أسرة ناصر الباعوني في كولاج بيئي

ندوة بعنوان

د. حسن الربابعة

قسم اللغة العربية

جامعة مؤتة

[email protected]

ألقيت في جامعة الطفيلة التقنية

(لمناسبة أسبوع ثقافي أقامته مدبربة ثقافة محافظة الطفيلة يوم 7نيسان 2008م)

*** بسم الله الرحمن الرحيم ***

الذي أمر رسوله بالقراءة والفهم في أول آية من سورة العلق ،أول سورة تنبئ الإنسان مم خلق ؟ إذ لولا الفهم الذي أرتاه الخالق جلت قدرته لنبي أمته صلى الله عليه وسلم ورسالتها إلى الكون كله ، لما تحققت الغاية المبتغاة من رسالة الإسلام وصاحبها التي حملت أمرا إلهيا "اقرأ" وعكسها في تصاقبها اللفظي "ارق" فكلما قرأ الإنسان واتعظ وفهم من أمر الكون شيئا ،اقترب من حقيقة توحيد الله ونبذ شركه وإطاعته الله تعالى واجتناب نواهيه.

عطوفة الأستاذ الفاضل مدير ثقافة محافظة الطفيلة المحترم مهنيئا بحصولكم على درجة الماجستير في الجغرافيا من جامعتنا مؤتة العزيزة علينا قيل مدة وجيزة ، الحضور المبارك ،مقدما ومشاركا في الندوة ، ومصيخا بمسمعيه إلى هذه الندوة في جامعة فتية، نفخر آن نلتقي فيها على جنبات العلم ،لنتحدث عن "أسرة ناصر الباعوني العلمية في العصر المملوكي  دراسة في سيرهم وتواليفهم "فأهلا بكم في ربوع الطفيلة الغناء ، هذه المحافظة التي عهدتُها في غير محاضرة في بصيرا ،و هنا في هذه الجامعة الشابة ، شبابا وشيوخا وأجيال مستقبل،تشرئب صدورهم بسماع العلم ،ويصيخون بأسماعهم إلى ما يقال من حق ، وما قصدهم إلا فهم الجواب والسؤال ، وما يدار على موائد العلم ، إنهم كوكبة من علم امة "اقرا " وارق"وعشاقِها ،ديدنهم هذا قد عرفته ، وشنشنة نعرفها فيهم ،ولعلَّ من أسباب ذلك ظروفََهم البيئية ، كتلك التي عاشت فيها أسرتهم الباعونية العجلونية ، قبل ثمانية قرون وما يزالون ، جبالهم شماء كأنفتهم في السماء، وزيتونهم دائم الخضرة كعطاء باعون الممتد ، علما واخضرارا ، لا يقبلون الضيم ، شهام ، كأنهم بواعنة ، والبواعنة كأنهم طفايلة ، بيئة جغرافية واحدة ، يبدعون في أفعالهم ، بعد أن تمثلوا أقوالهم ،وان كانت أفعالهم أكثرَ من أقوالهم ، هذه تجربتي مع عجلون و الطفيلة مكانا وإنسانا ، إنهما شريحة أردنية عزيزة علينا ، تمثلان الأردن بطوله وعرضه، من عقربا إلى العقبة ، ومن الرويشد إلى البحر الميت ووادي عربة ،في حد الأردن الحالي ، ولئن جدَّ القولُ الأكبرُ لقلنا ، إنهما يمثلان بلادَ الشام الكبرى ، التي انغرست فيها جسومُ الشهداء الصحابة من ألف عام سلفت ، وما زالت تثمرُ، تذكيرا بالمجد والخلود ، في جنان الله ،وتوازعت جسومَهم الخالدة وزهت بها ، ذرَّاتُ بلاد الشام، منهم الحارث الأزدي ، رسولُ رسول الله المتفيئ ينعاتِ الله في ابصيرا ، شاهد عدل ، إنها بلاد الشام ارضِ المحشر والمنشر، إنها المباركة حول بيت المقدس ،ومن بلاد الشام هذه، يتم بعون الله تحرير ما استلبه الأعداء من ارض وكرامة ، على غفلة منا بعد أن تداعى الأعداء علينا كما تداعى الأكلة على قصعتها .

