مازالت دمشق تحمل الهمّ العربي على كتفيها
17 نيسان..
و مازالت دمشق تحمل الهمّ العربي على كتفيها
شمس الدين العجلاني*
سطرت سورية إلياذتها الخالدة على مر العصور بروعه رجالاتها وبطولة أبنائها ، ففي كل زاوية بطولة وتحت كل حجر قصة ، و تاريخنا يعبق بقصص وحكايات تروى لتكون أمثولة لنا ولأولادنا وأطفالنا ليتذكروا دائما عظمة سورية بلد التاريخ والحضارة ... سورية التي يعرفها كل العرب فهي المدرسة التي خرجت كل القوميين العروبيين ، جاءها على مر العصور أقوام و غزاة .. محتلون و مستعمرون .. جاءها على مر العصور فلاسفة و علماء وشعراء و أدباء و جاءها ... و بقيت على مر العصور تتكلم بلغة عربية فصيحة ، و تغتسل بماء العروبة كل يوم آلاف المرات .
قصص وحكايات .. بطولات لاتنتهي ..حكايات تناقلها الأبناء عن الآباء والأجداد ، أنها سورية التي تصنع الحضارة وتسطر التاريخ .. إنها سر الكون والتكوين لم تزل باقية حتى الآن ترد الأذى عن العرب والعروبة وتنشر المسيحية والإسلام وتنبئ عن النصر القادم .
إنها تختزن التاريخ وتحكي أحجارها وسماؤها عن أسرارها...انها مدرسة العروبة و سيفها و قلمها و تاريخها المجيد
****
اليوم نستذكر شموخ و بطولات و تضحيات آبائنا و أجدادنا ، نسائنا و أطفالنا .. اليوم نستذكر شموخ شعبنا الأبي في الدفاع عن الوطن و صنع الاستقلال ، و اليوم تؤكد سورية مجددا و بكل قوة أنها تتابع المسيرة.. وتحمل الراية... وتحفظ الأمانة... مستمدة ذلك من تاريخها المشرق .. ومن شعبها المجاهد.. صامدة ومعتزة بالمآثر الزاخرة التي يتمثل فيها تراثنا الاغر .. ملحمة وطنية قومية تتجلى فيها قيم الرجولة والتضحية والفداء.
اليوم يسمع العالم بأجمعه صوت البطل يوسف العظمة يدوي في رحاب السماء : (لن يدخلوا إلا على دمنا وأجسادنا ..) و دخل المستعمر على أجساد و دماء شعبنا الأبي ، و خرج مكسورا مهزوما بالمقاومة والتضحيات الجسام .. إن هذه الأرض المباركة اشتعلت لهيب نار في وجه المستعمر .. شيبا و شبابا.. نساء و أطفالا.. وقفوا صفا واحدا في وجه الانتداب الفرنسي ، و ضربوا الأمثولة الرائعة في حب الوطن و الدفاع عنه، فمن يوسف العظمة .. وسلطان باشا الاطرش .. وابراهيم هنانو.. والشيخ صالح العلي.. واحمد مريود.. ومحمود الفاعور.. والشيخ محمد الاشمر .. وسعيد العاص .. وحسن الخراط .. وفوزي القاوقجي .. إلى زكية هنانو.. ام شعيب الدندشي .. ترفه المحيثاوي .. خديجة مريود .. نازك العابد.. ورندة.. وسارة المؤيد العظم.. ومنيرة المحايري .. وبلقيس كرد علي..
إلى رجال السياسة .. شكري القوتلي .. و فارس الخوري .. و سعد الله الجابري .. و عبد الرحمن الشهبندر ..و فخري البارودي .. وهاشم الاتاسي ..
كل أبناء الوطن كانت هامتهم منتصبة كالرمح في وجه المستعمر الفرنسي ..
هذه الأرض مباركة معمده بدم الأبطال و الشهداء إنها سورية التي اشتعلت فيها الثورات ضد المستعمر الفرنسي .. و شملت أرجاء البلاد من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، عمت المقاومة في كل مدينة و قرية و حي و بيت.. عمت الثورات أرجاء الوطن .. واخرج المستعمر من أرضنا بعد خمس وعشرين سنة من النضال والصمود والتضحية.. فحققت أجيال من المجاهدين الأبطال جلاء المستعمر عن ارض الوطن في السابع عشر من نيسان عام 1946 وكانت الفرحة الكبرى في تاريخنا .. والعيد الاغر الذي رسمته البطولات والذي قدم فيه الوطن والمواطنون تضحيات جساما في سبيل التحرير والكرامة الوطنية.
