دعوة الإخوان المسلمين في المنزلة دقهلية 9

دعوة الإخوان المسلمين في المنزلة دقهلية:

الحركة والشخصيات

(9)

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

(ليست هذه الكلمات تاريخًا، ولا مذكرات، ولا ذكريات، ولكنها قطوف من كل ذلك بقدر ما تسعف به الذاكرة تلقائيًا، وقد يعوزها التسلسل التاريخي، ولكن لا يعوزها الصدق والبعد عن الإسراف، والشطط، والمغالاة).

نستكمل حديثنا عن رحلتنا إلى "الدهرة"، ومعسكرنا فيها.

وأذكر ممن كان معنا في رحلة الدهرة: عبد الحميد الزهرة، أحمد صالح العلمي، الحسنين فشير، محمد علي حسان، محمد هاشم حسان، علي علي حال، الشيخ سيد الضويني.

ومن الفوائد التي عادت علينا من هذه الرحلة:

1ـ فوائد بدنية وصحية، وتجديد النشاط والحيوية، وبهذه الطاقات المتجددة يستطيع الداعية أن يؤدي رسالته في عزيمة قوية، وتقدم مطرد.

2ـ التطبيق العملي المتواصل لبرامج الأسر، والكتائب، ومراجعة ما سبق دراسته.

3ـ التدريب على الصبر، وقوة التحمل، والاعتماد على النفس.

4ـ اكتساب مزيد من المعرفة لأخلاق الصيادين، وطبيعة عملهم، ونجاحنا في عملية الصيد اليدوي للسمك بطريقة "العس" , أي إمساك السمك مباشرة باليد من جحوره التي اتخذها مرقدًا له في قاع البحيرة، وهو لا يبعد عن أيدينا في العمق أكثر من متر.

رحلة منعت مذبحة:

ـ شعبة "دقهْلة" من الشعب المرموقة في مركز دمياط، وبين المنزلة وبينها قرابة ثلاثين ميلاً. وبناء على اتفاق سابق مع مسئولي الشعبة قمنا بقضاء يوم مع إخوانها، وجعلنا الدراجات وسيلة الرحلة هذه المرة. وتوجهنا بقرابة خمسين دراجة إلى شعبة "دقهْلة". رحب بنا إخوانها وخصوصًا الأستاذ "محمود جحيش" رئيس الشعبة.

وبعيد صلاة المغرب مباشرة وقف الأستاذ "محمود جحيش" وقال:

ـ إن إخوانكم في شعبة "السِّرْو" ـ وهي تبعد عن دقهْلة ببضعة كيلو مترات يحتفلون الليلة بالمولد النبوي الشريف، وقد علمنا أن آل المليجي ـ أقارب إبراهيم عبد الهادي ـ وأتباعهم من بلطجية الزرقا ـ القرية المجاورة وهي قلعة السعديين، وعبد الهادي رئيس الوزراء بعد مقتل النقراشي ـ قد دبروا خطة لإفساد الحفل، والاعتداء على إخوان السرو.

ثم قال والإعلان عن حضوركم الحفل قد يعني في مفهومهم أنكم جئتم مددًا لإخوان السرو، فيلقي في قلوب أعدائهم الرعب.

وكلمة السِّر يا إخوان هي "الله" .. ووصلنا إلى السِّرو.. وقبل دخولنا السرادق، أعلن مذيع الحفل في الميكروفون بصوت جهوري: والآن: وصل إخوان المنزلة، ودخلنا السرادق يتقدمنا الأخ فريد حسن الجميعي، بقامته المديدة، ووجهه المتجهم.

طرائف:

وثمة عدة طرائف جديرة بالتسجيل ألخصها فيما يأتي:

1ـ قال الأستاذ "محمود جحيش" قبيل توجهنا إلى حفل الإخوة في السرو: أيها الإخوان إن كلمة السر هي "الله" فقال الأخ أحمد العلمي بظرفه وظله الخفيف: يا أستاذنا الفاضل افرض أن واحدًا من الإخوان ـ لا يعلم كلمة السر ـ "نزل فيّ ضرب" وأنا أصرخ "الله .. اللـ ااه" ألا يمكن أن يعتقد أنني أستلذ ضربه لي، فيواصل ضربي، ويقول في نفسه "إدي له" استجابة لرغبته ؟.

2ـ كنا قرابة خمسين من إخوان المنزلة ما بين عامل وطالب. تركنا الدراجات خارج السرادق في حراسة عامل الصيانة، وتعمدنا أن ندخل السرادق موزعين على صفين منتظمين يتقدمهما الأخ فريد الجميعي الذي أعطاه الله بسطة في الجسم، طولاً وعرضًا وقوة، وقد وضع على رأسه "عصابة" كالقراصنة، وكان يرتدي قميصًا وبنطلونًا، وفوقهما جلباب بلدي، وكان فريد متجهم الوجه يقلب عينيه يمينًا ويسارًا كأنه يبحث عن ضحية بين البلطجية.

كل ذلك ومذيع المنصة يكرر بصوته القوي: "والآن وصل إخوان المنزلة.. مرحبًا يا إخوان المنزلة.. إخوان السرو يرحبون بإخوان المنزلة".   وتعلو الهتافات "الله أكبر ولله الحمد".

(ملاحظة) كانت المنزلة آنذاك أشهر بلد في الدقهلية مشاغبة وخصوصًا في مواجهة الحكومة.

3ـ بعد انتهاء الحفل بسلام أطلقنا على فريد لقب "القرصان الإسلامي"؛ لأن هيئة وجهه والعصابة على رأسه تذكرنا بقراصنة السفن.

4ـ سألت الأخ فريد بعد انتهاء الحفل بسلام عن سر ارتدائه الجلباب فوق القميص، والبنطلون، فأجاب قائلاً: لقد وضعت تحت الحزام قطعة من الخشب طولها قرابة عشرين سم وعرضها قرابة 10 سم، وبالصدفة جاءت جلستي على المقعد المجاور لمقعد أحد البلطجية أعداء الإخوان، وتحسس جانبي الأيسر فاصطدمت يده بالشيء الجامد، فسألني في اضطراب: الله!! مسدس ده ولا مدفع "ستن" ؟ (والمدفع ستن كان أخف وأصغر مدفع رشاش في ذلك الوقت).

فقلت له: معايا الاتنين.

فانسحب الرجل.. وهمس في آذان مجموعة معه فتسللوا بعيدًا عن السرادق، واحدًا واحدًا.. وختم فريد أو (القرصان الإسلامي) كلامه بقوله: عندها تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالرعب مسيرة شهر".