 أيها الحضور المبارك،

 حديثنا عن ناصر الباعوني وأسرته العلمية ، يذكرنا بولادته في باعون قبل سنة (750ه) على ما يشهد له المقريزي، ثم ينتقل إلى صفد لأسباب اقتصادية واجتماعية ليتخلص من قطاع الطرق في عجلون والفتن التي كانت تعج فيها ، وليضمن له موقعا مستقرا في صفد ، لينال أعقابه العلم والثقافة ، إلى أن أنجب عشرة أعلام بدءا بابنه احمد الذي أنجب ثلاثة أعلام هم محمد وإبراهيم شيخ الديار الشامية وأديبها ، ويوسف والد الشاعرة المعروفة رفيعة الشأن عائشة الباعونية ،وأخويها محمد وأحمد وابن أخيها محمد وابنه يوسف، لقد عاش هؤلاء العلماء في العصر المملوكي خلال مائة وخمسة وسبعين عاما ، لقد تركوا من المؤلفات نحو (53) ثلاثة وخمسين مؤلَّفا، في شؤون المعرفة المختلفة ،من أدب بنوعيه ؛الشعر والنثر، والفقه والفُتيا والسِّير وغيرها ، وقد حرصت وزميلي الدكتور احمد حسن الربابعة ،على استقصاء عنوانات مصنفاتهم هذه ؛فذكرناها في كتابنا الموسوم بالعنوان ذاته من جهة ،وأدرجنا ما أمكننا أمكنة مخطوطاتهم وتوازعها في مكتبات العالم ، من جهة أخرى ، وقدَّمنا دراسة إلى وزارة الثقافة، ممثلة بعطوفة أمينها العام ، لاستحضار هذه المخطوطات ،وتشكيل لجنة وطنية للتحقيق والدرس والنشر ، لان هذا هو مشروع وطني لا يقدر عليه فرد واحد ، وما نزال ننتظر الرد ، لا سيما أنَّ مشروع الجذور العلمية الأردنية المنبثقة حديثا ، ترعاها وقد تشكلت لجنة خاصة ، قد تعنى بهذا الأمر إن كانت تبتغي الحق والصواب، وهو ممَّا يحسن الظن بها

أمَّا حديثنا فيشمل باعون في كولاج بيئي، نقرأ منه ما وسعنا وقت الندوة فإليكموه مشكورين .

"مقدمة عن الأسرة الباعونية في "كولاج" بيئي"

