الحياة الثقافية لأسرى فلسطين

ثامر سباعنه - فلسطين

[email protected]

واهمٌ من يظن أن العدو الإسرائيلي قادر على أن يحطم شباب فلسطين بالأسر ، و خاطئ من يظن أن الاحتلال يستطيع أن يحرف الأسير الفلسطيني عن مساره حتى وان طالت فترة الأسر أو ذادت قسوة السجّان.

أن اسري فلسطين استطاعوا أن يؤقلموا أنفسهم مع السجون والمعتقلات الاسرائيليه ، وقد أدركوا أهمية الحياة الثقافية للمعتقل خلال فترة وجوده في الأسر ، فسارعوا لوضع الخطط والبرامج الثقافية للنهوض بوعي الأسير مهما كان عمره أو مستواه التعليمي .

أسرى فلسطين ومن كافة الفصائل والتنظيمات وضعوا خططهم التي رسمت المسار الثقافي للأسير بحيث يجمع الأسير اكبر قدر من الوعي والتثقيف خلال فترة اعتقاله ، وهم بذلك يجددون انتصارهم على السجان الذي أراد اعتقالهم للقضاء على وجودهم ومعنوياتهم لكنه خاب وخسر ، بل إن هنالك عدد ليس بالبسيط من الأسرى استطاع أن يُكمل دراسته الجامعية في المعتقل ويحصل على شهادات عُليا ، ومنهم من استغل فترة الاعتقال ليحضر رسالة الماجستير أو الدكتوراه ، قد تكون الإمكانيات المتوفرة قليله نوعا ما بالإضافة إلى تضييق الاحتلال على الأسرى لكن ذلك لم يمنعهم من استغلال كل ما توفر لهم إمكانيات .

الحياة الثقافية للأسرى في سجون احتلال

 لم تقتصر الحياة الثقافية على جانب واحد بل اشتملت على العديد من الجوانب الثقافية، فبداية يبدأ البرنامج الثقافي للأسير من القرآن الكريم، إذ تُعقد الجلسات القرآنية الصباحية للأسرى كلٌ حسب مهارته في التلاوة.

 أما المكتبات فان هنالك  مكتبة في كل قسم من أقسام السجن بحيث تحتوي المكتبة على كل ما يستطيع الأسير إدخاله عن طريق أهله في الزيارة أو عن طريق الصليب الأحمر أو المؤسسات الانسانيه والجمعيات الخيرية الأخرى ، وتشتمل عناوين الكتب على جميع المجالات الثقافية ... دينيه.. سياسية... فنية... تاريخية ...أدبية... وعادة يكون للمكتبة أسير يعمل على ترتيب المكتبة وتنظيم الاستعارة والاعاده لها وأرشفة كتبها ، ويكون لمعظم الأسرى برنامج خاص بهم للاستعارة والقراءة بل وتلخيص الكتب أيضا ، بل وقد يتعدى ذلك فيعقد عدد من الأسرى جلسات يتدلوون  كتابا تمت قراءته فيتباحثونه فيما بينهم لتعم الفائدة .

أما عن الجلسات والمحاضرات فعادة يتم وضع برنامج اسبوعي لها بحيث يتم استغلال أساتذة الجامعات والمعلمين والأئمة الأسرى بحيث يقدم كل منهم مايستطيع من علم سواء كان ذلك بدروس عن قضية وتاريخ وجغرافية فلسطين أو محاضرات دينية تهم الأسير أو دروس في البناء الأسري، وتكون هذه الدروس والمحاضرات إجبارية لكل الأسرى لتعم الفائدة . ويتطور البرنامج الثقافي ليتم إضافة الدورات المختلفة للأسرى لتشمل التنمية البشرية والعمل التنظيمي والمشاريع الإنتاجية أو تعليم اللغات المختلفة ( عبريه ، انجليزية ...) بحيث تكون اختيارية للأسرى كلٌ حسب رغبته ،  إننا لا نستطيع حصر المواضيع التي اشتملتها دروس ومحاضرات الأسرى. بل أن الأسرى أحيانا يعدون برامجهم ومحاضراتهم حسب نظام الجامعات الفلسطينية.

