القوي يفرض قانونه ويشن حروبه

د. عناد السرخي

 يطلق على عمليات قوى المقاومة الوطنية بالمفهوم اللوجستي حروب الثورات الشعبية ،وهي من ظواهر القرن التاسع عشر التي عرفت في اوروبا على نطاق واسع.الا انها قد سجلت اعتراضين اساسيين في اسلوبها .الاول سياسي ،اذ يعتبر هذا النوع من الحرب وسيلة ثورية وحالة فوضى قانونية ،هي اكثر تهديدا للنظام الاجتماعي للبلاد منها للعدو.والثاني عسكري حيث ان مايتحقق عنها من نتائج لا يعادل ولا يتناسب مع ما انفق وبدد من اجلها من طاقات .لا يعنينا الاعتراض الاول ،حيث خرجت الحالة الفلسطينية عن منظومة الدولة عندما انطوت قوى الشعب الفلسطيني تحت لواء منظمة التحرير ،التي تعتبر حركة عصيان مسلح بصفته وسيلة من وسائل الحرب ،بل نؤكد على ان الثورة الشعبية عموما هي تنامي للطريقة التي تجاوزت الاساليب والحواجز التقليدية في ايامنا هذه ،بفعل وقوة عنصر العنف بالحرب ،فهي توسيع وتكثيف لعملية الفوران الهائل الذي يعرف بالحرب ،التي اضافت قوة مميزة للطرف الذي استخدمها اولا ،مما يعني ان اسلوب حرب العصابات قد دخل كعنصر اساسي في الجيوش النظامية وتشكيلاتها تحت مسمى القوات الخاصة او الكوماندوز .

تشهد الحالة الفلسطينية على نحو ما ذكرت تناقضات حادة في المفهوم شكلا ومضمونا ووسيلة ،اذا اخذنا بعين الاعتبار تعريف السلطة ذات الولاية الجغرافية ،على انها كيان سياسي معترف به دستوريا.هذه السلطة التي يفترض ان تدير نشاط قوى الامن فيها حسب تشكيلات الجيوش المحترفة، وبموجب قرارات سياسية تلبي مصلحة السلطة، ومن تمارس عليهم ،ولو كان الامر كذلك في الواقع لكان من البدهيات انهاء قوى المقاومة الشعبية لصالح قوى امن السلطة الجديدة ،وما كان بذلك لينشأ هذا الصراع حول ما يسمى بانفلاش طرفي قوى التحرير والامن الفلسطيني.نحن سلطة في بقعة جغرافية محددة ،ولا نمارس ذات الدور في منطقة اخرى ،والاهم من ذلك افرازات ما يسمى بالاتفاقات الامنية بموجب الاتفاقيات الموقعة،وبين ما تراه اسرائيل من حقوق دفاعية لها ،والى ما نعرفه بحقوقنا الشرعية في الرد والمقاومة ،وما نصفه احيانا بعمليات مقاومة عبثية لا تخدم شعبنا وقضيتنا .

ان هذه الحالة من الفوضى القانونية تعني دون شك المس بأسس الانسجام الوطني على الصعيدين الشعبي والمقاوم ،والتي قد تؤدي الى اوضاع كارثية كما هو الحال في واقع غزة ،وما قد تكون عليه اوضاع السودان مستقبلا والعراق حاليا ،حينما يجزأ الوطن الام لصالح قوى تحررية او انفصالية تسعى لأي سبب من الاسباب الانعتاق عن الوطن، وتشكيل كيانات واقاليم مستقلة .ورغم حقيقة اختلاف الحالة الفلسطينية عن غيرها بكل المقاييس ،الا ان ما يجمعها مع كل الحالات الاخرى هو حقيقة ترهل النظام السياسي الذي غالبا ما يفرز قوى تمرد وعصيان ،واخرى تعرف على انها قوى ادارة واستئثار في السلطة ،ولدى اشتباك كل تلك القوى في ساحة المواجهة ستكون الفوضى سيدة الموقف.