 تقعُ بلدةُ باعونُ التي نما فيها ناصر الباعوني إلى الجهة الشمالية الغربية من مدينة عجلون ،على مسافة أفقية تقدر باثني عشر كيلا ، وحوالي (15)خمسة عشر كيلا على طريقها المتعرِّج إليها ،ويحدُّها من الجنوب الشرقي "اشتفينا " التي يَسشفى العليلُ بأنسامها العطرات ، ومن الجنوب الغربي "أُوصرا"تلك البلدة الممتدة براحتها بين أكتاف تلال صخرية،تشمخ بكبرياء من بين شقوقها أشجار البلوط العتيقة على شكل نصف دائرة ممتدة من جهتها الجنوبية الشرقية ، ترابضُ حواليها أشجارُ الزيتون المعمَّرة الشاهدة أعصرَ المجاهدين الأول ،الذين قهروا الرُّومان ،وسجدوا على أرض الشام لله سجود عبدَةٍ متبتلين لعظمته ، مقرِّين بتوحيده، ، وكان الرُّومان هم الذين زرعوها من أحقاب سالفات ،وما زلنا نحفظ لهم الودَّ، فذكراهم فيها خالدة ،فندعوها ب"الزيتون الرومي" ، بعضها مخروقُ الساق ، يمكن أن ينامَ في خروقه المرءُ، مستظلا بفيئها وحنانِها ، ومن حرّ ِ الجو وقرِّه ، أمَّا حدُّها من الجهة الشمالية فبلدتا عُرجان ، وراسون ، وهما تكنفانها برقعة خضراء من أشجار السنديان والبُطم والملُّول ،و الزعرور "النبق" والخرُّوب ، والدّوم ، وباقتُها خضراءُ معمِّرة ،تتخللّها أشجارُ العنب والزيتون ، والقيقب ، والتين وطور سينين ، أمَّا من الجهة الشمالية فوادي اليابس الذي سماه الملك عبد الله الأول ب"وادي الريان " لمَّا رآه في إحدى زيارته قبل نحو سبعين عاما من الآن(2007م)،وقد أنعش الفاكهة النديَّة وغذَّاها ،بمائه النمير،َّ وزاد رفدُه فرشقه على ضفتيه،وقنَّنه على قناتيه ؛ الجنوبية والشمالية ، إنَّه وادي " الرَّيان " الذي استبدله من اسمه القديم اليابسِ، المليكُ الأديبُ الشاعرُ عبد الله الاول بن الحسين  رحمه الله تعالى  صاحبُ ديوان "خواطر النسيم " بإرادة ملكية، فصدق الواصفُ، و انتشى الموصوف ،انه وادي الرَّيان الذي يجري من الشرق إلى الغرب من راسون إلى عرجان إلى باعون ، إلى الدّلب من أراضي بلدتنا "اجديتا " التي يقال سميتْ لجودة زيتها، أو ربما لسجعة إن" لقيتها هيتا أو ما لقيتها هيتا" أو لأنها في موقع بعيد، شكسِ المدخل والمخرج ،لولا أنْ فرَّج اللهُ عليها بطريق شرقيّة ،كان لأمانة القول وأصالتهِ، ولردِّ بعض الفضل لأهله ، دورٌ بارزٌ للواء الركن مطيع حماد الصخري ، وهو أصيل المحيَّا والمحتد،و الرجلُ البار لوطنه ، إبَّان تسلُّمهِ قيادةَ الفرقة الثانية عشرة، في ثمانينيات القرن الماضي دورٌ في فتحِها، فقصَّرت المسافةَ إلى اربد حوالي أحد عشر كيلا ، فضلا عن تخلُّص المسافرين إليها ،من منعطفات دير أبي سعيد وسمُّوع ، ووادي الغفر ، فجزاك الله يا مطيعُ عن سالكيها خير جزاء،وألحقك بالصالحين حيا وميتا . والمسافر اليوم يمرُّ على مكان شجرة مقداد بعد أن قطَّعت فحما،ولحقت بشجرة القينوسي التي اصفرَّت وقطِّعت ، بعد إن استظلت بأكنافها ، حملة انتخابات برلمانية ( 1997م )لقد صمدت عدة قرون لعاديات الزمان ،في موقعها المتمترس تسبِّحُ الله تعالى وتقدِّسهُ ،شأنُ كل مخلوق ، على أرض صخرية، بين سمُّوع الكورة وجنين الصفا ،ولا ادري إن كان للخُطب البرلمانية التي قيلت تحتَها وحولها ، وكنتُ احدَ خطبائها  دور في سرعة ذبولها ،لأنها لم تعدْ تتحمَّل مزيدَ كلام، عن انجازات مستقبلية ،براقة ، كثير ٌمنها هُراء في هُراء ، لقد كانت شجرة القينوسي الشهيدة ُسنة (2002م) تقابلُ شجرةَ برقش ، وتستأنس بالنظر إليها ، لأنها من لدّاتها ، وشجرة بِرقش تقابلُ شجرة َمقداد ، والأخيرة تقابلُ قلعة عجلون ، تبدو هذه الشجراتُ الثلاث في غابات عجلون المتشابكة من بعيد شواخصَ يُهتدى بها ومنها ،كأنّها صُوى (رجوم ) الفيافي للدلالة ،والى الغرب من شجرة مقداد،على نحو خمسة كيلومترا تحتضنُ بلدتنا إجديتا شجرتين ضخمتين ، من لِدَّاتها عمرا فيما يبدو ، تشاهقان في َحنجرة الفضاء ، ولا تريانها ، لجثوم مرتفع سندياني قديم يدعى"جبل أبو النعاج" يحجز الرؤية المتبادلة بينها ، ولجثوم مرتفع "أبو العبهر "من الجهة الشمالية منها ، أمَّا الشجرتان الضخمتان ،فإحداهما تدعى الشجرة الفقيرة في الجهة الشرقية من بلدة اجديتا ، كان يعلَّقُ عليها قطعٌ من القماش الأخضر خاصة، للتبرك بمن كان يجلس في ظلالها، ويسبِّحُ اسم الله العظيم في جنباتها ، وقد استشهدت من سنوات، لطغيان العمران عليها ،والأخرى كانت تطلُّ على وادي الرُّمان والمفحمة ،وظلت قرونا تجثم في رأس المطل ،إلى أن أخنى عليها إعمار مدرسة ثانوية للإناث مكانها ، أمَّا الشجرات الثلاث برقش والمطل والفقيرة ، فشكلت مثلتا متساوي الساقين ،وعلامات فارقة بين الشجار السنديان مما حولها ، أمَّا الثلاث الآخر؛ القينوسي وبرقش ومقداد،فكانت تشمخ بأنفة على مرِّ عصور متعاقبة ،و على زاوية (180ْْ) درجة إذا قستها من الشَّمال إلى الجنوب، لقد قطعت الشجرتان الكبيرتان ، ولم تبق شاخصة صامدة إلا شجرة برقش، التي تشرفُ على مقام الحاوي الولي، وبيسان ، وعلى بعد أربعة كيلومترات غربا تشرف على كلٍّ من بلدتي كَفرراكبَ وبيت إيدسَ ، واليوم ترعى الغزلان بحماها ، غزلان تستشيط حيوية ،و"تبرطع" في غاباتها ، وهي تستعيدُ مكانها الأول الذي هجرها أو هجرته ردحا من الزمن ، نعم "تبرطع " اليوم، بعد أن أعيدت إليه ،محروسة برعاية ملكية سامية.