و الآن كما بالأمس البعيد و الأمس القريب يستمر شعبنا في تقديم التضحيات.. وفي المواقف المشرفة التزاما بقضايانا العادلة والمصيرية.. و يسير على نهج قومي وطني يعلي شأن الوطن والأمة..واضعا المصالح العربية العليا فوق المصالح القطرية الضيقة لا يساوم على حق ولا يفرط بمبدأ.
وما زالت السياسة السورية بمواقفها
العربية والدولية تسير على مخطط واضح ومنهج وطني
وقومي، استلهمته من روح الجلاء
وبقيت عليه إلى اليوم حيث لا تفريط بالحقوق الوطنية
والقومية.. ولذلك كانت و مازالت دمشق تحمل الهمّ العربي
على كتفيها و تقف شامخة كقاسيونها في وجه كل
العواصف .
والرؤية التي تطمح إلى
وحدة المصير العربي التي ما زالت ساطعةً في الأفق.
واليوم السابع عشر من نيسان من أبرز الأيام في تاريخنا ، بحيث يحق أن نطلق عليه عيد الأعياد، ومن يفرح في هذا اليوم هو الوطن بمجموعه، في السابع عشر من نيسان تعيد لنا هذه الصور ذكرى موقف و بطولة لشعب ابي .
الأحداث السورية في عهد الانتداب الفرنسي:
دخل الجيش الفرنسي دمشق في الساعة الرابعة بعد ظهر الأحد في 25 تموز عام 1920والمدينة مقفلة الأسواق ، وفي صباح 25 منه وقع الملك فيصل وهو في الكسوة مرسوما بتعيين علاء الدين الدروبي رئيسا لوزارة جديدة تحل محل الوزارة الاتاسية المستقيلة ، وقد اختار أعضاءها من عناصر عرفت بتأييد الانتداب الفرنسي وموالاته علها تكون واسطة للتفاهم بين الفرنسيين والملك .
تجريد فيصل من سلطة الحكـم :
أذاع الجنرال غوابيه ( قائد الحملة الفرنسية ) في 27تموز 1920 بلاغا جرد الملك فيصل من سلطة الحكم وفرض 10 ملايين ليرة غرامة على سوريا باسم تعويض ، كما حل الجيش السوري ونزع سلاحه وطالب بتسليم كبار المذنبين ليحاكموا أمام المحكمة العسكرية كما طلب نزع سلاح الاهلين وتقديمهم 10 آلاف بندقية . وقبلت الوزارة الدروبية هذه الطلبات
وفي 20 آب 1920 اجتمع المجلس العسكري الفرنسي واصدر حكما بإعدام عدد كبير من الوطنيين كما حكم بالسجن والنفي على غيرهم .
ثم عين الفرنسيون بعثة تسلمت جميع المصالح الرسمية وقسموا سورية إلى عدة دول وحكومات ، أولها دولة لبنان الكبير ، ودولة حلب ، ودولة دمشق وحكومة العلويين وحكومة جبل الدروز ولواء الاسكندرون المستقل .
وفي حزيران من عام 1932 انشأوا اتحادا بين دمشق وحلب والعلويين وجعلوا لهذا الاتحاد مجلسا ( مجلس الاتحاد ) ..
وفي يوم 24 تموز سنة 1922 اقر مجلس جمعية الأمم المنعقد في لندن صك الانتداب على سوريا ولبنان وفي 30 آب 1923 اصدر المفوض السامي قرارا بإنشاء مجالس تمثيلية لكل من الدول الواقعة تحت الانتداب على أن تكون صلاحيتها محدودة في النظر بالميزانية والضرائب والتشريع والإدارة ويكون له الحق أيضا في تعيين ممثلي الدولة في المجلس الاتحادي وفي طرح الأسئلة على الحاكم وإبداء التمنيات .
وقد احتجت البلاد على إنشاء هذه المجالس وصلاحياتها الضيقة وقاطعت انتخاباته ، ولكن السلطة أخرجت نوابا لهذا المجلس على هواها .
إلغاء الاتحاد السـوري:
وفي 5 كانون الأول 1924 صدر قرار بإلغاء الاتحاد السوري وإنشاء وحدة بين دولة دمشق ودولة حلب وفصل دولة العلويين . وسميت هذه الدولة بالدولة السورية .
