حوار تسوية... ليس تسلية
وهيب الصانع
كاتب وباحث - اليمن
إذا كان البعض ينظر في نهاية كل التقاء ،وصفة سحرية، تقدم له العلاج المؤكد، لتحقيق أفضل نتائج ،ممكنة في أي حوار.
ربما يكون هناك خطأ ما، نأمل ألا نقع فيه ، حيث أننا نعتبر كل جزء في مرحلة الحوار ،لا يمكن الاستغناء عنه.
ينبغي علينا أن نجعل من تلك النتائج السابقة بالغة التعميم ويمكن توظيفها فقط، لحلول استرشادية.
لذا: يمكن القول أن الوصفة السحرية ليست مطلقة أو مضمونة بشكل كامل قد ثبتت على مر العصور أن الوصفة في عالم السياسة، أمر غير وارد ولا مستحب في الوقت نفسه .
وإنما هي بمثابة الخطوط العريضة الاسترشادية ، التي تجعل أطراف الحوار ،أشمل وأكثر نجاحاً. أن الأبعاد الأساسية التي ترتكز عليها هذه المرحلة، أو قد نسميها الظاهرة ( الحوار ) أنها شديدة التعقد، ومتعددة الأبعاد، وأن التحليل النسبي لأبعاد ومكونات عنصر القوة، لا تعد هي المفتاح الحقيقي، لبلوغها الأهداف و الغايات ، وليس المفتاح السحري .
إن فهمنا تلك الأمور، وتوصيف المهمة، والدور، يجعلنا أكثر عمقاً، وشمولاً، لهذه الظاهرة التي من شأنها تحقيق أفضل النتائج الممكنة .
لذا: فإن فهمنا الادراكي لأهمية المهمة و الدور يجعلنا نمعن النظر، ونتريث قبل البدء والشروع ،لأي عملية حوارية .
فإن ميزة الاحترافية للمحاور أو المفاوض توصله إلى تحقيق مصالح جماعة ،أو بلاد، بشكل أفضل , والناي بها عن تلك الأخطار و الكوارث التي قد توصلهما إلى ما لا يحمد عقباه.
فلابد من الإشارة هنا إلي امرأ هما وضروري يتعلق بنجاح التسويات والمفاوضات وهي تلك المصفوفة
من شروط ،و خصائص ،وسمات المحاور المحترف، والمتمثلة بالقدرة على التحليل الدقيق للمشكلة، محل الحوار، والتحديد الدقيق وتفصيلي للأهداف . وصياغتها باعتبار كافة أبعاد الموقف الداخلي ،واستطلاع آراء كافة اللاعبين الوطنيين الآخرين ، وأن يتحلى العضو المحاور بالصبر والتحمل والقدرة على التواصل في إطار الفريق أو المجموعة و الطرف الآخر.
أن أهمية التركيز الانتباه والفهم الدقيق لنوعية المهمة و أهدافها ومناورات الأطراف الأخرى، وكذا أن إدراك العمق الشامل للتواصل إلى أشكال السلوك الحواري لطرف أو الأطراف الأخرى .
و استلهام التجارب التاريخية .
ومن النصائح التي ينبغي الأخذ بها تجنب الأحكام المطلقة والرؤية الضيقة ،الغير شاملة للأمور والبعد عن التعميم وجعل الموضوعية هي أبرز سمات هذه الظاهرة.
وفي حالة التوصل إلى صيغه ومبادئ عامة للاتفاق بين شركاء اليوم ،وخصوم الأمس، يعد أمر ضروري في أغلب الأحيان ،قبل تتويج الاتفاق النهائي على التفاصيل . أن في هذه المرحلة يسودها اللجوء إلى الغموض استبعاد البعض لبنود أتفاق أكثر من مزايا عدم الاتفاق .
ويمكن القول أن المحاور ( المفاوض) الجيد و الماهر الذكي هو الذي يفسح المجال للطرف الآخر للحديث ،وليس الذي يقضي على فرص الحديث والحوار معه مستقبلاً . وهذا الأمر يعد صعباً في مثل هذه الأيام في ظل ثقافة الأقصى والاجتثاث للأخر .
أن الإبقاء على خطوط اتصال، ولو ضعيفة ، أفضل بكثير من قطع كل الخيوط ، تعقد العلاقة المستقبلية بين الطرفين أن عالم السياسة و الإدارة والتفاوض يمنح الفرص لمن يعد ملفاته وأوراقه بشكل دقيق وصحيح ويحدد أهدافه بوضوح ويصنفها ويرتبها وفقاً لأولوياته . و من ثم ينتقي أدواته بعناية فائقة بما يتناسب مع أهدافه .
فليس هناك أسلوب نظري، وأخر عملي، وليس هناك أسلوب علمي، وأخر غير علمي، إنما هنا طريق واحد فقط للنجاح ،في أي حوار، هو طريق واضح لمن لديه الرغبة، والقناعة التامة، والإرادة الكاملة للسير فيه.
لابد من النظر إلى هذه الظاهرة على أنها أخر أساليب التسوية، وليست فصلاً من فصول مسرحية هزلية عبثية الغرض منها التسلية وتضيع الوقت ... ! !