال مواد غريبة ذات اصل تكنولوجي إلى مكونات النظام البيئي الطبيعي .
طبعا لن أتكلم هنا عن التلوث الطبيعي من عواصف غبارية أو ثوران البراكين أو تجمع الأملاح في التربة بصورة طبيعية أو .. سأتكلم فقط عن التلويث البشري للبيئة وما يسببه عمل الإنسان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .
لقد تغيرت العلاقة بين الإنسان و البيئة مع ظهور الإنسان العاقل الذي امتلك القدرة على الكلام و بناء المساكن و صنع الآلات و أدوات الإنتاج و قام بتنظيم العمل الجماعي ويختلف دوره عن باقي الكائنات الحية الأخرى لقيامه بعملية الإنتاج التي بدورها تؤدي إلى ظهور علاقات جديدة بينه و بين البيئة هذه العلاقات التي تزداد و تتعمق نتيجة لتطوره العلمي و الاجتماعي فهو جزء من البيئة يتأثر و يؤثر فيها .
لكن , تأثيره كان سلبياً أكثر مما هو إيجابي فهو يقوم بالاستغلال غير المحدود للموارد الطبيعية رغم محدودية هذه الموارد حيث يتم الحصول على كل ما هو ضروري و مفيد لاستمرار الحياة دون تقديم أي مقابل عدا الفضلات وهدم العلاقة المتوازنة بين عناصر البيئة و الإخلال بالنظم البيئية المتوازنة طبيعياً .
بعض المشاكل البيئة الكبرى التي تهدد العالم
النقص الملحوظ في طبقة الأوزون
(الدرع الواقي للحياة ) الذي يحمي الكائنات الحية التي تعيش على سطح الأرض من غوائل الأشعة المدمرة الصادرة من الشمس فنقص الأوزون يؤدي إلى وصول هذه الأشعة إلى سطح الأرض مما يؤدي إلى تغيرات في العوامل الوراثية لبعض الكائنات الدقيقة و يؤثر كذلك في عمليات التخليق الضوئي وفي سلسلة الغذاء إلى غير ذلك من أنواع الدمار البيولوجي .
تدهور الغابات ( قطع الأشجار والحرائق المتكررة ) التي أدت بلا شك إلى القضاء على مساحات واسعة من الغابات و تحويلها إلى أرض عشبية و شجرية وما تبع ذلك من تغيير نوعي و عددي في عالم النبات و الحيوان و تركيب التربة وخصوبتها و النظام المائي و المناخي .
الأمطار الحمضية وهي ظاهرة حديثة بدأت مع الثورة الصناعية و السبب الرئيسي في تكون هذه الأمطار هي محطات القوى و المراكز الصناعية حيث تأثيرها السلبي على التربة الزراعية وعلى مجاري المياه المكشوفة و البحيرات المقفلة حيث ترفع من حموضة هذه البحيرات وقد تقضي على كل ما فيها من كائنات ولا يتوقف ضرر هذه الأمطار الحمضية على تلويث المجاري المائية فقط بل يمتد هذا الضرر إلى المحاصيل الزراعية والغابات وأحياناَ تؤثر في مياه الشرب .
تلوث البحار والمحيطات
التصحر وهجرة الكثبان الرملية فمشكلة التصحر من أكبر المشكلات التي تعاني منها الكرة لأرضية بشكل عام والوطن العربي بشكل خاص لأن الصحراء تزحف على الأراضي الزراعية والرعي إلى أن تخرجها من نطاق الاستثمار وتسبب ضرراً على الينابيع والمناطق المعمورة .
أما الزراعة رغم ايجابياتها فقد كان لها سلبيات كثيرة , من انجراف للتربة وزيادة ملوحتها فزراعة بعض الترب وإدارتها السيئة أدتا إلى حت متسارع واستخدام المبيدات في الزراعة يفرض عددا من المشاكل إضافة إلى تلوث التربة بطرائق و أشكال مختلفة الذي يؤدي إلى قتل العديد من الكائنات الحية التي تساهم في تشكل الدبال مما يسبب تدهورا في خصوبة التربة و انخفاضا ًفي إنتاجيتها والى التأثير في صحة الإنسان و الحيوان عن طريق المحاصيل النامية في الترب الملوثة فتلوث التربة أمر بالغ الأهمية إذ ترتبط به حياة الإنسان بشكل خاص و سلامة البيئة بشكل عام .