وفي أواخر شهر تموز من عام 1925 نشبت الثورة السورية الكبرى واندلعت في جبل الدروز ثم حماه ودمشق وقرى الغوطة ووادي التيم والى أطراف حمص بما فيها القلمون والى شمال لبنان وبعلبك . واستقال في هذه الأثناء صبحي بركات من رئاسة الحكومة السورية وتسلم الحكم المباشر في سورية ( بيير آليب ) ولما عين دو جوفنيل خلفا للجنرال سراي شرع اثر وصوله يدعو البلاد إلى انتخابات نيابية بحجة الوقوف على الآراء العامة ، فقاطعت البلاد هذه الانتخابات ولم تنجح إلا في حلب عن طريق التزييف والتلاعب ، وعلى الأثر نشبت اضطرابات وقامت مظاهرات واعتقل الوطنيون وأرسلوا إلى المنافي . ثم حاول تأليف حكومة وطنية تساعده على إخماد الثورة فكلف الشيخ تاج الدين الحسيني وهاشم الاتاسي فلقى من الثاني إعراضا ولم ترق له شروط الأول أيضا .
حكومة أحمـــــد نامـي:
وفي يوم 26 نيسان 1926 اصدر قرارا بتعيين الداماد احمد نامي رئيسا لدولة سورية ريثما يعمد إلى إجراء انتخاب مجلس نيابي يعين بنفسه وليس الدولة .
وقد نشرت حكومة الداماد بيانا أقره دو جوفنيل يتضمن عشرة بنود منها :
- دعوة الجمعية التأسيسية لتتولى سن دستور البلاد على قاعدة السيادة القومية .
- تحويل الانتداب إلى معاهدة بين فرنسا وسورية .
- تحقيق الوحدة السورية بالوسائل التي باشرت بإجرائها منذ الآن .
- توحيد النظام القضائي بشكل يضمن حقوق الوطنيين والأجانب معا .
- تأليف جيش وطني تتمكن القوات الفرنسية بالجلاء التدريجي عن البلاد .
- طلب إدخال سورية في عصبة الأمم .
- إصلاح النظام النقدي .
- قرار بإلغاء الغرامات الحربية عن دمشق وغيرها .
- إيجاد طريقة للتعويض على منكوبي الثورة .
- الاعتراف لسورية بمرفأ بحري على أن تكون طرابلس هذا المرفأ وقد دارت مفاوضات لإنهاء الثورة على هذا الأساس فسافر دو جوفنيل الى باريس لحمل وزارة الخارجية الفرنسية على إقرار برنامجه هذا ولكنه فشل في مسعاه واستقال على الأثر .
الجمعية التأسيسية:
وفي 11 تشرين الأول سنة 1926 وصل بونسو المفوض السامي الجديد وظل يتنقل بين باريس وبيروت لحل القضية السورية إلى يوم 8 شباط 1928 وفيه قبل استقالة الداماد ثم عهد إلى الشيخ تاج الدين الحسيني بتأليف الوزارة وصدرت أثر تأليفها قرارات للعضو المفيد ودعوة انتخاب الجمعية التأسيسية لتقوم بسن الدستور ، فجرت الانتخابات في جو يسوده الضغط ولكن الوطنيين فازت قوائمهم في جميع المدن وافتتحت الجمعية التأسيسية في 9 حزيران وجرى انتخاب مكتبها ففاز الوطنيون بوظائف المكتب وبلجنة وضع الدستور ولما انتهت اللجنة من وضع مشروع الدستور السوري وتقرر موعد طرحه على الهيئة العامة تدخل المفوض السامي وطلب طي ست مواد من طلبه فرفضت الجمعية هذا الطلب في جلستها صباح 11 آب فاصدر المفوض السامي قرارا بتأجيل الجمعية التأسيسية ثلاثة أشهر ، ولكن هذه الأشهر الثلاثة انقضت دون أن تلتئم بعد ذلك الجمعية التأسيسية ، وأجلت إلى أجل غير مسمى ، ثم فاجأ بونسو يوم 22 أيار سنة 1930 بإعلان دستور سوريا الجديد المقيد بالمادة 116 فاحتجت البلاد وبقيت الأمور معلقة إلى 19 تشرين الثاني 1931 فاصدر بونسو قرارا دعا الشعب فيه إلى الاشتراك بانتخابات نيابية تمهيدا لتطبيق الدستور ، وانشأ مجلسا استشاريا مؤقتا برئاسة سولومياك توطئه للانتخابات ولتنفيذ الدستور وعهد إلى الوزراء بتسيير الإعمال وتعيين أمين للسر بصلاحيات واسعة ولكن تحت مراقبة المندوب .
