هويّة متميّزة
سيد قطب رحمه الله
(من مقال له بعنوان "الكتلة الإسلامية..." في مجلة الرسالة سنة 1951)
ودعاة الشيوعية كدعاة الرأسمالية، يحاولون أن يقنعونا بشدة: أن ليس في هذا الكون إلا فكرتان ونظامان، وأنه لا يمكن تصور فكرة ثالثة ونظام ثالث. فإلا تكن شيوعياً فأنت رأسمالي، وإلا تكن رأسمالياً فأنت شيوعي، وهو تفكير متحجر مضحك. تفكير الذين لا يرون بعيونهم ولا يسمعون بآذانهم، إنما يتلقون ما يقوله لهم هؤلاء أو هؤلاء، تلقي الحاكي أو الببغاء، ونحن لسنا بملزمين أن نستحيل جميعاً آلات ولا ببغاوات!.
إننا نعلم – الآن على الأقل بعدما صدرت عدة مؤلفات حديثة تكشف لنا عن النظام الاجتماعي الإسلامي، وتشرح لنا فكرة الإسلام الأصيلة عن الحياة – أن هذا النظام ليس هو النظام الرأسمالي كما تعرفه الكتلة الغربية، وليس هو النظام الشيوعي كما تعرفه الكتلة الشرقية؛ إنما هو نظام اجتماعي مستقل، يقوم على أساس فكرة عن الحياة المستقلة. وقد تتشابه بعض جزيئاته أحياناً مع النظام الرأسمالي، كما تتشابه جزيئاته أحياناً مع النظام الشيوعي. ولكنه ليس أحدهما بكل تأكيد. فهو نظام آخر ذو مقوّمات أخرى. ميزته أنه يحقق مزايا النظامين ويتقي عيوبهما في الوقت ذاته.