مهرجان لذكرى فاجعة شارع المتنبي
شهداء شارع المتنبي 333
مهرجان لذكرى فاجعة شارع المتنبي
خلدون جاويد
توطئة لابد منها : في 5/3 /2010 ستحل الذكرى الثالثة لفاجعة شارع المتنبي " بغداد ـ العراق" وشهدائه الابرار وهم 50 شهيدا و18 آخرون لا أثر لهم !!!!!! . ان في احياء هذه الذكرى عزيمة على مواجهة الفرقة ومقارعة العنف والاعتداء الآثم والارهاب. نهيب بوسائل الاعلام بعوائل الشهداء بأصدقائهم برواد مقهى الشاه بندر بالادباء بالمؤرخين بسادة بغداد واشرافها وشعرائها وبالجمهور الثقافي عامة ، ان يتقبلوا الاقتراح باقامة مهرجان ذكرى لفاجعة شارع المتنبي واحتراق مقهاه الثقافي العريق ، والاعداد له من الآن . ولتكن مبادرة شعبية يجري التحرك عليها ومن اجل تكريم الذكرى وعوائل الشهداء كافة ، معنويا كان ذلك او ماديا ً.
كتاب الفاجعة الكبرى وصمود عراقي أصيل :
كتب الاستاذ محمد الخشالي مقدمة لكتاب بعنوان الفاجعة الكبرى متضمنا مقالات مهمة وقصائد وصورا لشهداء شارع المتنبي . واذ اتمنى ان يعاد طبع هذا الكتاب المؤثر فاني انحني اجلالا امام هذا الرجل الكريم الذي فقد اربعة ابناء وحفيدا ! واني لفخور بكتابة قصيدة لي عنوانها : "اضحى بدجلة لايسيل الماءُ ... بل ادمع دفـّاقة ودماءُ " . لقد هزنا الحدث بوقتها مثلما هزتنا احداث وفواجع عراقية لا نظير لها في التاريخ ، كما اني فخور اكثر بتوقيعه على نسخة من الكتاب تضمن قصيدتي المستنسخة من الانترنيت : " الأخ الاستاذ خلدون جاويد المحترم شكرا لقصيدتك الرائعة التي خلدت وطنيتكم العراقية ... محمد الخشالي 23/1/2008..." . من يومها وانا اتحين الفرصة للذهاب الى هذا الطود من الرجال الذين قيل بحقهم الكثير وحقا فقد اعجبتي كلمة للدكتور محمد احمد صالح كاتب مقالة في ذكرى الشهداء : " لا استطيع الاّ ان اقف مبهورا امام الحاج محمد الخشالي ، فهو رغم عظم الرزية وكبر المصاب ، وقف كالجبل صابرا متحسبا مؤمنا بالله الكريم ، يستنبت الحياة بين الرماد ويعيد بناء ماتهدم من اشياء حوله .
في زيارتي الاخيرة للعراق وفي يوم من ايام شهر نوفمبر 2009 ، ذهبنا انا وبعض الاخوة الى مقهى الشاه بندر في شارع المتنبي وكان اللقاء التاريخي الذي ارخه حضرته بلقطة فوتوغرافية تذكارية اضافها هو مشكورا الى معرض الصور في المقهى . رأيت في الرجل كما رأيت بالكثير من ابناء شعبنا العراقي الصابر ، رأيت قوة وعزيمة على مواصلة الحياة بشمم ومهابة وايمان ، ولم تلو ِ النكبات العاتية من هذا الصرح المنيف لأنه مسلح بايمانة الديني والوطني ، انه حقا رجل اقوى من الفولاذ الحامي انك عندما تجالس هكذا نوع من البشر تحس بانك في اثير مختلف انه دفء وسمو في الشخصية الجاذبة وان الكلام الذي يفوه به الرجل يجعلك تخجل من كآباتك واحزانك التي تظنها مأساة كونية ! ولقد ذكرتني حال الشيخ بالمقولة الشعبية التي تتناقلها الناس " لو عرضت مصيبتي على الناس هانت علي مصيبتي " .
ان شعبنا بكل اعراقه واديانه قد اكتوى بنار الظلم وان الدم والدمع هما ضريبتان لاينفك هذا الشعب البطل والصابر يدفعهما
على لاشيء سوى ارادات القادة المحليين والعالميين واطماعهم.
أضحى بدجلة َ لايسيلُ الماء ُ !