انتخابات ســنة 1931:
وفي 20 كانون الأول 1931 جرى اقتراع الدرجة الأولى تحت رقابة الجيش وقوى الأمن دون رقابة المنتخبين فاتضح أن الفرنسيين يريدون نجاح قوائم معينة بطريق الضغط والتزييف ، فثارت نفوس الاهلين في دمشق وحماه ودوما ونشبت معارك دامية أرغمت المفوض السامي أن يوقف عمليات الانتخابات المزيفة في جميع أنحاء سورية ، ثم استؤنفت الانتخابات في دمشق وحماه ودوما في 30 آذار بعد تفاهم بين الوطنيين والمفوض في دمشق ، فقط على أن تجري الانتخابات حرة وقد تمت في الشهر السادس من نيسان
أول رئيــس دستوري :
أصبح المجلس النيابي في 7 حزيران 1931 حسب الدستور الموضوع ، وانتخب مكتبه ثم بدأ بانتخاب رئيس الجمهورية ورشح الفرنسيون لها صبحي بركات وحقي العظم ورشح الوطنيون هاشم الاتاسي فلم ينل في الاقتراع الأول احد هؤلاء المرشحين أكثرية الأصوات ولذا ارجئ الانتخاب إلى يوم 14 حزيران 1931، وجرت مفاوضات بين الفرنسيين والوطنيين اسفرت عن التخلي عن المرشحين الثلاثة والاتفاق على انتخاب محمد علي العابد ، أول رئيس جمهورية في سورية .
وفي يوم 14 من الشهر المذكور الف حقي العظم الوزارة الجديدة ، واشترك فيها اثنان من النواب الوطنيين على أن يتولى احدهما السيد جميل مردم المفاوضة مع المفوض السامي لعقد معاهدة تحدد مصالح الفريقين .
ولكن لم تدم هذه المفاوضات طويلا وقد أضطر النواب الوطنيون والوزيران الوطنيان للانسحاب من الحكومة والبرلمان يوم 18 نيسان 1932 على أثر ما ظهر لهم من أن مشروع المعاهدة لا يحقق أماني البلاد .
دو مارتيل ومعاهدة الشعباني:
على أثر فشل المفاوضات استدعى المسيو بونسو الى باريس وعين دو مارتيل خلفا له في شهر تموز 1933 ، فوصل إلى بيروت في 14 تشرين الأول ووضع مع حكومة حقي العظم مشروع معاهدة عرفت بمعاهدة الشعباني لا تحقق وحدة البلاد ولا تحررها من الجيوش الأجنبية ولذا قوبلت بالاحتجاج والرفض ولما عرضت على البرلمان قرر النواب الوطنيون العودة إلى المجلس ومقاومتها تحت قبته واستقال وزير المعارف سليم جمبرت احتجاجا على هذه المعاهدة ولما طرحت على البرلمان يوم 25 تشرين الثاني من نفس السنة تحت حراسة الجيش وقوى الأمن الفرنسية استطاع النواب الوطنيون أن يفاجئوا المجلس بمضبطة موقعة من أكثرية النواب برفض هذه المعاهدة وعلى الأثر اصدر المفوض السامي قرارا بتعطيل المجلس إلى اجل غير مسمى .
اتفاق دو مارتيل والاتاسـي:
وفي 17 آذار 1934 استقالت وزارة حقي العظم وعين المفوض السامي مكانها وزارة الشيخ تاج الدين الحسيني الثانية فقضت مدتها والبلاد مضطربة و تعمها المظاهرات وقد أضربت دمشق بسبب مقاطعة شركة الكهرباء وذكرى أربعين المرحوم الزعيم هنانو ستين يوما متوالية وتبعتها المدن السورية وانتهت باتفاق أول آذار 1936 بين دو مارتيل وهاشم الاتاسي وفيه اعتراف فرنسة باستقلال سورية ووحدتها وعقد معاهدة يقوم بها وفد سوري يسافر الى باريس .