 أمَّا شجرةُ مقداد الشجرة الشهيدة ، التي كنت ُ أرى من فوق غصونها ، قلعة عجلون شامخة ، إذا حدَّقتُ إلى جهة الجنوب ، تلك القلعة التي بناها القائد عزُّ الدين أسامة احد قادة السلطان صلاح الدين الأيوبي ، عام (1184م) ، قبيل معركة حطين الخالدة بثلاث سنين ،هذه القلعة التي تبعدُ عن مدينة عجلون ثلاثة كيلو مترات إلى جهة الغرب ،تشمخُ بأبراجها في هام الفضاء ، على جبل عوف، وهو احد أرباض عجلون ،كانت تسمى حصن عوف أو قلعة الربض أيضا ،ربما لربوضها عليه ، وبعضُهم يظنه نسبة إلى عشائر الربضية فيها ، كانت مرصدا يُرقبُ منه الأعداء، وكانت تقدِّم إشارةَ الخطر ليلا بنار ، ونهارا بدخان ، وتغلقُ عليها جسرا خشبيا من جهتها الشرقية ،من فوق خندق عميق وعريض يحيط بها  وما يزال شاهدَ حق  إحاطة السوار بالمعصم ، لم تكن تستطيع الخيول الجياد القفزَ من فوقه إلا بعد أن تجازف متحدية مهاوي الردى ، فتندقَ أعناقُها،إمَّا بمهاوي الخندق ، أو برشقات السِّهام والنبال من بين الدراوي التي ما زالت تحيط بأبراجها دفاعا قنفذيا ، وقد قيلت فيها قصيدة نشرت في ديوان" العملاق يتململ "للرائد حسن الربابعة ،عام (1984م)، لمناسبة مرور (800عام ) على بنائها ،وقد احتفلت جامعة اليرموك بهذه المناسبة في حينها .

لقد كانت الإشاراتُ ضرورة لازبة ، إذْ بها كانت تستعدُّ القواتُ الإسلاميةُ للمنازلة ، وكانت تنسِّق أمورَ الإنذار، والعمليات الحربية ، مع جاراتها الجانبية كقلعة السَّلط التي بُنيت بعد قلعة عجلون بثلاثة أعوام ، من جهة والمقابلة لها كقلعة كوكب الهوى ،من جهة أخرى، وهي التي تقع إلى الجهة الجنوبية الغربية من الشونة الشمالية ،باتجاه (260)درجة من مقام الصحابي الجليل معاذ بن جبل، ونجله الشهيد سليمان رضي الله عنهما ،على ثلاثة كيلو مترات جنوبي شرقي الشونة الشمالية ، شأنها شانُ القلاع الأخر، التي بنيت على تخوم بلاد الشام بدءا بقلعةِ حلبَ ، و مرورا بقلعة حماة التي تحوَّلت متنزها هذه الأيام ، وقد زرناها عام (2003م)وقلعة المرقب ، وصلاح الدين في اللاذقية ، وقلعة دمشق التي تضمُّ بين حناياها المسجد الأموي، وفيه مقام النبي يوحنا المعمدان "يحيى بن زكريا "ابن خالة عيسى عليهما وعلى نبينا محمد الصلوات التامَّات والسلام الذي يتلوه سلام ، إلى أن يرضى بصلواتنا عليهم ربُّ العزة والإكرام ، والى الشَّمال من المسجد الأموي ،بعشرات الأمتار فقط ، يشعُّ تور الجهاد من قبر صلاح الدين الأيوبي ،وبجانبه من الجنوب قبرٌ فارغٌ أهداه ملك ألمانيا غليوم العظيم، قبل قرن من الآن(2007م) ، إلى صلاح الدين، إعجابا به وتقديرا ، وهو من محامد غليوم الثاني ، واعتزازه بقائد إسلامي ونبله ، إذ لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل ، ويقال إنَّ المنارة البيضاء التي يهبطُ عليها المسيحُ عليه الصلاة والسلام هي المسجد الأموي ،ليملأ الأرض عدلا ،بعد أن ملئت جورا ، لكنه لا يتقدمه إماما ، على رغم من عرض المهدي عليه، فيصلي خلف محمد المهدي ، ، لانَّ رسالة الإسلام خاتمة الديانات ، فيقتلُ عيسى عليه السلام الدجالَ عند اللُّد ، ويحجُّ عيسى البيت العتيق ،ويقبضه الله تعالى بعد سبعٍ أو أربعين سنةً ، ويُدفنُ بجانب قير محمد النبي العربي في المدينة ،وفي الحجرة متسعٌ له ، فتستكملُ في حجرته صلَّى الله عليه وسلم أربعة أجسم طاهرة ؛ لرسولين وصحابيين ، على ما وصل إلينا من أخبار بعض المفسرين ، وثمة قلاع أخر ؛قلعة بُصرى ،والقدس، والخليل ، والشوبك ، التي انمازت الأخيرة عن غيرها بالاكتفاء الذاتي من طعام مدَّخر، وماء يجري من عينين فراتا ، وقد نظمتْ قصيدة في قلعة الشوبك ، في ديوان"مداد السيوف " للدكتور حسن الربابعة ، المنشور عام (2005م) ،وانتهاء بقلعة قانصوة الغوري ،آخر ملوك المماليك في العقبة ،الذي هزمه السلطان سليم الأول العثماني في معركة مرج دابق سنة 1517م ، فانضوت بلاد الشام تحت حكم العثمانيين لمدة أربعة قرون .