عموما تثير قوى التحرر او التحرير اشكالات سياسية وقانونية واخلاقية غاية في التعقيد ،فمنها ما حظي باعتراف دولي كما هو حال منظمة التحرير الفلسطينية ،التي دخلت النظام السياسي الاقليمي والدولي كاطار يمثل الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، ويعمل على انجازها بوسائل سياسية وعسكرية .قوى اخرى تنطلق من مبدأ الانعتاق والتحرر المدني والقانوني من السلطة الحاكمة لأسباب سياسية،اثنية او ايدولوجية،تلك القوى التي تلجأ الى العنف بهدف المس بالنظام القائم ،وهي غالبا ما تكون مدعومة من اطراف خارجية ذات مصالح مختلفة في الاقليم التي تدور على اراضيه عمليات الأشتباك ،وفي أي من اشكال هذه القوى ،فانها جميعها تسعى لنيل الاعتراف الدولي والانطلاق من مبدأ تأسيس حليف داعم وثابت يعزز قدرتها على المقاومة، ويدعم شرعيتها النضالية او السياسية القانونية.

لقد بنيت الاستراتيجيات العسكرية في الدول على اسس علمية لوجستية تطورت لاحقا الى مفاهيم وقوانين ونظريات ،من شأنها احتواء ما يقابلها من اشكال المقاومة والعنف، والرد عليها بوسائل عسكرية وسياسية ،قانونية واقتصادية شاملة،طالما لا تواجه هذه الدول عدوا على شكل دولة ،وبصفته عدو استثنائي غير عادي ،ما يجيز للأنظمة الرسمية انتهاج اسلوب الحرب الشاملة غير العادية ازاء عدو مفترض غير قائم بوصفه عدو كائن،انما بحالته التي تعبر عن اطار يمثل الارهاب والعنف غير المبرر ،بدعوى تهديد الأمن والاستقرار الاقليمي او الدولي ،كما في حرب الولايات المتحدة ضد ما تسميهم بالجماعات الارهابية.

لم يعد مقبولا في منظومة الدول الحديثة الاقرار بمبدأ المقاومة العنيفة لقوى او جماعات لا توصف بقوات او تشكيلات مسلحة غير تابعة لجيوش احترافية تحت مظلة دولة ذات سيادة دستورية،ما يؤكد على ان حزب الله كحركة مقاومة شعبية بموجب اعتراف الدولة اللبنانية  ،حركة غير مقبولة في المنظومة الدولية الجديدة ،شأنها شأن كل حركات المقاومة الوطنية في فلسطين وغيرها ،وما الشرعية الوطنية او الاقليمية التي تحظى بها هذه الحركات ,الا تجاوزا للمنظومة الاستراتيجية العسكرية والسياسية الحديثة وخرقا لها ,مما يعني ان اية أجراءات سياسية او عسكرية او اتفاقات لا يمكن ان تتم بشكل رسمي بين دولة ذات سيادة ،ومثل هذا النوع من الحركات ،انما يتم تجاوز ذلك من خلال الوساطات الدولية التي يغلب عليها الصفة شبه الرسمية ،كما في ترتيبات وقف اطلاق النار مع منظمة التحرير وحزب الله وصفقات تبادل الأسرىالتي تمت معهما.

ومع كل هذه الاشكاليات والارتباك التي تسببه حركات المقاومة الشعبية ،باعتبارها حالة فوضى قانونية ،فقد عكست اثارا وابعادا عميقة على النظرية الاستراتيجية الحديثة ،التي تطورت الى منظومة تقوم على اساس فرضيات سياسية لا مجال لحسمها ايجابيا ،الا باسلوب العمل العسكري غير العادي في مواجهة عدو استثنائي غير معرف، انما بوصفه جماعة ارهابية او قوى الشر وخلافه،مما يعني عمليا اختزال صفة دولة ذات سيادة لتصبح مجرد قوى معادية او شريرة ،تهدد النظام والسلم العالميين مما يجيز شن الحرب على تلك الدولة ذات الوصف الجديد ،دون اسباب منطقية تستدعي شن الحرب عليها.