معاهدة 1936:
وعلى أثر هذا الاتفاق انتهى إضراب المدن السورية وعينت وزارة عطا الايوبي باسم وزارة الانتقال وقامت بتعيين الوفد المفاوض من هاشم الاتاسي وفارس الخوري وجميل مردم وسعد الله الجابري من الوطنيين والامير مصطفى الشهابي وادمون حمصي من الوزراء وقد سافر الوفد إلى باريس ومكث فيها نحو ستة أشهر حيث عقد بشهر ايلول من السنة نفسها المعاهدة الفرنسية السورية واستقبل الوفد عند عودته بحماس ودعيت البلاد الى انتخابات نيابية فازت فيها قوائم الوطنيين وفي شهر كانون الأول 1936 اجتمع المجلس المنتخب وقبل استقالة محمد علي العابد من رئاسة الجمهورية وانتخب هاشم الاتاسي رئيسا للجمهورية الثالثة وتألفت يوم 22كانون 1936 وزارة وطنية برئاسة جميل مردم وقامت بتصديق مشروع المعاهدة في المجلـــــــــس .
استقالة الرئيس الاتاســـي:
وعلى اثر ذلك استقالت وزارة جميل مردم في 18 شباط 1939 وخلفتها وزارة لطفي الحفار لمدة لا تتجاوز 42 يوما ثم خلفتها وزارة نصوح البخاري التي بقيت في الحكم نحو ثلاثة أشهر أعلن بعد استقالتها تأليف حكومة مجلس المديرين في 8 تموز سنة 1939 وانتهاء الحكم الجمهوري باستقالة هاشم الاتاسي من رئاسة الجمهورية وتأجيل المجلس النيابي .
الحرب الكبــرى:
وقد أعلنت الحرب يوم 2 أيلول وعانت البلاد موجة من الاضطهاد والضغط حتى حزيران 1940 حيث خرجت فرنسا من الحرب واحتلت اراضيها ، فاستبدل المفوض بيو بالجنرال دانتز وقامت في عهده اضطرابات وإضرابات في المدن وانتهت باستقالة حكومة المديرين وتأليف خالد العظم وزارته في 3 نيسان 1941
دخول الانكليز الى سورية:
وفي عهد هذه الوزارة هاجمت الجيوش البريطانية سورية ، وانتهى الهجوم في النصف الأول من شهر تموز وفي 20 أيلول ألف حسن الحكيم وزارته بعد إعلان استقلال سورية وعين الشيخ تاج الدين الحسيني رئيسا للجمهورية بطريقة غير دستورية ، وفي 18 نيسان 1942 ألف حسني البرازي وزارته وبقيت في كرسي الحكم إلى 8 كانون الثاني 1943 إذ ألف الوزارة جميل الالشي .
وفي أوائل عهد وزارته توفي الشيخ تاج الدين الحسيني رئيس الجمهورية فنشبت على الأثر ازمة سياسية رافقتها الاضطرابات وانتهت باستقالة الوزارة وتكليف عطا الايوبي بتأليف حكومة انتقالية لإجراء الانتخابات فألفها في 25 آذار 1943 ودعت البلاد الى انتخابات فاز بها الوطنيون بأكثرية ساحقة .
رئاسة القوتلـي:
انتخب شكري القوتلي رئيسا للجمهورية الدستورية الثالثة وقد عهد إلى سعد الله الجابري بتأليف الوزارة في 19 آب سنة 1943 وفي عهدها جرت مفاوضات في مصر لتأسيس جامعة الدول العربية ، ثم خلفه في الوزارة يوم 14 تشرين أول 1944 فارس الخوري الذي اعاد تأليفها في 7 نيسان سنة 1945 ووزارته الجديدة أعلنت الحرب على المحور وقبلت سورية في مؤتمر سان فرنسيسكو وسافر على رأس الوفد السوري الى المؤتمر وفي غيابه اعلنت الهدنة في اوروبا يوم 8 أيار 1945 فابتهج العالم بانتهاء الحرب .
العدوان الفرنسي على المدن السورية:
وانتهز الفرنسيون مهرجانات الفرح بالهدنة لإثارة مشاكل مع السوريين انتهت بإرسال الجنرال بينيه المندوب السامي مذكرة ضمنها مطالب فرنسة من سورية فرفضها المجلس .
