قلق من إسلامية البلقان
محمد هيثم عياش
برلين / 05/11/10 / تعتبر البوسنة ارخبيلا اسلاميا اوروبيا يصل اوروبا بالعالم الاسلامي فهي تمتد من وسط اوروبا الى جنوب شرقها ليصلها بآسيا الوسطى عبر اليونان ومنها الى تركيا وبقية العالم الاسلامي . وأدت الحرب التي اندلعت بيوغسلافيا السابقة وأدت الى قيام دول جديدة في اوروبا مثل البوسنة وكرواتيا وسلوفينيا والجبل الاسود / مونتينغجرو / ثم الكوسوفو الى اهتمام الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الاوروبي باستراتيجية تلك المنطقة امنيا وخاصة البوسنة التي تعتبر معقلا رئيسيا للاسلام في القارة العجوز . وحين حوصرت العاصمة سراييفو من قبل الصرب والكروات للسيطرة عليها ودفع المسلمين المستميت عنها زارها الرئيس الراحل فرانسوا ميتران اثناء المعارك الحامية في سراييفو التي تعتبر عاصمة الاسلام في البلقان وأكد بأن اوروبا لن تسمح بقيام دولة اسلامية امام اعينهم في وسط اوروبا وعلى المجزرة ضد المسلمين ان تنتهي فورا وبذل الاوروبيون ومعهم الامريكيون جهودهم لوقف الحرب وقامت اتفاقيات دايتون التي أدت الى قيام جمهورية البوسنة على نظامها الحالي اي يحكمها الارتودكس وهم الصرب والكروات وهم خليط من الكاثوليك والارتودكس مع المسلمين ، وتبذل اوروبا جهودها لوقف ظاهرة المد الاسلامي وتغاضت بصرها عن محاولة ايران تشييع البوسنويين ، اذ حاولت ايران بمساعداتها المالية تشييع اهل البوسنة السنة الا انها فشلت جراء الوعي الاسلامي فيها اضافة الى تاريخ البوسنيين مع تركيا اذ ينظر اهل البوسنة الى ايران بانها كانت وراء وقف الفتوحات الاسلامية العثمانية في اوروبا ، كما حاول القاديانيون / الاحمديون / نشر دينهم وخرجوا صاغرين .
وأعتبر خبراء منطقة البلقان من خلال ندوة دعا اليها مبرة هاينريش بول للدراسات الدولية مساء يوم الخميس من 4 تشرين ثان / نوفمبر الحالي بأن الاسلام راسخ في البوسنة وقد فشلت جميع المحاولات لتنصير اهلها منذ وقوعها تحت سيطرة أسرة هابسبورج في عام 1846 ووراء اندلاع الحرب العالمية الاولى عندما اقدم شباب مسلمون على قتل ولي عرش هابسبورج فرانس فردينانيد مع زوجته صوفي في سراييفو عام 1914 بحجة بذل قيصرية هابسبورج تنصير البوسنويين تلك الحرب التي اجتاحت العالم وكانت بمثابة حرب شبه صليبية بين الغرب والدول العثمانية الاسلامية والتي انتهت بقيام دول جديدة في اوروبا كانت تعتبر اسلامية قحة وأسفرت تلك الحرب عن الغاء مصطفى كمال أتاتورك دولة الخلافة رسميا عام 1923 .
ويعتقد خبير شئون البوسنة وزير المواصلات والبريد الالماني السابق كريستيان شفارتس شيلينغ ان الحرب الاخيرة التي وقعت في البوسنة بداية التسعينات كانت دينية قحة تكمن بحرب بين الكاثوليك والارتودكس على حساب دماء المسلمين ولولا موقف الدول الاوربية ومعها واشنطن لوضع حد للحرب في تلك المنطقة لأسفر عنها حربا عالمية ثالثة تكمن بين الاسلام والمسيحية . وأعرب شفارتس شيلينغ عن قلقه ازاء ازدياد ظاهرة الدعوة للقومية الكرواتية والصربية في البوسنة بالرغم من الانتخابات الاخيرة التي جرت فيها فالصرب لا يزالون يوكدون على قيام دويلة لهم في البوسنة نكابة بالغرب الذي اعترف باستقلال الكوسوفو عن صربيا ومحكمة العدل الاوروبية والدولية اللتين اقرتا باستقلال الكوسوفو وهو حق شرعي لسكان تلك الدولة مرفوضة من صربيا التي لا تزال تتطلع الى قيام صربيا الكبرى وعلى اوروبا بذل الجهود الكبيرة للقضاء على ظاهرة هذه النعرات من خلال محاولتهم دمج البوسنة مع اوروبا بشكل اكثر من ذي قبل .
وحذر خبير البلقان والاسلام في معهد العلوم والسياسة البرليني جويدو شتاينبيرج ان تصبح البوسنة معقلا لتنظيم القاعدة والتنظيمات الاسلامية الاخرى التي وصفها بالمتطرفة مشيرا ان / ما أطلق عليهم بالوهابيين – السلفيين / اصبح لهم نفوذا كبيرا في البوسنة جراء دعم المملكة العربية السعودية لاهالي البوسنة كما ان دولة الامارات العربية المتحدة اتي ساهمت الى حد كبير باعادة ترميم ما هدمته الحرب تتعاطف بشكل كبير مع السلفيين في المملكة العربية السعودية تدعم والسعودية الاسلام في البوسنة . وعزا شتاينبيرج توقعاته بأن تصبع البوسنة معقلا للقاعدة الى ازدياد ظاهرة اسم أسامة بين المواليد الجدد في تلك الدولة ووجود كتابات ودعايات على الجدران وتوزيع منشورات في جامعة سراييفو ومناطق أخرى مثل توزلا تدعو القاعدة الى اخراج الغرب المسيحي من البوسنة . ويؤكد شتاينبيرج ان بكر علي عزت بيكوفيتش الذي نجح في الانتخابات التي جرت في البوسنة مؤخرا يحمل فكر الاخوان المسلمين الذي تأثر به من والده الراحل علي عزت بيكوفيتش فكتب سيد قطب والمودودي ورسائل حسن البنا وغيرهم منتشرة تماما بين الشباب .
وأكد الكاتب النمساوي من أصل بوسنوي / موستار / احمد باهيتش ان العناصر الاسلامية استطاعت ان تنشر فكرها في صربيا وكرواتيا والدليل على ذلك اعتقال الصرب قبل اسابيع اثني عشر شخصية اسلامية من صربيا بتهمة محاولة تدمير السفارة الامريكية في بلغراد واصدرت حكما بسجنهم لمدة تصل الى حوالي ثلاثة عشرة عاما وعزا قضاة المحكمة في بلغراد حكمهم بسجنهم الى انهم يقومون بحماية المسلمين في منطقة جوريا ماوكا الواقعة في صربيا على الحدود مع البوسنة . وطالب باهيتش الاوروبيين بوضع حد لظاهرة انتشار الفكر الاسلامي بين الشباب البوسنوي وان الخطر القادم على اوروبا لن يكون من اليمن والصومال وافغانستان وايران بل من اوروبا نفسها على حد أقوالهم .