" الى الشيخ الجليل محمد الخشالي صاحب مقهى الشاه بندر ، الذي فقد أربعة أبناء وحفيدا ، وتعرضت مقهاه الى ماتعرض له شارع المتنبي من خراب ، اهدي هذه القصيدة ... "
أضحى بدجلة َ لايسيلُ الماء ُ
بل أدمع ٌ دفاقة ٌ ودماء ُ
والموت قبطان ٌ يقود بمركب ٍ
شعبا ً ينوحُ فجُلُّهُ شهداء ُ
لم تبق لا الزوراء سالمة ً ولا
الفيحاء آمنة ً ولا الحدباء ُ
عذرا ً"أبا الشهداء" قافيتي قضَتْ
نحبا ًومات الشعرُ والشعراء ُ
لما نظرتُ الى إهابك َمفعما ً
بالحزن مازجَه دم ٌ وضّاء ُ
أنت العراقيُّ الأبّيُ ببُرْدِهِ
نسرٌ تضيقُ بجانِحَيْهِ سماء ُ
غضِرٌ وحَوْلكَ للحرائق قلعة ٌ
تهوي، وأنت الجنة ُالخضراء ُ
يبقى العراقيّون أصلدَ صخرة ٍ
كُسِرَت ْعليها الريحُ والأنواء ُ
يبقى العراقُ كضوء ِ وجهِكَ رائقا ً
مثل الصباح وتسقط ُ الظلماء ُ
وطنُ الجراح ِعلى ذراعِكَ باقة ٌ
مقتولة ٌ مذبوحة ٌ حمراء ُ
فهنا من الشهداء أربعة ٌ قضوا
وهنا الحفيد ُ وروحُه العذراء ُ
كم أنت ياشيخ الشيوخ مدجج ٌ
وجميلُ صبرك َ قمة ٌ شمّاء ُ
صلبُ الشكيمةِ في الفواجع موطني
وابنُ العراق أصالة ٌ ووفاء ُ
روحُ الشهيد بها النجومُ تلامعتْ
وكذا فوانيسُ الظلامِ تضاء ُ
فهو البلادُ شموسُها وبدورُها
ومياهُها والنخلة ُالفرعاءُ
قم ياعراقُ فانّ حزنَك باسلٌ
ونسيغُ نسلِكَ أخضرٌ معطاء ُ
قم ياعراق وإنْ تكللّ بالأسى
وادي الدموع فأرضُك الزهراء ُ
أبناءُ وادي الرافدين مجرة ٌ
ومن المجرة تُبعث ُ الشهداءُ
ماظلّ بيت ٌ فيه دون فجيعة ٍ
ها نحن ُ بالدم والدموع سواء ُ
قم ياعراق الى السلام وضعْ يداً
بيد السُهى ولتسْلم الأرجاء ُ
فعراقنا العنقاءُ مهما حشّدوا
إرْهابَهم ْ، لن تُحرقَ العنقاء ُ
آت ٍ بعرس الكرنفال هلالُه
ودمُ الشهيد لكفّهِ حنّاء ُ
تهوي قصائدُهم ويسقطُ سجْعُهُم ْ
إن العراقَ قصيدة ٌعصماء ُ
هيهات تقوى أنْ تنالَ من السما
وضيا الأهلة ِ مومس ٌعمياء ُ
فغدا برغم المارقين نُشيدُهُ
وطنا ً به تتبسَمُ الحسناء ُ
أُمُ الشهيد غدا ستزرع قلبَها
روضاً أزاهِرُهُ سنى ً وسناء ُ
قزح الحياة وقوسُه راياتُها
لاليس تخلد راية ٌسوداءُ
آمالنا هيهات ماذبلتْ ولا
الكون انتهى أو حلتْ البأساء ُ
تبقى نضالاتُ الشعوب مشاعلا ً
ودروبُهنّ الى الحياة ِ فضاء ُ
*******
ان الابطال والافذاذ الذين يعيشون بيننا من اضراب الخشالي وعوائل شهداء شارع المتنبي كافة بل الملايين من الناس هم مدرسة بالنسبة لنا علينا ان نتعلم منهم الصبر وحب بني البشر وانقاذهم من الويلات والعمل الدؤوب من اجل منع عودة الفاشية الحاكمة بالنار والحديد . ان على المثقف ان يروج للثقافة الانسانية وان لايقعد منتظرا الحظ وعطايا الغيب بل ان يسعى في مناكبها من اجل تحقيق حلم البشرية بالتعايش والتآخي الانساني بعيدا عن الايديولوجيات الجهنمية العنصرية .
*******
تـَوْقٌ أخير : " الانسان بناء الله ملعون من هدمه " حديث شريف .