ثرثرة بين صديقين

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

الجو جميل ولطيف وخضرة حول المكان وطاولة  تتوسط مرج أخضر

جلست وصديق لي قبالة بعض وكنا نحتسي القهوة , بيد صديقي ورقة  يقرأ فيها لتبدأ الثرثرة

إنه يقرأ بعض الكلمات في الورقة, وينظر إلي والدموع تتدحرج من مقلتيه من شدة الضحك

يضحك ويقرأ بصوت عال جداً , والمكان  خالياً والحمد لله , لكي لا يثير مشاعر وفضول الغير ويقول :

قل لي بربك هل أنت الذي كتبت هذا , أم أنك أخذتها من غيرك ونسبتها لك يا صديقي العزيز

ويشتد عليه الضحك , ويرتسم على وجهه الاستغراب

ويقول معقولة هذه كلماتك ؟

 إنني لن أصدق أنك أنت الذي كتبتها

ثم يهدأ قليلا , ليبدأ يقرأ بصوت عال نوعا ما , مع رقة ونغمات تتلاءم مع الكلمات الموجودة , بدرجات أصوات موسيقية متناسقة مع التعابير والكلمات المكتوبة في الورقة تلك

ليقول:

همسات عاشق

ليلي طويل وحط علي همه وثقله , وحاولت النوم فلم أستطع

شدتني ذكريات من الماضي البعيد

أرهقتني بثقلها , وغطت جسمي النحيل

خاطبتني نفسي وخاطبتها , وسألتني وسألتها , تلومني وألومها , وبدا الصراع

فقلت لها تعالي يا نفس نسرح مع النسيم

تعالي يا نفس نحلم  , نمرح ونلعب  , ونستعيد رقة زهرة الربيع , نستعيد شباباً عاش في كنف الزهور , لم تكن زهور عليق ولا ورد صِبّير

كانت  كل الزهور مجموعة في حديقة حب , البرية كالأقحوان , والخشخاش الأحمر والأصفر والبنفسج والياسمين

بين تلك الزهور جلست حبيبتي

ومن بينها اختارت وردة بيضاء ووضعتها على شفتيها

وقبلتها واختلط شكلها بشكل ولون تلك الزهور

قلبي مليء بالحب , قلبي يتدفق منه  أنهار دجلة والفرات والنيل

 ليمتزجوا برقة ومودة مع بردى في شامي الجميل

هل تذكرين يا نفس رقة عواطفي وسحر كلماتي عندما كلمتها ؟

سلمت عليها مبتسماً , ويعلو خدودي حمرة حياء

فردت علي بكلمات مقتضبة ومن تكون أنت ؟

قلت لها

كاتب سياسي ومهتم بشؤون الأمة

فضحكت وقالت وهل تعرف الحب ؟

قلت لها لست إلا رجلاً

في قلبه امتلك العاطفة كلها والحب

 نفسي غُزلت من خيوط مشاعر الهوى كلها, ورويتها برحيق الزهور والورود

وجعلتها عسلا صافياً مرسوماً على شفتي , وينطق فيها لساني لتخرج مغزولة مع خيوط شمس الشروق, برائحة  الياسمين

أليس هذا يناسب أجمل امرأة في الدنيا

فضاعت همساتي وكلماتي كلها , واستوحشت نفسي , وفكرت

وشردت في بقاع الأرض باحثاً عنها

أبحث عن ضالتي  لتعود لي كلماتي التي

وعقلي يخبرني

 لن تعود تلك إلا على أجمل زهرة

لن تقال تلك الكلمات , والمشاعر الرقيقة وحلاوتها ومذاقها الذي ينعش قلوب النساء جميعا

إلا للحبيبة فإن لقيتها فسوف أعيدها إليك معطرة برائحة الفل والياسمين.

وعندما لقيتك

أعادها لي عقلي وخفق فيها قلبي

 وعادت على شفتي

وتناغمت مع تلك الكلمات تغريد بلبل مع صوت  قيثارة يتهادى من مكان بعيد

تكلله مشاعر قلبي ودفيء صوتي ليقول لك

وكم أكون سعيداً عندما تكونين تمشين باتجاه الشمس

وخطواتي أخاف أن تلامس خيالك الشفاف

فكأن الشمس همست لأشعتها وقالت:

اختلطي بنورها واجعلي ظلها قوس قزح

وتزداد مشاعري لوعة , ويخفق قلبي , وأعض على شفتي , وألامس بوجهي ولو كان  خيطا منفردا

وأنتظر التفاتة منك

ليضيع قلبي في عمق الهوى والشوق والحب والحنين

وأتخيل مشاعرك همسات بلبل جميل

فأصبحت مسحوراً ومجنونا بهواك وسألتها

فهل ألقى عندك الحب والحنين ؟

فأسرتها بعواطفي , وهزت مشاعرها وارتسم الرضا على وجهها

وقالت :

تلطّف بي

وتعقل, فلست كما تقول

ولكن

قد أكون نسمة مرت من فوق شجرة الياسمين

أو أكون حورية حطت من جنان النعيم

أو أكون ملكة  الأرض كلها

أو أنا لست إلا شيطانة من أصل إبليس

فأي صفة من ذلك تختار ؟

سكتّ قليلاً وأجبتها

لن تر عيني غيرك حبيبة

ولن يعرف قلبي الهوى بعدك أبداً

فكوني من تكونين

وستبقين الحبيبة

ولكنها أدارت ظهرها و مشت

وتركتني

ولم تمش إلا خطوات , حتى سمعت أصوتا صادرةً  من وراءها  

لتلتفت وتراني مكبل اليدين وأُدفع بقوة مع الكثير من اللكمات والسباب , من قبل مجموعة رجال يلبسون البدلات الرسمية , وعلى عيونهم نظارات سوداء ,وفي يدهم المسدسات

لتقول سياسي ويبحث عن الحب .......تفوووووووووووو !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

فقال صديقي ضاحكا

لست وحدي إذاً