النكبة
النكبة
أو الضمير الحي للإنسانية
م. الطيب بيتي العلوي
مغربي مقيم بفرنسا
باحث في الانثروبولوجيا الدينية والثقافية بباريس
"..على اليهودي أن يتمرد على وضعه، والا أن ينتظر وصول" المسيح المخلص" بل ينبغي أن يعمل هو-بكل ما لديه من وسائل- على العودة الى أرض الميعاد عن طريق السلب والنهب والعنف، وعلينا الاحتفاظ بالسيف ،لأن الاقتتال بالسيف ليس ابتكارا ألمانيا، بل انه ملك لأجدادنا الأوائل. ان التوراة والسيف نزلا علينا من السماء..".من خطاب المنظر اليهودي الصهيوني الالماني "جابوتنسكي" على الطلاب اليهود في "فيننا"
لقد سودت الكتابات العربية من الورق عن الصهونية ورزاياها،طيلة عقود من الزمن ،ما يكفي لتطويق اسرائيل بسور في حجم سور الصين العظيم.،.فماذا جنينا من كل هذه الكتابات
عربيا أودوليا؟،لا شيء..،
فمن المضحك المبكي، أنه كلما انعقدت مؤتمرات دولية في الأمم المتحدة أو خارجها،أو اجتمع ممثلو الدول العربية، الا وازدادت القضيةالفلسطينية تعتيما ولغزا،والمصير مجهولا،والطريق أقل وضوحا.،ويبقي دائما اجلاء ذلك السر"الخفائي" الكامن وراءهذا الطريق المسدود للقضية الفلسطينية مطروحا..،وغدت مهازل لقاءات السلطة الفلسطينية المتكررة مع سادة تل ابيب محل تنذر واستخفاف في المنتديات السياسية الدولية، ووصمة عارتاريخية ،في جبين خلفاء المرحوم ياسرعرفات
أما غربيا ودوليا،فانه أصبح من الممجوج ترداد مسوغات الانحياز الغربي الصريح ، والتبريرالخبيث لانشاء دولة مبنية على فكرة أسطورية،وعلى سرقة تاريخية بزرع شعب لا يملك أرضا،واحلاله محل الشعب الذي يملك الأرض والتاريخ بقوانين"البلطجة"واللصوصية المقيتة ،بمنطق "العقلانية العاهرة" والميكيافلية الذاعرة،المنظر لها ب"فلسفة" التدليس، والأكاذيب القائمة علىمزاعم وخرافات توراتية، بتزويرالتاريخ،بمعطيات ثيولوجية،استنادا الى العهدين القديم والجديد،ومسلماتهما اللاهوتية، كنقطة ارتكازعلى تفسيرتاريخ المنطقة، أو قراءته أو تأويله كمعطى "علمي موضوعي"،بالتجني على الأبحاث العلمية والتنقيبات الأثرية ،ورفض الحقائق المكتشفة،التي أثبتث زيف خرافات أحبار اليهود المكتوبة بعد ميلاد المسيح بأكثر من مائتي عام(1) ،ورفض الاكتشافات العلمية للأسفارالخفية لشعوب المنطقة ووجود توراة هيروغلوفية ،وسامرية ،وسبعينية، وكنعانية،وبابلية، قبل الترويج اليهودي "لسجع الكهان" المركز على "الابادة المقدسة" لهذه الشعوب حيث يكون فيها الشعب الفلسطيني هو "عقب أخيل"وصولا الي جسم العالم العربي حسب المزعم التلمودي القديم
فقد أدرك المؤسس الروحي للصهيونية "تيودور هرتزل" لدى تنظيره لانشاء"الأمبراطورية الجديدة المقدسة" أهمية العوامل (السيوسيو-تاريخو-اثنو-أنثروبولو-ثقافية) التي اعتمدها الغرب كمرجعياته التبريرية، لكي يسوق بدهاء ميكيافيللي ،وبعقلية يهودية متحجرة مصادمة ومهاجمة ،في تقديم الكيان الصهيوني على أنه "القلعة المتقدمة للحضارة الغربية ضد همجية الشرق" ومستفيدا من عوامل عديدة أهمها
أولا
-أن الغرب قد تبنىموقفه الثابث والأبدي من "الآخر"-الذي هو الشرق- عبرالمشروع الاستعماري، الذي هو حسب الاصطلاح الذي رسمه لنفسه بعد المأثرة البحرية للقرن السادس عشر "النهب والسيطرة المحكمة،أوالفتح السياسي،والاستعباد التجاري والمالي والاستغلال الانتاجي" ليصبح بالضرورة بعد مأثرته العلمية للقرن الثامن عشر، صنوا لمشروع السيطرة الشاملة على الكون،وهذا الموقف "المعرفي الثابت " تلقفه الغرب من تاريخين ومرجعيين أساسيين هما،تاريخ أباطرة أثينا ،وتاريخ الكهنة في التوراة.اللتان اعتمدهماكثوابت ومرجعيات وركائز لن يساوم أو يتفاوض فيهما أبدا(رغم أنه- للغرابة- يدعي الوضعية الصارمة.، ويركن الأديان في الزوايا المغبرة لمكتباته الوطنية ومتاحفه القومية،وتلك من تناقضاته الكبرى).وهذه من المسلمات التي يدركها كل من له خبرة في التحاورمع الغرب، ،أو من يحلوله التفاوض معه، أما الذين يرقصون رقصة هزالبطن ما بين تل أبيب ،وواشنطن وعواصم الغرب الكبرى، فهم في وهمهم سادرون، وفي غيهم ما يزالون يعمهون
