أدعية رمضان
د. خالص جلبي
روى لي جودت سعيد أنه كان في القصيم قبل أربعين سنة؛ فحدث نزاع شديد حول استخدام مكبرات الصوت أنها بدعة، فهي ليست الصوت الإنساني بل صدى الصوت؟
قلت في نفسي حين حدثني ليت المتشددين نجحوا في هذا الأمر كما نجحوا في تحريم الدخان والتنباك؟ فأصوات المكبرات مع الثلث الأخير من رمضان توقظ الأموات والأحياء وكأنها نفخة الصور؟
ليس هذا فقط بل نموذج الأدعية أيضاً؟
ولا أدري مالذي يجعلني أفكر كلما سمعت نموذج الدعاء، وكأنه الطفل الذي يطلب من والده سلسلة من طلبات لاتنتهي من سكاكر وبالونات وعلكة وقضامة؟
وبالطبع فكلها للمسلمين وليست للأنسان أينما كان ومهما دان؟ وليست من أجل إنزال السلام بين الإنام بل إذكاء الصراع في مزيد من التفجيرات، ومنه وجب تجديد الخطاب الديني والأدعية عموما، على شكلين ابتكار أدعية جديدة، وإحياء أدعية من السنة للرحمة والعدل وإحياء القيم الإنسانية.
لقد كنت يوما أصلي العشاء فرفع الإمام ذراعيه بالدعاء فاستمطر اللعنات وطلب من زيوس عفوا رب الرحمة قذف ألسنة اللهب من فوق جبل أثينا على كمية من البشر لانهاية لأعدادهم من الملحدين والعلمانيين وأضرابهم وهم أعداد لايستهان بهم في الأرض.. فرفعت يدي معه ثم رفعت صوتي اللهم أنزل السلام بين الأنام ؟؟ اللهم أوقف الحروب بين البشر وعلمهم الحوار والتفاهم؟ اللهم ازرع الديموقراطية والشورى في الصدور؟ اللهم خفف عدد فروع الأمن والمخابرات وكتَّاب التقارير السرية؟ اللهم علم المواطن المسئولية والحرية وروح السلام وحب العلم؟ فاحتار الناس بين التأمين مع الخطيب أو معي باعتباري خالفت تعاليم المؤسسة الدينية؟ وبالطبع هُرع أحدهم فاستدعاني للمثول بين يدي خليفة المسجد ليحقق في أمري؟ قلت للساعي إن كان له عندي أمر فليأتني هو؟ وكنت قد نويت أن أخبر عنهم الدولة أنهم بؤرة إرهاب فعلية؟ وإلا ما معنى الإرهاب إذا لم يكن في هذا الصنف من الأدعية القتالية العدوانية؟
لقد تحولت المساجد في كثير من الأمكنة فعلا إلى بؤر تنشر القيح من الأفكار، وكلها باسم الله تُدَشَّن، والله يقول ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام؟
لقد جاءني خبر من المغاربة أن أحد الأخوة الأفاضل انتبه إلى فكرتي ونموذج الدعاء الذي صممته فبدأ بقراءته على الناس في المساجد؟ ولكن هذا النموذج لم يرق لشيوخ بلاد الشام فقال كبيرهم إنه ماركسي وما هو بماركسي، بل تجديد الخطاب الديني الذي يريدونه مجمدا في البراد ستين تحت الصفر كما في منطقة اليوكوتان في شمال كندا؟
إليكم الدعاء عله يفيد في شرح ما أريد:
اللهم نم فينا ملكة النقد الذاتي وارفعنا إلى مستوى النفس اللوامة.
اللهم ابعد عنا روح التقليد وازرع فينا روح الابتكار
· اللهم ارحمنا من نار التعصب وألهمنا روح التسامح
· اللهم حررنا من ربقة الجمود والتحنط العقلي وعلمنا ترقية عقولنا وإحكام تفكيرنا وأن لا نخاف من العلم.
· اللهم علمنا النظاافة وروح الجمال ودقة المواعيد وإتقان العمل والذوق الرفيع في قيادة السيارات.
· اللهم علمنا أن لا نلقي على الأرض العلب الفارغة وأكياس النايلون (البلاستيك)، وأن نحافظ على بيئتنا نظيفة من التلوت بهجة للناظرين.
· اللهم علمنا الأناقة في كل عمل وحسن الاداء والألفاظ الكريمة والتعامل الحسن مع كل عباد الله وعدم أكل الديون.
· اللهم حبب إلينا الحوار والبعد عن الصدار، وعلمنا فن الاصغاء للآخرين، والصبر على مخالفينا في الافكار،
· اللهم لا تجعلنا ممن يسرع في التكفير، ويتورط في إلقاء أحكام الزندقة والهرطقة على الناس، وحبب إلينا احترام اختلاف التعددية.
· اللهم حبب إلينا زراعة الورد والعناية بالشجر وكراهية الغبار والوسخ والقذارة والفوضى والتسيب الوظيفي واحتقار الآخرين.
· اللهم علمنا احترام الوقت والثقة بالانسان والرحمة بالناس وتقدير المرأة والشغف بالعالم وعشق الكتاب.
· اللهم ازرع فينا الروح السلامية وأبعد عنا روح العنف وعقلية الانقلابات العسكرية والاغتيالات الفردية وما قرب إليها من قول وعمل.
· اللهم امنحنا قدرة ضبط النفس عند شدة الانفعال ونار الغضب وكسرة الحزن وانهيار الخوف وضباب الشهوة
آمين