رحم الله دكتورة رشيدة
د. انتصار شعيرر
الإسكندرية ـ مصر
من أجمل معاني الحياة أن تكون صاحب مبدأ , وإن تكالب ضدك البشر , ورغم صعوبة المواقف وشدتها فعليك ألا تحيد عن هذا المبدأ , لأنه يعتبر بالنسبة لك قضية حياة..
وهكذا رأيت دكتورة رشيدة أستاذة الفارماكولوجي فى كلية الصيدلة في الثمانينات رحمها الله وطيب ثراها , وقفت المرأة وقفة الإنسان صاحب المبدأ بجانب أحد طلابها الذي لا تربطه بها أية صلة قرابة أو معرفة سابقة أو حتى اتفاق فكري , الصلة الوحيدة التي بينها وبينه أنها أستاذته في الجامعة , وذات يوم اعتقل أمن الجامعة هذا الطالب ، في ذلك الوقت لأسباب شبيهة بما تعودنا عليه منذ أن وطأ حرس الجامعة حرم الجامعة بقدميه , غضبت الأستاذة رشيدة لما حدث غضباً شديداً ، ووقفت أمام الجميع بما فيهم عميد الكلية وقالت للجميع : ’’ ابني لازم يرجع ’’ . ولم يستطع أحد أن يثنيها عن هذا الطلب سوى عودة زياد زميلنا الذي اعتقله الأمن فى نفس الليلة إلى أهله سالماً .
واليوم ماذا حدث أيها السادة .. هل عجزت الأرحام أن تلد أمثال دكتورة رشيدة ؟ لماذا كل هذا الظلم الواقع على أبنائنا في الجامعات على مسمع ومرأى من جميع المؤسسات الحقوقية والجامعية ولا نجد حراكاً حقيقياً من أي مسئول لرفع الظلم عن أبنائنا الطلاب , والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن أن يوافق عميد الكلية ــ الذي يعتبر فى مكانة الأب لهؤلاء الطلاب ــ أن يعتدي البلطجية التابعون للأمن على أبنائه أمام عينيه ، ثم يُعتقلهم زبانية الأمن ، ويزج بهم في السجون , بل ويعاقب بعضهم بالفصل ، ويحول بعضهم لمجالس تأديب تهددهم في مستقبلهم .
سيدي الأستاذ الفاضل العميد :
الجامعة بيتك وبيت أبنائك الطلاب ، ومهما كان الاختلاف في وجهات النظر بينك وبينهم فهم في حمايتك طالما أنهم تحت قبة الجامعة , حاورهم .. ناقشهم .. اترك لهم حرية الرأي ولن تجد منهم إلا كل خير .
ارحم لوعة أم ربت ابنها على حب الخير ومساعدة الناس والعطاء للمحروم , ربته على أن يكون رجلاً في كل شيء , ورسمت له في خيالها أحسن صورة , فإذا بها تفيق من حلمها لتجده خلف القضبان ظلماً وافتراءً , إنه لم يعتد على حقوق أحد , ولم يظلم أحدا , وكل ما أراده أن يكون إنسانا .