موضوع السلم العالمي اصبح ما بعد الحرب العالمية الثانية شأن الدول المنتصرة في الحروب ،عندما قامت تلك الدول بصياغة المبادئ والقوانين، وأسست المنظمات والهيئات الدولية ،فهي اذا قوانين الاقوياء وحقوق المنتصرين التي يقع الضعفاء على هوامش معادلاتها وشرعنتها للحقوق ،وهي عمليا هيئات تجسد الاليات الادارية والقانونية والسياسية المختلفة ،التي تضمن اذعان الضعفاء، وتلبيتهم المستمرة لمصالح الاقوياء الذين منحوا لأنفسهم حق ادارة العالم وفق مصالحهم واهدافهم الخاصة التي تم تشريعها بموجب ما صاغوه من قوانين وضوابط واحكام .وفي هذا الشأن تحديدا تكمن مشكلة الضعفاء عندما اعترفوا بهذه المؤسسات والمنظمات الدولية بوصفها الأطر التي تضمن لهم الحد الادنى من الحقوق في مواجهة الاقوياء ،بينما اجاز الاقوياء لأنفسهم حق الخروج على ما تم تشريعه من قبلهم ،بموجب الفصل السابع الذي يسلب من الضعفاء حق استرداد حقوقهم بحماية القوى الدولية الشرعية،هذا الخروج والتجاوز الذي مكن اسرائيل  من استمرار احتلالها للاراضي الفلسطينية والعربية،على عكس المواقف الدولية على الساحة العربية.

من المحزن بمكان انه وفي ظل هكذا انفلاش قانوني دولي ،باتت بعض الانظمة تجيز التدخلات العسكرية الدولية في حسم ومواجهة قوى وجماعات على اراضيها ،كما حصل في اليمن والصومال وباكستان ،متى اجازت هذه الانظمة لنفسها الدخول في تحالف مع تلك القوى الدولية في مواجهة ما يسمى بالجماعات الاصولية، وبهدف حماية تلك الانظمة ،طالما دخلت في دائرة الحليف العسكري مع القوى المناهضة للأرهاب بدعوى ضمان السلم الدولي وتعزيزه.لقد اصبحت ساحة المعركة مختلفة في حدودها ،تبدل الاعداء التقليديون ،وبدت الاهداف غير واضحة ،تعززت انماط السلوك العدواني للدول ،وبدأت الحروب تأخذ اشكالا مختلفة ،فهي ليست جبهات قتال ولا مسرحا لمواجهة تشكيلات عسكرية معروفة ،بل اعمال غير مألوفة او مستنبطة الى حد بعيد من مدى اختبار القوة وقدرتها على حسم المعادلات والمصالح السياسية والاقتصادية باسلوب الحرب ،الذي اصبح اشبه ما يكون بحرب دولة العصابة ،عندما تفردت امريكا بقيادتها للعالم واخذت على عاتقها ترتيب شؤون الدول فيه.

لا تشن الحروب عموما لأسباب اخلاقية من حيث المبدأ ,وان عبرت عن اهداف وصياغات تقع في اطار الاخلاق بدعوى اجتثاث الانظمة الدكتاتورية او رفع الظلم عن الشعوب ،انما هي حروب محورها المصالح وهدفها الموارد.وحتى تكون مبررة ومقبولة لا تقع في اطار العمل العدائي قانونيا ،فهي غالبا ما تشن بطلب او شراكة من عناصر او قوى تقع في ذات الاقليم ،الذي يفترض ان تدور رحى الحرب على اراضيه ،لذلك فحروب اليوم تنطلق من مبدأاحداث تغييرات جوهرية في المفاهيم والانظمة والمصالح الى درجة التشابك المذهل فيما بينها ،هذا المستوى غير العادي الذي من شأنه ان يجتث عقائد الشعوب ،متى صدموا في حقائقها وتفاعلاتها التي لا تقف عند حد معين متى كان سلوك من تشن عليهم الحروب خروجا عن المألوف والطبيعي ،عندما يكونون حلفاء لقوى الاحتلال والتدمير في وطنهم الأم كما يحصل الان في العراق وافغانستان.