وقد انتهت هذه الاستفزازات بوقوع العدوان الفرنسي على المدن السورية في آخر أسبوع من شهر أيار 1945 وبعد عودة فارس الخوري من سان فرنسيسكو أعاد تأليف الوزارة الثالثة في 26 آب سنة 1945 فاستقال منها وزيران وتبعهما وزراء آخرون أدت استقالتهم إلى استقالة رئيسهم فألف الوزارة سعد الله الجابري في 30 ايلول 1945 وفي عهد هذه الوزارة عقدت بريطانيا وفرنسة في 13 كانون الأول اتفاقا تقاسمتا فيه النفوذ في الشرق الأوسط فاحتجت البلاد على هذا الاتفاق وقرر المجلس النيابي طلب جلاء الجيوش الأجنبية عن أراضي سورية إلى هيئة الامم المتحدة .
سورية في مجلس الامن:
وقد نفذ الوفد الذي مثل سورية في هذه الهيئة قرار المجلس بأن طرح قضية الجلاء عن سورية على مجلس الأمن.. ثم بوشر بالجلاء عن سورية تدريجيا حتى انتهى في الساعة العاشرة من يوم 15 نيسان 1946 واحتفل السوريون في جميع انحاء بلادهم يوم 17 نيسان 1946 بالجلاء واعتبروا هذا اليوم عيدا قوميا يحتفلون كل عام بذكراه .
الاحتلال استمر 9487 يوما :
1- في الساعة الرابعة بعد ظهر الأحد الواقع في 25 تموز 1920 دخل الجيش الفرنسي دمشق بعد معركة ميسلون .
2-
في 21 حزيران 1941 دخل الانكليز دمشق على أثر انتصارهم على القوى الفرنسية الفيشية .3-
في الساعة التاسعة من صباح 15 حزيران 1946 جلا آخر جندي بريطاني وفرنسي عن دمشق .وهكذا يكون الاحتلال الفرنسي قد استمر 25 سنة ونيف ، او ما يعادل 9487 يوما على التمام .
هؤلاء الفرنسيون حكموا سورية
الجنرال غورو من : ( 8 تشرين الأول 1920 – تشرين الثاني 1922 ) .
الجنرال ويغان عين في التاسع عشر من نيسان 1923 وباشر عمله الرسمي في البلاد السورية واللبنانية من : ( 9 أيار 1923 – 5 كانون الأول 1924 ) .
الجنرال سراي من : ( 2 كانون الثاني 1925 – 8 تشرين الثاني 1925 )
هنري دي جوفنيل من : ( 2 كانون الأول 1925 – 27 أيار 1926 )
هنري بونسو ( عين في الثالث من أيلول 1926 – 12 تشرين الأول 1933 )
داميان ده مارتيل من ( 12 تشرين الأول 1933 – كانون الثاني 1939 )
غابريل بيبو – ( من 5 كانون الثاني 1939 – 25 تشرين الثاني 1940 ) وقد أقيل من وظيفته بتاريخ 14 كانون الأول 1940 وسافر بعد هذا التاريخ بـ 11 يوما .
جان شياب – لم يصل إلى سوريا ومات غرقا وهو في طريقه الجوي إليها .
الجنرال دانتز – عين في العاشر من كانون الأول 1940 ، وباشر عمله الرسمي في البلاد من : ( 29 كانون الأول 1940 إلى 15 تموز 1941 )
الجنرال كاترو من : ( 15 تموز 1941 إلى 7 حزيران 1943 ) وهو أول مفوض سامي لقب نفسه ( مندوب عام ) .
جان هللو – من : ( 7 حزيران 1943 إلى تشرين الثاني 1943 ) وقد أقيل بعد حوادث لبنان .
جنرال بينه – من ( آذار 1944 إلى .. يوم الجلاء .. )
الوزارات السورية في عهد الانتداب الفرنسي
تشكل في سورية في فترة الانتداب الفرنسي 26 وزارة ، و كانت أول وزارة وزاره علاء الدين الدروبي و التي تشكلت يوم 25 تموز عام 1920 مع بدء الاحتلال الفرنسي و انتهت يوم 21 آب 1920 بمقتل الدروبي في خربة الغزالة ، حيث نشبت حركة ثورية .
أما آخر وزارة فكانت وزارة سعد الله الجابري و التي تشكلت في 30 ايلول عام 1945 و استقالت هذه الوزارة اثر أعياد الجلاء بتاريخ 27 نيسان 1946ومن هذه الوزارات كانت هنالك وزارة واحدة برئاسة الفرنسي المسيو سولومياك و التي استمرت ستة أشهر و ثلاثة و عشرين يوما من 19 تشرين الثاني 1931 إلى 11 حزيران 1932 .
* صحفي وكاتب