***

 أمَّا شجرة ُمقداد وما حولها فتشرف على وادي الرَّيان ،و تطلُّ منها على الدُّلبَ، والدُّلبُ لغة (في لسان العرب)معناه شجر العيثام أو شجرُ الصنَّار ، وهو شجر يعظمُ ويتَّسعُ ولا نََورَ له ولا ثمر ، وهو مفرَّضُ الورق واسعه، شبيهٌ بورق الكرم، واحدته دُلْبة .

 ينبجسُ وادي الريان المشترك بين بلدتي باعون وبلدتي اجديتا بهوسٍ، من بين صخور الجبال الشرقية لبلدة راسون مفجِّرا عين التنور، التي كانت تزوِّد اجديتا وغيرَها من البلدات في لواء الكورة ، ماء عذبا سلسبيلا، كانت تُسحبُ المياه ُمنها إلى خزَّان ، شيد في رأس الدير في اجديتا ، بقرب مدرسة اجديتا الإعدادية و منه كانت توزَّع المياه إلى المواطنين،كان ذلك في ستينيات القرن الماضي ،التي عهدتها عام (1966م) ، يوم كنت طالبا في الصف الثالث الإعدادي "التاسع حاليا " ،وفي هذا العام ،ترفعتْ مدرسة اجديتا إلى الصف الثالث الإعدادي ، ونذكر انه كان يحرسُ أحدُ أبناء بلدتي الحاووز، من عبث العابثين ، ردحا من الزمن ،وظللنا ننعم بالماء الرقراق بضع سنين ، إلى أن قضى أمرُ سلطة المياه ، أن تتزوَّد محافظةُ عجلون من مائها العذب الفرات  فهنيئا لهم ومريئا  ، بعد أن حفرت بئر ماء غربي بلدة اجديتا في وادي الزَّاغ الذي على مثلت طرق بين كفرأبيلَ وعجلون ومدخل بلدة اجديتا من الجهة الغربية .

ويتلوَّى وادي الريان بين ضلوع جبال شاهقات له خرير ، يتجاوب هديرا مع صدى مرتفعات جبال جديتا وراسون وباعون وأُوصرا ، والرهوة ( الذي من معانيها جبل ينبع منه ماء،)وهذا نلحظه فيها، إذ تطلُّ الرَّهوة على المشرع ، إذ كانت الماشية تكرع فيه ، ويستقي الناسُ منه ماء عذبا نقيا، وفي المشرع هذا طاحونة عودة التي كانت تدارُ بالماء، وبالقرب منها خلَّة المغسل ، سمِّيت يذلك لان الناس كانوا يغسلون ملابسهم من مائها ، وأثاثهم وأمتعتهم كالأصواف ، و كانوا يغتسلون بمائها ، في الفصول الصيفية خاصة ، حين كانت تشحُّ المياه في آبارهم ، أو تنضب ،وبعضهم كان يعزِّبُ في بساتينه ، لجني ثمار الفواكه ، أو ليشتغلَ عاملا فيها ،على أن آبار المياه في بلدة اجديتا كانت جِبابا تملأ بماء الأمطار، عبر قنوات ،فيكرع الناس منها وماشيتهم ، أو آبارا منزلية،تملأ من قطر السماء بمزاريب تصبُّ فيها ، لانَّ وادي الريان يبعدُ نحو ثلاثة كيلو مترات إلى الجهة الجنوبية عنها ،والورود إليه صعب شاق،لوجود منحدرات صعبة المسالك إليه، ، نزولا وهبوطا ، يكفي من أسمائها تدلبلا ،أبو القرقود ، والمشرّ، ورأس أبو الصَّوان،والدُّلب ، والمعلقة،ووادي مجن؛الذي ييستنفرُ اسمه الجن ،وسكناه فيه ،إذ يروى أنه كان يا ما كان في قديم الزمان ،فتية من البلد اشترطوا ذات ليلة مظلمة على جائزة لمن يجرؤ على النزول إلى وادي مجن ، ويدقُّ في غاره وتدا ، إثباتا على دخوله إليه في وادي مجن ، فانبرى فتى منهم ادعى بطولة ،فشمَّر عن ساعديه ، بارما شاربيه ، وصمَّم على خوض التجربة،بجائزة أو بدون جائزة ، وان كان طموحه للجائزة أولى ، وجازف متحديا لخوض هذه المهمة الخطرة ،وصمم على ان يدقَّ بعد قليل في الغار وتدا ، وتحدَّى الهول ، ونزل إلى الوادي السحيق ، ذي الحجارة المتهايلة،والسناسل" المقرقزة" المتأهبة للدحرجة ،من أول لمسة خطاه ، التي كانت دحرجتها، تقطع ُهدوء الليل المهول ، أمَّا الفتية فظلوا ينتظرون مصيره ، بفارغ الصبر ، كأنهم على صيحة الحبلى ، إذ يصيخون بأسماعهم،وبعضهم ألصق أذنيه بأديم الأرض  كأنه تابَّط شرا ليلة قُبض عليه، وهو يشرب من ركية  لعله يسمع صراخه قبل غيره ، إذ يقال بأنَّ الخلدَ يسمع ذبذبات الهزات الأرضيه قبل غيره، فيخرج من جحره هلعا قبل غيره ، و ألصق غيره صواوين آذانهم بأديم الأرض، وأصاخ الآخرون آذانهم بانتظار الأمر المهول ، هل يصطرخ الفتى من هول ما يراه من جن وادي مجن ؟ لا سيما أن صدى الأودية ، كفيلة بتبليغهم صدى صوته المرتعب ،وبعد جهد دخل الفتى الغار ، ودقَّ وتدا فيه ، بعد ان تجاسر متحديا ، و لكنَّه ُ لمَّا حاول النهوض جُذب ، إنها قوة تشده ، فيا للهول ! وبعد شد مشترك متماسك ، وظلمة الغار ليلا تزيده وحشة ، أنسته وعدا بالبطولة كان قطعها أمام رفاقه ، وأنسته ما كان يلبس من ثوبه ،صرخ ، فتجاوب صداه ، في ضلوع الأودية ، فهُرع الفتيةُ لنجدته ،ولما وصلوا إليه ، أضاؤوا ا لغار بفوانيسهم،ونظروا في فناء الغار ليتفحصوا الغولة التي قبضت على زميلهم ،فلم يروا شيئا ، قال بعضهم : ربما خطفته واختفت تقضقض عظامه في طبقات الأرض ، وقال غيره ، ربما تركت عباءته في هذا الوتد تدليلا على آثار بطولتها ، فكيف يتحدَّاها في مكمنها ،وزادوا دهشة ، أين زميلهم المتحدي ؟ أين أبو الشاربين المفتولين ؟تلفتوا يمنة ويسرة ، في الودي ، نادوه يا مهراس ،يا مهراس ، أين أنت يا ابن الناس ،دبّ فينا وسواس ، نعوذ برب الفلق و الناس ،من الجنة والوسواس ، ومن شر الشيطان والغول الخناس ،نادوه فردى وعزين ، وبعد نأي ولأي ،سمعوا أنينا في الوادي ، فتقربوا منه قليلا قليلا ، إلى أن أدركوه منزوع العباءة ، انفرجت أساريرهم ، وحمدوا الله على سلامته ، ثمّ ضحكوا لأنه كان مشدودا من عباءته التي كان يدق الوتد عليها ،وهو لا يشعر.