وبما ان الحروب الحديثة هي اعمال عدائية غير عادية بغض النظر عن اهدافها ،فهي دائما ما تؤدي الى نتائج غير متوقعة واستثنائية في طابعها وتطوراتها ،تتعدى دائما مدى الاهداف المرجوة منها، ولا يمكن ضبط تفاعلاتها،ما دامت تسعى لحسم مسائل تتعلق بالسلوك والعقائد،ممايعني ان اتجاهاتها وافرازاتها قابلة لتغيير مستمر من شأنه ان يحدث انقلابات حادة غير متوقعة،لأن حروب اليوم لا تشن لتحقيق انتصارات او احداث هزائم ،ليست باحتلال اراض او استعمار تقليدي،انما لتغيير اوضاع وانجاز جملة من المصالح في عالم أخر معزول التأثير نسبيا عن محيط الدولة المعتدية.انها اشبه بعمليات عسكرية واسعة ومن ثم الانسحاب من دائرة المعركة التي تصبح اشبه ما تكون بمستنقع مليئ بالاوبئة.

انه من السذاجة ان نعتقد على ان القوى العظمى تسعى لتحقيق انتصارات عسكرية ،او الحاق هزائم، بل يقع الامر في حقيقة ضمان هيمنة الاقوياء واستمرار ضعف وشرذمة الضعفاء في عمليات تركيع مستمرة ،وما دام الامر كذلك فان ادوات الحرب ووسائلها لم تعد استعمالا للقوة على نطاق واسع،بل اصبحت تتجه الى مسارات اخرى ،فبدلا من دعم حركات التحرر الشعبي وقوى الانفصال والمقاومة،التي دائما ما تفلت من عقالها وتنقلب على صانعيها،كما هو حال جيش المهدي في العراق،والدعم الامريكي لطالبان في مقاومة الاحتلال السوفيتي لأفغانستان في آواخر سبعينيات القرن الماضي ،فقد اتجهت قوى الاستعمار القديم الى الاستعاضة عن كل ذلك بنموذج منظمات العمل الجماهيري، ومؤسسات المجتمع المدني ،بهدف استحداث ظروف وترتيب اوضاع جديدة ،بمنطق جديد وفلسفة معاصرة هي اشبه ما تكون بالحروب، ولكنها ليست كذلك ،طالما كانت ادواتها الاموال والمخططات والعقول التي تهدف الى اجتثاث عقليات الحرب الباردة ،هذا الصراع والشكل الذي تعمل اوروبا على قيادته في المنطقة والذي يحقق نجاحات واضحة.

ان المنطقة العربية تشهد اليوم تغييرا منهجيا وشاملا في كافة مناحي الحياة .لم يعد حكام المنطقة قيادات مطلقة قادرة على ادارة شؤون بلادها في غير ما خطط لها من مسارات،فقد اصبحت تدار شؤوننا بفلسفة جديدة وبروح واداء مؤسسة الحكم والادارة الشاملة ،التي تتلمذ كوادرها على ايدي اصحاب تلك الفلسفة الجديدة ،التي بدأ يتكون معها في منطقتنا محاور وتحالفات جديدة، قربت الى حد بعيد بين الاقطار المتنافرة فيها ،فمن دخل في هذا الاطار كتب له الخير القليل والا دك بنيانه وهدمت اصوله لصالح من يدعم هذا النهج الحديث .

