إنسان اليوم وقرود
وليد رباح /الولايات المتحدة الأمريكية
أبديت اعجابي بقرود ( البابون) عندما كنت في زيارة لافريقيا صيف عام 1975 .. ولمن لا يعرفه فقرد البابون من اشرس انواع القرود .. يسمح لك بكل ما تفعله سوى ان تلقي اليه نظرة احتقار .. او تلقي لزوجته نظرة اعجاب .. عندها فقط .. تشعر ان الدنيا قد كشرت عن انيابها وغرستها في لحمك حتى تستلقي على ظهرك الما ووجعا وصراخا .وقرد البابون فيه ايضا ميزة عجيبة .. فان نظرت اليه نظرة لا تعجبه ادار استه اليك ورفع رجله اليمنى وبال عليك برشاش كأنه رصاص بندقية .. فيصيبك رذاذ البول الذي يتميز برائحة نفاذة حتى تبتل ثيابك .. ثم يتركك وهو ينظر اليك شزرا وكأنك جنيت على نفسك ..ومن ميزات قرد البابون الاخرى انه يتزوج زواجا لا ينفصم .. اي زواجا ابديا .. ولا يستبدل زوجته الا عندما تعشق قردا آخر او تخونه مع فصيلته او ( غير فصيلته) كما ان القردة لا تبدل ( قردها) الا اذا رأته ينظر الى قردة اخرى نظرة اعجاب .. عندها فقط تقوم الدنيا ولا تقعد .. يمزقان لحم بعضهما ثم يحتكمان بعدها الى ( ملك القرود) الذي يحكم بالفصل او بالبقاء .. ولا يظنن القارىء انني اجدف او اتحدث هراء .. فانت اذا ما سألت اي انسان من قبيلة الموزالي في زائير التي تسمى اليوم الكونغو .. تحدث اليك بما يشبه العجب عن وفاء قرد البابون لزوجته .. او وفاء زوجة قرد البابون لزوجها .. وتلك ميزة فضل الله فيها القرد على الانسان .. لاننا لا نجد هذا الوفاء عند الانسان .. ففي عالم الانسان .. فان الرجل الشرقي حتى وان كان متحضرا يعتبر المرأة ( الشرقية ايضا) متاعا او بعض متاع .. ويفرق في التعامل بينها وبين الاجنبية سواء كانت امريكية او غير ذلك .. وحجته في ذلك ان الامريكية تفهم حقوقها جيدا .. وتطالب بان يشارك الرجل في اعمال البيت .. ويقوم الرجل بهذا الامر عن طيب خاطر حتى يثبت لها انه ( متحضر ) وانه يعامل زوجته كملكة في بيتها ..وعلى الجانب الاخر .. فان العربي اذا ما اراد أن يتزوج من عربية فانه يبحث عن جذورها واصولها وفروعها .. وهل نظرت من النافذة الى ابن الجيران ام لا .. هل كان لها تاريخ في العشق ام انها خام لا تعرف شيئا .. في وقت يعلم فيه ان الاجنبية قد مر على جسدها قطار سكة الحديد ولكنه يتجاهل هذا الامر .. ويقول لها عندما ( يضحك على ذقنها ) انه لا يلقي بالا للتاريخ .. وانما تهمه ( الجغرافيا) .. فالانسان حر فيما يصنع قبل الزواج .. اما بعده فيجب عليها ان تكون ملتزمة به .. ومن هنا فان ازدواجية التعامل بين المرأة الامريكية او الاجنبية والعربية .. تلزمنا بان نقول ان الانسان العربي الذي يريد ان يتزوج من اجنبية مريض نفسيا .. اذ انه يحاول معالجة مرضه بالكذب والنفاق والدجل ورؤية الوجه النظيف في وقت يعامل العربية اذا ما تزوجها بالكثير من القسوة مع ان هنالك فارق كبير في ادارة البيت الذي يكونانه سويا ..فالمرأة العربية .. رغم انها تقدم خدمات لزوجها وبيتها واطفالها وتلتزم بهم وتفعل المستحيل لكي يكون البيت سعيدا .. تلقى الاهمال من زوجها .. اما المرأة الامريكية الذي لا يهمها هذا الامر كثيرا .. وقد اكون مخطئا في بعض الحالات .. فانها تضع نفسها ندا للرجل .. وهذا ما لا يعجب الكثيرين فيضطرون للخضوع لرغباتها لمصلحة يريدونها .. فهي اما تريد اعطاءه الاقامة الدائمة .. واما ليثبت لها تحضره .. او خوفا من سطوتها فهي تقاسمه في كل شىء عند الطلاق .. او اعجابا بشعرها الاشقر او الاحمر وبشرتها النقية الصافية .. او مباهاة لدى اقاربه واصدقائه في الوطن من انه تزوج ما يعجز اتخن ( مختار او عمده ) عن الاتيان باجمل منها .. او لانها تساعده في العمل فترفده ببعض النقود .. او انها تتحمل مسئوليات البيت معه اقتصاديا .. او لانها من اهل الوطن وهو غريب عنه .. كل ذلك يعتبر احد الاسباب الموجبه لهذا الزواج غير المتكافىء .بعد كل ذلك .. قد تسألونني عن الشبه بين انسان اليوم وقرود البابون .. فقرد البابون كما اسلفنا يغار على زوجته ولا يسمح لاحد بالنظر اليها .. اما العربي الذي يتزوج من اجنبية ( وهذا لا ينسحب على الجميع ) فانه يرافقها الى البارات ومراكز اللهو ولا يجد غضاضة في ان ترقص مثلا مع من لا تعرفه ولا يعرفها .. بحجة التحضر ومحاكاة العصر لكي يثبت ان نظرته للامور متساهله .هل رأيتم في مجمل حياتكم قردا يراقص قردة قرد آخر .. وهل رأيتم في حياتكم قردا يتخلى عن زوجته لمجرد جنسيتها انها تتبع غابة اخرى .. فنحن نعيش في هذا الزمن عصر الغابات .. فالزوجة الاجنبية ممهورة بالحب والعطاء .. اما العربية التي تشقى وتتعب وتلتزم باطفالها وبيتها وتفعل الاعاجيب لارضاء زوجها فانها مقهورة حتى العظام ..