 ويستوقفُك خريرُ شلال غدير الباعونية الذي هو من أملاك احد أقربائنا اليوم ، الأستاذ شفيق الربابعة، أحد أعضاء هيئة التدريس في قسم الصحافة في جامعة اليرموك منذ عشرين ربيعا ،وقد التقطتْ للغدير صورة منذ تسع عشرة سنة ، في كتاب( الدكتور حسن محمد الرَّبابعة :عائشة الباعونية شاعرة، دار الهلال ،اربد،1998م ،ص31)، و ووادي الرَّيان ذاك هو الذي يندفقُ بهوس الرفد ، من على انف صخوره ، لا يشلل، ولا يكلل،،يبسط راحتيه على ضفتيه بسخاء لا تشوبه مِنَّة ُالعطاء ، تلقَّف أجدادُنا وأجدادُ البواعنة مددَهُ من قبلُ ، كما نتلقفه اليوم ،ببشر وسعادة ، بعد أن جاد بعطائه الثرِّ على الفواكه المختلفة من تين وتفاح وسفرجل ومشمش مختلف الأنواع ، وعنب ورمَّان وليمون وعناب وإجاص ، وغيرها من أصناف الفواكه ،فنمَّاها وغذاها ،وغسل ذوائبها برغوته ونفثه ورغائه ، أمَّا الحور المتسامق في حناجر الفضاء، فيرفُّ على الماء ظلا ظليلا ، وقد انتشى الوادي ، بعبق الزهور ، ونعناعه ،وزاده فوحا تفتُّحِ اللوزياَّت ،والطيُّون ،فرقَّ النسيم ماء نديا ،فحمل معه شذى السعادة والطيب النفَّاح ،وأذكرهم بأرواح الآباءِ والأجداد ، في دنيا النعيم ،وقد ربطتْهم بوحدة الزمان والمكان والإرث المشترك .