فكل الاجتماعات الأوربية لهذا العام من برلين الى مدريد، قد تبنت ما يطلق عيه حاليا "القيم الأووربية –الأمريكية الجديدة" تجاه معضلات المنطقة الكبرى والصغرى، والمساندة اللامشروطة للكيان الصهيوني بالتصريحات الرسمية لسادات العواصم الأوروبية برمتها ، بينما يقف الدب الأبيض الروسي الجريح موقف العاجز المنشغل بالتصارع مع دويلاته السابقة التي اقتطعها منه الغرب بأحابيله والذي الذي أطيح بأمراطوريته مرتين في فترتين متقاربتين من القرن الماضي ويجاول انتشال نفسه بمحاولة "الالتحاف" بالليبرلية الاقتصادية الجديدة،والدخول في متاهات عبادة السوق الحرة مع تنامي "المافيات المالية الداخلية التي تنخر عظامه حثيثا،أمام حبور التنين الأصفر الصيني المرعب، المتوثب الطموح،ولست أدري في أية خانة يصنف "معتدلي المنطقة"أنفسهم حسب هذا الطرح الجديد؟أم انهم يطبخون طبخة"سايكس- بيكوجديدة ، ثم يرضون من الغنيمة بالاياب ،كما فعلوها في الماضي الذي سبب النكبة؟
ثانيا
-حرص اليهود الشديد بكل فئاتهم وانتمائاتهم،على مزاميرهم، ووصايا أجدادهم،وباتقانهم "لحرفنة" صنع الأفكار، وتسويق البروباجاندات ،أينما حلوا وارتحلوا ،من أصغر بائع الخردوات، الى أكبر الحاخامات،والتلذذ البغيض بالاستخفاف بالعالم الخارجي بالتهريج بالاختلافات "التمظهرية السركية" اليمينية واليسارية ،والاجماع على "تهويد" الدولة العبرية بمباركة الغرب" العلماني" بمعاييره المزدوجة ونفاقه العبثي- استغفالا بعقول الأمم ،واحتقارا لحكام المنطقة وأنظمتها "البخورية" والثورانية معا، بالمزيد من الاذلال والتركيع
ثالثا
-أنه ما كان للحلم أوالرؤية اليهودية التي حدد استراجيتها "هرتزل"أن تتبلور،ولا لوعد" بلفور" أن ينجز،أو "طبخة" سايكس –بيكوأن تنجح ،ولا أن تطأ قدم يهودي أرض بيت المقدس،وما كان للحرمات الفلسطينية-أرضا وشعبا- أن تندس،ولو اجتمع الكون كله -تخطيطا أو مؤامرة-، لولم تكن هناك خيانة عربية للأنظمة العربية الاصطناعية النشأة في القرن الماضي لانجاح المؤامرات، -وان شئنا، فلنسمها مخططات
رابعا
-أن بوادرنهاية الاستعمار الغربي الرسمي بالمنطقة في أوائل القرن الماضي، كان بمثابة ضياع للعالم الغربي الذي أراد العودة عبر النافدة الخلفية الى مناطق الاستعمار القديم، بأية صورة،وبأي ثمن ،فتم القضاء على الدولة العثمانية، ثم وعد بلفور، والمؤامرة البريطانية -الفرنسية
خامسا
-استفادة اسرائيل من الحقد الغربي على شعوب المنطقة (لأسباب تتداخل فيها عوامل التاريخ والمكان )بالترويج "لاضطهاد الشعب اليهودي" بأوربا قديما وحديثا،والترويج للمحرقات النازية-ذاك المنتوج الثقافي الغربي الحصري- الذي وظف أيما توظيف من الجانبين –صهيونيا وغربيا
وأخيرا وليس آخرا
-الاستفادة من القيم المشتركة (القيم اليونانية –الرومانية-اليهودية-المسيحية) التي –للغرابة- ما يزال "ديناصورات " الفكر والثقافة والسياسة عندنا يبحثون لهم عن موطأ قدم في هذالفكرالتوليفي ،الناشز، للغرب،الذي يؤطرلنظرته الكونية المستقبلية، ويحدد أهدافه السرمديةالبعيدة المدى بين الصهاينة والعالم الغربي كما حددتها الفلسفة البراغماتية يكل وضوح في عشرينات القرن الماضي كما طرحها المؤرخ الامريكي ،وأحدد مؤسسي هذا المذهب " جون فيسك" حيث حدد مفهوم الغرب الجديد، كما وردت في كتابه "مصير الولايات المتحدة قائلا" ...الذي يحده الفجر القطبي شمالا،(يقصد كندا وألاسكا) و تقدم الاعتداليين جنوبا ((يقصد غرب أوروبا) والعماء البدائى شرقا (يقصد آسيا وافريقيا) ويوم الدين غربا (يقصد الولايات المتحدة الأمريكية) بمعنى اقصاء كل "ثقافات وحضارات الآخرين" كما جددته الكتابات الجديدة للنخبة الغربية الجديدة و كما سطرتها أقلام "ضيوف الشرف الثمانية والثلاثين الاسرائليين من كتاب اللغة العبرية " المدعويين من طرف نقابة دور النشر الوطنية الفرنسية في المعرض الدولي للكتاب بباريس حيث توجت الثقافة الاسرائلية "بالثقافة المستقبليةالنموذجية" للبشرية بامتياز،.حيث كررأحدهم في تصريحاته للاعلام الفرنسي الثقافي بمناسبة الذكرى الستينيةالكيان العبري، ان "السر في خصوصية الثقافة الاسرائلية، كون هذا الشعب الاسطوري"الجبار"قد آمن بفكرة "لاعقلانية" ترى ان اليهود فقدوا ملكية فلسطين منذ حولي الفي عام ولكنهم لم يفقدوا "حق ملكيتها". الذي هو تصريح سافر لاعلان " المحرقة الثقافية ، للثقافة العربية والاسلامية في الزمن الثقافي المشبوه