أسعدني قرار حظر الحجاب

منى محمد العمد

[email protected]

لا تستغربوا إذا قلت لكم  إني سعيدة لقرار الرئيس الفرنسي والبرلمان الفرنسي حظر الحجاب في المدارس الفرنسية !! فقد علمتني الأيام أن هناك دائماً جانباً مشرقاً مهما أظلم الحدث. فأنا أرى في هذا القرار الذي هو من قدر الله تعالى نصراً للإسلام والمسلمين فهو قد ساهم في إبلاغ رسالتنا للعالم ونشرها على أوسع مدى , ودلل الرئيس الفرنسي بتدخله في أمر يفترض أن يكون خارج دائرة اهتماماته ، دلل على اهتمامه بالإسلام عامة وبالحجاب خاصة فهاهو ذا الخبر يتصدر الصحف الفرنسية و العالمية من مشجع للقرار إلى مندد به وهاهي الفعاليات الشعبية في فرنسا والعالم توظف للدفاع عن الحجاب الإسلامي بصفته ربانياً أو بصفته حرية فردية , وتعرض القنوات الفضائية صور المسلمات المحجبات وهن يعتصمن عند السفارات الفرنسية للتعبير عن التنديد بالقرار الظالم ، وقد كانوا من قبل حريصين على أن لا تصور( كاميراتهم ) المسلمة المحجبة خشية أن تثير صورتها العاطفة الدينية عند المسلمات أو تثير الفضول والسؤال عند غيرهن،

هو بذلك نشر فكرتنا وأثار اهتمام العالم بهذا التشريع الحكيم الذي يدعو إلى الفضيلة ويعصم المرأة والمجتمع من الرذيلة في زمن طغى فيه الفساد وتنامى وكما قال الشاعر :

وإذا أراد الله نشر فضيلة           طويت أتاح لها لسان حسود

فالحجاب هو الفضيلة المطوية التي أتاح الله لها قرار الرئيس الفرنسي ليساهم في نشرها على العالم . والله تعالى ينشر هذا الدين بغير أهله أحياناً ، " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " .

وفي ندوة عقدت للتحدث حول قرار منع الحجاب في فرنسا وأثره على العلاقات العربية الفرنسية ، عقد أحد المتحدثين في الندوة مقارنة بين منع فرنسا للحجاب في مدارسها وبين إلزام إيران السائحات بارتداء الخمار وهو يدعو إلى عدم الكيل بمكيالين فإن رفضنا الأولى  كان لزاماً علينا أن نرفض الثانية بدعوى الحرية ، ونسي أنه وإن كانت الحرية الفردية مطلبا مهما فلا يجوز بأي حال تقديمها على مصلحة الأمة إذا تعارضت معها , فالأولوية للمصلحة العامة وإن كانت على حساب حرية الفرد . نحن لا نرفض منع الحجاب من أجل حرية الفرد بل من أجل مصلحة الأمة ونحن كذلك نقبل ما تشرعه إيران في ذلك لأنها تنطلق أيضا من حفظ مصلحة الأمة .

ثم هم يقولون إنهم حظروا جميع الرموز الدينية باعتبار حجاب المرأة المسلمة رمزاً دينياً ، فمن ذا الذي سلم لهم بأن حجاب المرأة المسلمة مجرد رمز ؟؟

الحجاب الإسلامي تشريع رباني حكيم  يؤدي وظيفة سامية هي حماية المرأة المسلمة بل حماية المجتمع الإسلامي كله من الوقوع في الفتنة والرذيلة والفساد ، إن المرأة إذا وضعت عنها الحجاب لا تتحمل وحدها نتيجة تركها له وإلا فلن يعترض عليها أحد ، وهي إذا احتجبت لا تجني وحدها ثمار حجابها بل هي لا تستطيع أن تحمي نفسها وأسرتها من الفتنة بمجرد التزامها به ، إذ لابد أن تكون النساء كلهن محجبات لتتحقق مصلحة المجتمع  ويجني الجميع ثمار التزام النساء بلباس العفة والفضيلة .

أنا سعيدة بهذا القرار لأن فرنسا باتخاذها له وضعت نفسها في زاوية لن تخرج منها إلا خاسرة فهي  إن تراجعت عن قرارها  الذي أصبح ملء سمع العالم سيكون تراجعها انتصاراً للإسلام ، وإن طبقت القرار فستخسر احترامها بصفتها دولة تحظر حرية النساء في أن يلبسن ما يروق لهن في بلد تزعم أن الحرية من أهم شعاراتها . وأنا سعيدة بهذا القرار لأنه يحرج أولئك الذين هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ويطالبون بنزع الحجاب في البلاد الإسلامية بل في مهبط الوحي أرض الحرمين الشريفين ممن يحاولون الصيد في الماء العكر، يحرجهم هذا القرار الجائر ويضعهم في خندق واحد مع أعداء هذا الدين فربما انتبهوا وراجعوا أنفسهم ، وربما ثارت فيهم الحمية لنصرة دينهم بدل أن يكونوا مع أعدائهم  معاول هدم . بل سيقعون في أحرج مواقفهم  إذا هب بعض أعداء الإسلام  للدفاع عن الحجاب كأحد وأبسط  حقوق النساء ، لا أدري حينها في أي خندق يقفون ؟؟

وسعيدة بهذا القرار أيضاً لأنه يحرج الجمعيات المشبوهة التي تدافع عن حقوق الإنسان وتلك التي تزعم أنها إنما أنشئت لترعى حقوق النساء وحرياتهن يحرجها ويضعها بين المطرقة والسندان ، فهل ستدافع عن الحجاب التزاماً بشعارها ، أم أنها ستطالب بكبت الحريات خدمة لأهدافها الخفية التي من أجلها أنشأت ؟!

والسؤال الآن : ماذا علينا أن نفعل ؟

إن علينا أن نستغل هذا الحدث أحسن استغلال ونشد على أيدي المخلصين من علماءنا وأبناء أمتنا الذين يتصدون لأمثال هذه الاعتداءات بكل الوسائل المتاحة ولو تطلب ذلك رفع الأمر إلى القضاء الفرنسي ذاته ، فلن يسعه على أغلب الظن إلا إنصافنا والانتصار لنا  فهو سيحكم  بالدستور الذي يقدس الحرية الفردية بغض النظر عن كل الاعتبارات .