لقد وجدت اسرائيل لنفسها مكانا دقيقا على الخط الفاصل بين مساري هذه المنظومات اللوجستية السياسية الجديدة .بين واحدة ترى ان احداث التغيير المطلوب لا بد وان يكون من خلال اعمال حربية مدمرة ،بهدف خلق حالة من الفوضى "الخلاقة" التي لا بد وان تنتج حالة جديدة ،والا استمرت الفوضى بما يخدم مصالح اصحاب هذه النظرية،واخرى منظومة تسعى للوصول الى ذات اهداف الاولى بوسائل التطبيع الثقافي الخلاق، هذا المنحى الذي من شأنه ان يحدث ثورة فكرية وعقائدية في السلوك والاتجاهات ،بما يضمن مصالح العالم المتحضر ،طالما كانت كلفة هذا المشروع هي اقل من كلفة الحرب ،وكانت ادواتها ووسائلها تقع في خدمة موضوع التغيير متى كان محورها الدولار مقابل المدفع، وحياة الانسان بفكر جديد مقابل قتله واجتثاث عقائده.بهذا المنطق دخلت اسرائيل منظومة العالم المعاصر كشريك فاعل  وكاداة مهمة لاحداث تغييرات فيه، والثمن الذي ستدفعه اسرائيل مستقبلا مقابل هذه الشراكة هو حل اشكالاتها مع الدول العربية وجماهيرها في اطار مشروع سلام معقول يلبي الحد الاقصى من الطموحات الاسرائيلية،والمستوى الادنى المقبول عربيا.الا ان هذا المشروع الشامل والمتعدد الاطراف بحاجة الى تسويات ومقدمات تفوق قدرة اسرائيل على حسمها منفردة،الامر الذي يعني ان الموضوع اللبناني والسوري والايراني تحديدا يقع في اطار حصة الشركاء الدوليين وحلفائهم في المنطقة ،في حين تبدأ اسرائيل بحلحلة المسألة الفلسطينية كمقدمة متوازية مع الفعل الامريكي والاوروبي تجاه حسم الملفات الاخرى.

الحروب وكما هي العادة لا تحدث فجأة، ولا تشن دون مبررات واهداف عبثية ،انما هي سلسلة طويلة لمجموعة اهداف ونظريات تقع في حدود السياق التاريخي الاخذ في التطور بأشكال ومضامين مختلفة،فالحرب بأشكالها افراز معقد لا ينبغي ان يجري تجسيدها في حدود النتائج بين غالب ومغلوب ،بل في حقيقة فهم تفاعلاتها واحداثياتها ومسار عملياتها ،فلو ادركنا فهم ذلك لتمكنا على الاقل من تخفيف اثارها المدمرة ،وتمكنا بدلا من ذلك الفوز بأقل الخسائر على هامش ارباح المتصارعين.ما يحدث في منطقتنا العربية على ضوء ما ذكر يثير الاشمئزاز بكل المقاييس .تيارات تتجه الى الانفتاح المطلق على كل ما تظنه تقدميا وتحررا الى درجة الانسلاخ البشع غير الاخلاقي عن منظومة قيمنا وعادتنا الحضارية والعقائدية،واخرى تيارات تغالي في التشبث بأصولها العقائدية الى حد الاصولية التكفيرية ،وتيار تجريبي ثالث بروحه العلمانية او الاسلامية الذي يجري العمل على اقصائه من قبل مؤسسة الحكم والادارة الشاملة بروحها الجديدة في منطقتنا،ومن ناحية اخرى يواجه هذا التيار معركة حقيقة مع الاصولية المتشددة ،كما هي حاله مع تيارات الانفتاح والتطبيع ومؤسسات المجتمع المدني التي اصبحت تعبر عن قوى التغيير الجديد كبديل لقوى التحرر والمقاومة ،وما دامت لغة الحوار والحرب اصبحت لغة مادية في جوهرها ، تحكمها المصالح على اختلافها، مما يعني قدرتها على اذهاب العقول وشراء الولاءات وعتق العقائد والقيم ،ولا سبيل للخروج من حالتنا التصادمية هذه غير لغة الحوار الحضاري، لكن ذلك لن يحصل الا بعد تاريخ طويل من الحراك المؤلم ،وبعد كوارث لا بد وان تهز بيوتنا جميعا حتى توحدنا المصائب وبالتالي مسار الخروج منها.