أولموا لآل جعفر فإنهم مكلومون
وصية شهداء مرمرة
د. محمد رحال /السويد
[email protected]
ماان علم رسول الهدى والنور والرحمة محمد صلى الله عليه وسلم باستشهاد ابن عمه
واخيه وحبيبه واشبه الناس به خلقا وخلقا ، جعفر الطيار في غزوة مؤته ،حتى امر النبي
بجمع ابناء الشهيد رضوان الله تعالى عليه ، فغسلوا وطيبوا وقدموا اليه، فقام لهم
سيد البشر واحتضنهم وقبلهم ومسح على رؤوسهم وبكى لهم ،وهو قائد الامة ، ونبيها
ورسولها ، والاب الذي فقد اولاده ، وامر من حوله : اولموا لآل جعفر انهم مكلومون .
مااعظمه من جرح كبير ينال الاسرة عندما يُفقد ربانها وجناح الرحمة فيها ، فمن يمسح
للاطفال دمعهم بعد فقدان ، ومن يحتضن عاثرهم ، ومن يلاعب صغيرهم، ومن يدق الباب
عليهم ليحمل الهدايا والطعام والحب والامل لهم ، خاصة عندما يكون الفقيد سيدا من
سادات العرب وابلغ خطبائهم واحب الناس الى قلب المصطفى بعد ان فقد اعزهم اسد الله
الغالب حمزة بن عبد المطلب ، نعم .. فقد كان هو رسول الرحمة الحاضن لاولاد جعفر
الشهيد الذي حمل راية الاسلام في مؤته بيده وقاتل بسيفه باليد الاحرى ، وعندما قطعت
اليد التي حملت الراية ، حملها باليد الاخرى ، وعندما قطعت اليد الاخرى ، عزّ عليه
ان تسقط او تقع راية الاسلام ، فاحتضنها بعضديه ـ واستمر مصرا على رفعها حتى اختاره
الله فخسر جوار الدنيا ليربح جوار ربه ، وحينها قال عنه رسول الرحمة ان الله بدله
اجنحة بدلا من يديه يطير بهما في الجنة كيفما شاء وهوجزاءٌ يستحقه من رفع راية
الرسول وقاتل في سبيل رفعها ، فكم في امة النور اليوم ممن قطعت يداه في سبيلك
يالله وتركته امة محمد رهن العوز ، بل وهناك من يعتقلهم ويعذبهم .
اولاد الشهيد القائد جعفر لم يتركهم المسلمون ولم يضيعوهم ابدا ، بل واحتضنهم سيد
الامة ورسولها ، اكراما لقيم الشهادة ورفعا لمستوى عائلات الشهداء الذين تركهم من
ذهب في سبيل ربه ، امانة الاجيال في رقابنا نحن ، وكان لاسر الشهداء من التكريم
مالم تنله اسر اخرى لحسبها ونسبها ، انهم ابناء الشهداء ، وانهم احباب احباب الله
وابناء صفوة الخلق ، ورعاية سيد البشر لهم هي سنة من ارفع السنن وانبلها واكرمها ،
ولقد بالغ الاسلام في تكريم اليتيم لاشعار الايتام انهم ابناء امة عظيمة لاتغفل عن
ابنائها ، ولقد كرم اليتيم في اكثر من موضع في القران الكريم واحاديث الهادي
المصطفى ، وابلغ تلك الاحاديث ..وكلها بليغة .. قول رسول النور:
انا
وكافل اليتيم في الجنة هكذا ،واشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا.
وكنت وانا استعرض صور شهداء قافلة الحرية مرمرة ، وانظر في تلك الوجوه الشهيدة
المباركة ، استعرضهم ، واستعرض معهم حال ابنائهم ، وكانوا جميعهم اصحاب عائلات
كبيرة باستثناء صغيرهم فاروق ، والذي ترك عيش الرغد في امريكا ليختار نصرة فلسطين
واقصاها وشعبها ، صور شهداء كانوا اكثر من ابطال واعظم من شجعان وهي شهادات مسجلة
لمن كان الى جانبهم ، وتسائلت ماذا فعل ابناء امة محمد لعائلات الشهداء ، ومن من
قادة امتنا زارهم ومسح دموعهم ، ومن من شيوخ امتنا حث الناس على جمع قافلة خير
تسير من ارض العرب لتعبر حدود سايكس بيكو ، وتوصل لابناءالشهداء شريان الحياة بعد
ان ضحت تلك الاسر بمعيلها , وفقدت اليد الحانية التي كانت تخاف الله في تربية
ابنائها ، فاختارها الله صفوة الى جانبه .
ان
اسر شهداء مرمرة تركهم لنا رسول الرحمة امانة كآل جعفر ، وقد اولم لهم رسول الرحمة
طعاما لانهم مكلومون ، فمن من امتنا اولم لابناء جعفر المسلم التركي ، والفلسطيني
والعراقي والافغاني وغيره ، اما آن لمن بقي من اهل الخير في امتنا ان يولموا لآل
جعفر اسوة بسيد البشر فيكون لهم قوافل خير كبيرة تعيد علاقات الاخوة للشعب الواحد
في الطرف العربي والتركي ، وان نترك مالاردوغان لاردوغان وماللقادة للقادة العرب ،
وتكفينا من اعمال الخير نخوة الشهداء تتعانق مع نخوة الكرام.