الأشباح الثلاثة ( الفقر المرض والجوع ) فالأسباب الرئيسية للوفاة في البلدان النامية تعود لسوء التغذية و العيش في بيئة غير صحية و شرب المياه الملوثة .
إضافة إلى التفجر السكاني الذي يغير بعمق معطيات كل القضايا الاقتصادية و كذلك المعطيات البيئية و الأيتولوجيا البشرية فالتفجر السكاني يزيد من حاجاتهم أكثر فأكثر.
و كذلك وليمة المكان , وهم آخر سريع الانتشار , وهو سعة المكان , فالاعتقاد السائد لاشعورياً بأن المكان بدون حدود مما يؤدي إلى تبذير طائش في غياب المخططات المدروسة و التصورات التنظيمية , معظم المدن الكبرى أقيمت على أرض زراعية خصبة .
الاستنزاف الخطير لموارد الأرض , بكثافة استغلال الموارد الطبيعية و الذي يؤدي إلى تعرض هذه الموارد إلى عمليات تدمير بمعدلات تزيد عن قدرة الطبيعة على تعويض هذه الموارد .
و ماذا عن التنوع الحيواني و الانقراض؟ انقراض الكثير من الحيوانات إضافة إلى بعض النباتات و العجلة ما تزال تدور.
أما الضوضاء فهي عنصر ملوث آخر , لها أثر سلبي مباشر على الإنسان من إثارة أعصاب الكثير من الناس و إصابتهم بالإرهاق و الصمم المؤقت و قد تسبب بعض التغيرات في جسم الإنسان , لكن أغلب الناس لا يدركون تماماً الأضرار الناتجة من استمرار تعرضهم لهذه الضوضاء و الأصوات العالية و لها تأثير على الحيوانات ففي بعض الأحيان تقلل من إنتاج البيض في الدواجن على سبيل المثال .
و أهم التهديدات البيئية هي الأخطار التي تهدد المياه فنصيب الفرد من المياه في العالم يتناقص بشكل كبير و ندره المياه تشكل تربة خصبة لنشوء الصراعات بين الدول أو حتى ضمن الدولة الواحدة و إضافة إلى ندرة المياه و تناقص نصيب الفرد منها ثمة مشكلة أكبر ألا وهي التلوث و السبب الرئيسي في تلوث المياه في بعض البلدان هو سوء الصرف الصحي إلى جانب الملوثات الصناعية فهناك أكثر من ملياري شخص لا يحصلون على صرف صحي مأمون .
مرورا بتلوث الهواء الضار جدا بالصحة البشرية و الذي يتسبب بأمراض كثيرة كما أنه يلحق أضرارا كبيرة بالبيئة الطبيعية فتلوث الهواء ليس مقتصرا على المناطق الصناعية فحسب لأن العالم يخضع لظروف و قوانين طبيعية ترتبط ارتباطا وثيقاً بموضوع التلوث من هذه القوانين ما يعرف بالدورة الهوائية العامة ( تلوث الهواء لا يعرف الحدود و له أثار مهاجرة ) فعندما يتعرض أمن الناس للخطر في أي مكان من العالم فإن ذلك يؤثر على البشرية في كل مكان فالأمن البشري مترابط و غير قابل للتجزئة
كما أن هناك تهديدات بيئية فجائية تتمثل في الحوادث والتجارب النووية والتي أصبحت تهدد جميع عناصر البيئة و تهدد حياة الإنسان على الكوكب الأزرق إن التجارب النووية و محطات القوى النووية وما ينتج منها من مخلفات و ما قد يقع بها من حوادث من أخطر مصادر تلوث البيئة .
إننا نحذر مما يترقبنا في المستقبل من أخطار (مما ذكرت والكثير مما لم اذكر ) ونؤكد أنه لابد من إحداث تغيرات جذرية واسعة النطاق في أسلوب تعاملنا مع الأرض والحياة على سطحها فالبيئة تعاني من اجهادات خطيرة .
كما ندعو العامة للانضمام إلينا من أجل القيام بهذه المهمة وتامين سلامة الكوكب الأزرق الحي إذ اعتاد الإنسان أن يرى كوكبه يذخر بثروة خرافية وان فيه خزانات لا تنضب وجهل الإنسان دوره في المحافظة على البيئة وهو بحد ذاته المحافظة على الحياة .