وداعا أيتها الخطيئة

هيثم البوسعيدي

سلطنة عمان - مسقط

[email protected]

الخطيئة جزء من التكوين الذاتي للإنسان، وشكل من اشكال التمرد ضد وصايا الخالق، وسبب قوي لتلويث طبائعنا الداخلية وأمزجتنا الخفية، كما أن صراع الإنسان مع الخطيئة يعتبر المقياس الحقيقي للنجاح والفشل في قطار الحياة.
فهل توجهنا إلى الصدور بهذه الأسئلة وهل قرعنا ابواب القلوب بهذه الخواطر: هل سننجح ونجتاز هذا الأختبار أم أننا سنفشل ونعيش في شباك الخطيئة ولوعة المعصية؟

والمهم أن الخطيئة تكشف لنا حقيقة الحياة، فهي صراع مرير بين مسببات الخير ومصادر الشر، فإما أن ننزلق إلى الهاوية وإما أن نبحر في سفينة النجاة نحو بر الأمان، عند ذلك تنكشف حقيقة العقول فإما عقول مظلمة وقاسية وإما عقول تنتعش بالنور وتستظل بالإيمان.

وكما أن الخطيئة تجلب المال والسلطة والمنفعة واللذة والمتعة، فهي في المقابل سبب قوي لتعطيل الطاقة الكامنة في الذات الإنسانية وعامل رئيسي لانقطاع حبل الود بين الروح والسماء مما يدفع باتجاه تقليص نور البصيرة بين جنبات القلب وإزهاق قدرات العقل وتبديد مواهب الجسد.

أيضا فإن آثارها العميقة تبدو ظاهرة في حياة الإنسان من خلال ظلمة القلب وعدم انشراحه وابتلائه بالمصائب وكثرة المشاكل وقلة التوفيق مما يدفع النفس الغارقة في بحور المعصية وأنهار الذنوب في فترات لاحقة لاستقطاب خطايا وسلبيات ومعاصي من نوع آخر.

أما محاربة الخطيئة والفكاك من قيودها الصعبة ليس بالأمر المستطاع لأهل التخاذل والهمم المتواضعة لأن تجاوز هذه المحنة يتطلب الاستعانة بالقوة الكامنة في الذات ويفرض أسئلة متكررة: هل من السهولة اكتشاف ذلك؟ هل من البساطة تخطي كل الحواجز؟ هل من اليسير إزالة عشرات العوائق؟ متى سيصل الفرد إلى جسر النور الذي سينصره على ذنوب الخطيئة؟

لأن الخلاص من هذا النفق المظلم يظل صعب للغاية إذا أصبحت النفوس ضعيفة والعقول مشتتة وهي تنظر إلى الخراب الذي خلفته الخطيئة في تصرفات الذات الانسانية الداخلية والخارجية وتأملت مقدار ما ارتكبته من فضائع وما افتعلته من مآسي.

تلك الحرب القادمة في الذات الإنسانية تتطلب جهوداً جبارة وأسلحة فعالة وهمماً عالية ومقاومة شرسة ربما تستغرق أزمنة طويلة.

ولن يكون توديع الخطيئة سهلا ولن نستطيع الافتخار بمقولة “وداعا أيتها الخطيئة” دون تقديم تنازلات كثيرة وإنفاق طاقات هائلة وبذل تضحيات كبرى في هذا الصراع المعقد والحرب الضروس حتى تتخلص العروق من نجاسة الخطيئة وفضاعة الشهوة وقبح المتعة لأن ذلك سيسفر عنه في النهاية اطراد في نسب الفضيلة وتناقص في أحجام الخطيئة مما ينعكس إيجابا على تصرفات النفس وأفعال الذات.