اشتملت الحياة الثقافية على تشجيع الإبداعات الأدبية للأسير ، فتُعقد المسابقات في كتابة الشعر والقصة والخطابة ويتم تكريم الفائزين بما يتوفر في الكنتينا ( والكنتينا تعني المكان الذي يشتري منه الأسرى بعض حاجياتهم) وعادة يتم إخراج إبداعاتهم للخارج ليتم نشرها بما توفر من صحف أو مواقع انترنت.

وللترفيه عن الأسرى فإنهم عادة وبشكل دوري أو أيام الأعياد والمناسبات المختلفة يقومون بإقامة الاحتفالات التي تشتمل على الكلمات والأناشيد والأغاني وكذلك المسابقات الثقافية والمسرحيات الهادفة ، ويستغلون كل الإمكانات البسيطة لإنجاح الاحتفال فمن تزيين الخيام أو الغرف بقصاصات الجرائد إلى تحويل سلال النينجا ( أي سلال القمامة ) إلى طبول.

ولا تغيب الصحف والجرائد عن حياة الأسرى – وان تتأخر كثيرا في الوصول لهم- فهم يتسابقون على حجز دورهم في الجريدة إذ أن العدد محدود جدا من الصحف ، بالإضافة إلى الدور والمكانة العزيزة للتلفاز على قلوب الأسرى فهو حلقة وصلهم الوحيدة بالخارج .

التضييق الإسرائيلي:

  لاحظ العدو الصهيوني الإبداع الثقافي للأسرى وان الأسر قد فشل في تفريغ الأسير من انتمائه لوطنه وأمته وقضيته فوضع العديد العديد من العراقيل في وجه الأسرى وقام بالتضييق عليهم بشكل واضح، ومن هذه العراقيل:

· منع الأسير من إدخال أكثر من ثلاث كتب فقط كل أربع زيارات !! بل انه يشترط أحيانا إخراج كتاب مقابل كل كتاب يدخل ! وذلك للحد من عدد الكتب المتوفرة للأسرى.

· تأخير وصول الصحف إلى الأسرى ومحدودية عددها ، إذ أنها تصل أحيانا بعد مرور أكثر من عشرة أيام على صدورها .

· منع بعض المحطات الفضائية عن الأسرى كمحطة الجزيرة الفضائية، وتحكم إدارة السجن بالمحطات المسموحة للأسرى واقتصارها على تسع محطات فقط .

· منع المحاضرات والدروس في غرف الأسرى ، ومعاقبة الأسرى في حالة عدم التزامهم بمنع الفورة عنهم ( أي الخروج إلى الساحة ) لعدة أيام أو بالزنازين الانفرادية ، وأحيانا يلجئون إلى مصادرة التلفاز وأدوات الطبخ من الغرف كعقوبة .

· ملاحقة خطب الجمعة، واشتراط قراءتها من قِبل إدارة السجن قبل الخطبة !! ومنع وجود التحريض فيها.. وطبعا التحريض عندهم يشمل عدم التحدث عن حقنا في يافا وعكا وحيفا ، وزيادة على ذلك لا توافق إدارة السجن إلا على واحد أو اثنين فقط من الأسرى وتسمح لهم بالخطابة ، وتقوم إدارة السجن بمراقبة الخطيب خلال الخطبة وفي حال عدم التزامه يسارعون لوقف الخطبة وإرسال الخطيب إلى الزنازين لفترة قد تصل إلى عشرين يوما أو أكثر ومنعه من الخطابة طيلة فترة وجوده في المعتقل .  

هذا جزء بسيط من الحياة داخل المعتقلات الاسرائيليه حاولت ان انقلها لكم لتعلموا مقدار تصميم ورادة اسرى فلسطين على البقاء أحرارا رغم قيدهم.