 وينسابُ وادي الريان متعرَّجا من بين ضلوع الأودية ، فتطلُّ عليه من الجهة الشمالية كهوفٌ حادٌّةُ الطرق، كالفؤوس المدببة ، تدعى اسما على مسمى "المعلقة " وقد كانت ملجأ لرجال أشداءَ لمقارعة الأعادي ، والاكتنان بها ،وبعض كبار السنِّ من بلدي أعلمني ، لمّا طاردهم عدوُّهم ، أنَّ أحدَهم قفز من فوق المعلقة على ارتفاع خمسة أمتار، مرخيا ثوبه قافزا في الفضاء متخذا من (مزنوكه أو دشداشته) مظلة، فهبط به مخففا من قوة الصدمة بما يشبه نزول المظلي ، على خلاف بينهما في اختيار منطقة الهبوط السهلة للمشبه به ، والوعرة الخشنة لمثل هذا الصنف المشبه من الرجال الأشداء ، ممن يبذلون أرواحهم سخية ،بين أكفهم، يقذفون بها وجوه أعدائهم ،وقد هرب المظلي المغامر من براثنهم بأعجوبة ، فنجا ، إذ لم تستطع الخيول ملاحقته ، ولم تغامر الخيول بنفسها للردى ، فتقفزَ من فوق المعلقة ،إكراما لعين فارسها اللدود، كأنه تأبط شرًّا يوم داهمه أعداؤه وهو يشتارُ عسلا من بئر عميقة في ديارهم ، فدلق عسلا على ثيابه، ثم سحل إلى قاع البئر ، ثم من مهرب كان قد حفره على مهل في ما كان وسعه من وقت فراغه، لمثل هذه الأيام الشداد ،انطلق منه موليا في بلاد الله المتواسعة ، وأعداؤه ينتظرون خروجه ، و يتشاورون في أمر قتله ،أيقتلونه في البئر قتلا ، أم ينتظرون استسلامه ؟

ويتابعُ الوادي انسيابَهُ باتجاه الغورِ غربا إلى أن يقضي رفدَهُ في الشريعة ، ليخفِّف من ملوحتِها ، ويغذيها بآن واحد،لينصبَّ في الشريعة التي ذكرتها عائشة الباعونية بقولها :

 بنى سلطانُنا برقوقُ جسرا          بأمرٍ، و الأنامُ له مطيعهْ

مجازا في الحقيقةِ للبرايا          وامرأ بالمرور على الشريعهْ

في تلك البقاع الطاهرة النقية ، العذبة الماء الرقراق ،والنسائم العليلات ،والجبال المغطاة بالأكاليل الخضر المتمايسة البلوطية الأغصان ، الدائمة السندسية المخضرّة ، وقبل سبعة قرون من اليوم (2007م)ولد ناصر بن خليفة بن فرج بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن الناصري الباعوني الشافعي في قرية باعون عجلون ،ثم نشا بها وترعرع ، ثم بدا يكابد من معيشته ، إمَّا حائكا ملابسه ،أو حاملا القماش على ظهره أو ظهر دابته ، يركض به في البلاد الصفديَّة كما يذكر السخاوي (الضوء اللامع ،2:232)، إذ كانت باعون تابعة لمملكة صفد ،ولم يكن نهر الأردن فاصلا بين دولتين ،كما أراده فيما بعد بلفور واتفاقيات سايسبيكو ، فكان العربي المسلم يتنقل في غير بلد، دون أن يُطلبَ منه جواز سفره ، كما كان العالِم ينتسبُ إلى كل بلد يقيم فيه ، أو يرتحلُ عنه، كناصر الباعوني الشافعي الناصري مدار البحث.

لقد ولد ناصر الباعوني قبل سنة (751ه)في باعون ، أو باعونة نسبة إلى اسم راهب أو راهبة ،وفي قراءة لأحد مؤلفات عائشة الباعونية ، حفيدته "البيعونية " على إمالة لبنانية ،نعرفها في لهجاتهم المعاصرة ، واشتغل بالحياكة ، إذ كانت باعون تختص بغزل الصوف على أنوال يدوية ، على ما يقوله الدكتور أستاذنا يوسف غوانمة ، انظر :

 (التاريخ الحضاري لشرقي الأردن ، ص113 ، ينقل عن السخاوي : الضوء اللامع ،ج2/232 ،والذيل على رفع الإصر ،ص109) .

 غادر ناصر الباعوني بلدته باعونة سنة (751ه)  ( 1349م) إلى بلدة الناصرة واستقرَّ بها ،ويبدو لرحيله أسباب منها، للتخلص من وباء عمَّ أهل الأغوار وكثيرا من أهالي عجلون كما هو في كتاب أستاذنا ( الدكتور قاسم المومني : شعراء عاشوا في عجلون ،1985م، ص16) من جهة،وللتخلص من حالات نهب وسلب، كانت تقوم بها بعض الأعراب ، بعد الكوارث ، من جهة أخرى ، ويبدو أنَّ الأعرابَ لم يتمكنوا من الوصول إلى الناصرة ، فعدَّها الباعوني ملاذا آمنا له،وتخلصا من فتن أقضَّتْ مضجعه كانت هواجس مفزعة لأسرته في جبل عجلون ، في عهد السلطان المنصور بن حاجي ، في تلك الفترة من الزمن ،وقد تقلبت الكراسي الحاكمة على رؤوس أصحابها كثيرا ،بدليل تولي سبعة سلاطين سدة الحكم خلال عقد من الزمن (1341م 1351م)انظر( قاموس المنجد في اللغة والأعلام ،ص685 )،فرحيله للناصرة يعزى طلبا للأمن ، وتقربا من حاضرة المملكة ،،وطلبا للعلم والعمل والاستقرار، وفي الناصرة حقق ناصر الباعوني مآربه .

للقد أنجب ناصر الباعوني ثلاثة أعلام كبار هم ؛إسماعيل "عماد الدين "،وأحمد شهاب الدين ، وموسى "شرف الدين "وكان أبرز أنجاله شهاب الدين أحمد الذي أنجب ثلاثة أعلام هم :إبراهيم "شهاب الدين ""و محمد "شمس الدين "ويوسف "جمال الدين" ،وقد نبغ من نسله ثلاثة أعلام هم : أحمد ومحمد وعائشة الباعونية ذائعة الصيت، وانتهى العلماء ب"يوسف بن محمد ابن أخي عائشة الباعونية ؛ وقد بلغت مؤلفاتهم ثلاثة وخمسين مؤلفاً , خلال (175) مائة وخمسة وسبعين عاما ،في الدولة المملوكية الثانية ، شملت علوم السيرة النبوية , والفقة , والفتيا , والتصوف , وأراجيز في السير , والشعر , والنثر الفني و على الرغم من مبلغ علمهم المختلفة ، فان ما حقق منها إلا نزر يسير ،يشار إليه في هذه الدراسة. أمَّا علماء الأسرة الباعونية فنبينهم في مخطط لاحق :

 *******

 لقد كان الدكتور حسن الربابعة ألمع إلى نبذة مبتسرة، بأسطر عدة في حواش مكثفة؛ عن سيرة ناصر الباعوني فيما يطاق به بحث معنون ب "عائشة الباعونية شاعرة " إبَّان إعداده له قبل عشرين سنة من الآن(2007م)، رسالة ماجستير في جامعة اليرموك.

وللحق؛ فقد أدرج ُلمَعاً عن حياة والدها وعميها، إبراهيم ومحمد، وأخويها، وعمي والدها، وهم عشرة نفر، لكنهم من أهل العلم والفقه والأدب والتصرف.

    وللحقِّ – أيضاً – فلم يدرج من مؤلفاتهم – على كثرتِها – شيئاً ،مما قيَّض الله لهذين الباحثين بالعنوان المدرج بأعلاه ، أن يجتهدا للبحث في حيوات هذه الأسرة الباعونية العلميَّة في ما وسعهما من جهد علمي لدواع أبرزُها:

1.   غزارةُ نتاج أفرادها.

2.   وتوازعُ مؤلفاتهم في مكتبات العالم شذرَ مذرَ.

3.   وقلةُ الدراسات، بل ندرتها عنهم فيما نعلمه.

4.   وحقوقُهم علينا جيرانا، وأدباً، وعلماً، وتفقها، وتصوفاً.

 وهدفُنا من كل هذا أن ينال العالمُ حقَّهُ من درس لأثره، ليأخذَ مكانتَهُ التي يستأهلها بين العلماء، خاصة عندما لا تجدُ له ذكراً، ولا بُعدَ صيت، لا، لأنه كان ذا سماتٍ خاملة ٍ، يمكن إهماله لأجلها، بل لأنَّ بعضَ كبارِ علماء عصرهم المملوكي نوَّه ببعضهم وأشاد، ه؛ كابن حجر العسقلاني والسخاوي، على علمهما المغزار،فقد أشادا ببعض علماء هذه الأسرة العلمية واعتزَّا بإبراهيم الباعوني خاصة ، وبغيرِه عامة، ينضاف إلى ذلك أهمية تحقيقِ تراثنا إذ ما يزال كلُّهُ أو أكثرُهُ بعدُ مخطوطا ،في مكتبات العالم.

    وعلى هذا، فالغاية من البحثِ هي أنْ يهتديَ البحثةُ إلى مخطوطات هذه العائلة وغيرها، ويقدِّموا بحوثَهم في مجالات يرونها تستأهل أن يحصلوا بها الدرجات العلمية، أو ينهضوا بتحقيق تواليفهم، خدمة للعلم الذي نسعى على حفافيه، ، وتحقيقاً للهدف المبتغى، وعليه فينهض هذا البحث على المحاور التالية:

أولاً: تشجير الأسرة الباعونية.

ثانياً: سير حيواتهم، وتواليفهم.

ثالثاً: أرجوزة في الخلفاء الإسلاميين أنموذجا.

رابعاً: ملحق توصية بمؤلفات الأسرة الباعونية رفعت إلى صاحبي المعالي؛ وزيري التربية والتعليم العالي، ووزير الثقافة، بغية تشكيل لجنة وطنية لجمع مصنفات علماء هذه الأسرة، وتحقيقها، ونشرها، بناءً على طلبهما إلينا.

أولاً: أمَّا تشجيرُ الأسرة الباعونية، فنبغت من أسرة ناصر الباعوني عشرة أعلام قبيل سنة (750)ه وحتى سنة (923)ه في العصر الملوكي لمدة مائة وثلاث وسبعين سنة، نشجِّرهم، تسهيلاً لدرسهم على النحو التالي: